ارتفاع النفط وسط التوترات الجيوسياسية وتوقعات خفض الفائدة

  • بقلم سامر حسن

    محلل أسواق أول في XS.com

     

    يشهد النفط ارتداداً لليوم الثاني على التوالي، مرتفعاً بأكثر من 0.80% اليوم بعد أن لامس أدنى مستوياته منذ يونيو في الأسبوع الماضي.

    هذا الصعود مدفوع بمزيج من المخاطر الجيوسياسية في ضوء التوترات بين الولايات المتحدة وفنزويلا، إضافة إلى ديناميكيات العرض المرتبطة بـ"أوبك+". وفي الوقت نفسه، تضيف توقعات تبني الاحتياطي الفيدرالي لسياسة نقدية أقل تشدداً دعماً لأسعار الخام، مما يحافظ على معنويات إيجابية بعد أسابيع من الضغوط.

     

    تعود التوترات الجيوسياسية لتلعب دوراً محورياً. فقد أعلن البنتاغون أن طائرتين حربيتين فنزويليتين اقتربتا بشكل خطير من سفينة تابعة للبحرية الأميركية أثناء عملها في المياه الدولية. جاء هذا الحادث بعد أيام فقط من أمر الرئيس ترامب بتنفيذ ضربة في المنطقة استهدفت من يُشتبه بكونهم تجار مخدرات إرهابيين، وهو ما يمثل تصعيداً في الانتشار البحري الأميركي الهادف إلى وقف تدفق المخدرات وزيادة الضغط على نظام نيكولاس مادورو.

     

    ووفقاً لتقارير CNN، يفكر ترامب في خيارات عسكرية أوسع، قد تشمل ضربات داخل فنزويلا نفسها، في إطار مساعٍ أوسع لإضعاف مادورو. بينما أشارت صحيفة The Guardian إلى أن إرسال ثلاث سفن حربية أميركية إلى سواحل فنزويلا مطلع هذا الشهر أثار مخاوف من غزو وشيك، غير أن معظم الخبراء اعتبروا الخطوة رمزية تهدف إلى ترهيب الدائرة المقربة من مادورو وكسب تأييد الجمهوريين داخلياً أكثر من كونها مقدمة لتدخل عسكري واسع النطاق. ومع ذلك، فإن استمرار خطر سوء الحسابات جعل الأسواق تأخذ بعين الاعتبار علاوة سعرية أكبر للمخاطر الجيوسياسية، لا سيما وأن البلد المعني يمتلك أكبر احتياطيات نفطية في العالم.

     

    وعلى صعيد المعروض، أنهت عقود الخام سلسلة خسائر استمرت ثلاث جلسات فيما وصفه المتعاملون بأنه رد فعل من نوع "بيع الشائعة وشراء الحقيقة" عقب إعلان "أوبك+" استمرار التراجع التدريجي عن خفض الإنتاج الطوعي في أكتوبر، بإضافة 137 ألف برميل يومياً، بحسب ما أوردته وول ستريت جورنال. القرار كان قد تسرّب في وقت مبكر، ما جعل التفاعل الفوري محدوداً، إلا أن المحللين أكدوا أنه عند احتساب التخفيضات التعويضية لبعض الأعضاء الذين تجاوزوا حصصهم، فإن الزيادة الصافية المتوقعة لن تكون كبيرة. هذا يعزز الرؤية بأن "أوبك+" ما تزال حذرة ومرنة، وهو ما يساعد على استقرار الأسعار أكثر من دفعها نحو تراجعات أعمق.

     

    أما على الجانب الجيوسياسي، فلا يزال نهج ترامب تجاه قطاع النفط الفنزويلي يرسم ملامح المشهد الأوسع في سوق الطاقة. فالتصعيد بين البلدين ليس جديداً، واستعراض أبرز المحطات الأخيرة يوحي بأن التحركات الأميركية قد تخفي أجندة اقتصادية خفية. ففي وقت سابق من هذا العام، ألغى ترامب ترخيص شركة شيفرون للعمل في فنزويلا، ما أجبرها على تقليص إنتاجها، الأمر الذي دعم ارتفاع أسعار النفط. ولاحقاً، صعّد من خلال فرض تعريفة جمركية بنسبة 25% على الواردات القادمة من الدول التي تشتري الخام الفنزويلي، في خطوة فُسّرت على نطاق واسع بأنها تستهدف الصين. هذه الإجراءات تعكس نية ترامب في خنق مصادر دخل مادورو، وفي الوقت ذاته إعادة تشكيل تدفقات النفط العالمية بما يخدم مصالح الولايات المتحدة.

    وعلى المستوى الكلي، فإن توقعات السياسة النقدية توفر خلفية داعمة للسلع. إذ يُظهر أرقام CME FedWatch احتمالية بنسبة 88% لخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في سبتمبر، واحتمالية بنسبة 11% لخفض بمقدار 50 نقطة أساس، وهو تطور جديد هذا الأسبوع. وبنهاية العام، تسعّر الأسواق حالياً احتمالية بنحو 70% لخفض تراكمي بمقدار 75 نقطة أساس، مقارنة بأقل من 50% في الأسبوع الماضي. هذه التوقعات جاءت عقب بيانات أضعف من المتوقع لسوق العمل الأميركي، ما عزز الرهانات على ظروف مالية أكثر مرونة، الأمر الذي يدعم بشكل غير مباشر توقعات الطلب على النفط.

     

    مع ذلك، لا تزال المخاطر قائمة على جانب الطلب. فقد أظهرت بيانات التجارة الصينية أن الصادرات ارتفعت بنسبة 4.4% فقط على أساس سنوي في أغسطس، مقارنة بـ7.2% في يوليو، وأقل من توقعات وول ستريت جورنال البالغة 5.2%. كما أن الميزان التجاري جاء دون التوقعات، مما أثار القلق بشأن قوة الطلب الخارجي وقدرة التجارة العالمية على الصمود. وبالنسبة لأسواق النفط، فإن ضعف الأداء التجاري الصيني يسلط الضوء على هشاشة جانب الطلب، وهو ما يحد من قدرة الأسعار على تحقيق ارتفاع مستدام رغم الدعم الجيوسياسي وتوقعات السياسات النقدية.

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن