بقلم : خالد حسن
منذ سنوات ، تتجاوز العقد من الزمن ، توقع خبراء تكنولوجيا المعلومات و الحلول المالية إلى حدوث تحوّل اجتماعي يستمر لعدة أعوام، نحو المجتمع اللانقدي وتشجيع والمعاملات الالكترونية والتجارة الالكترونية ، والتى تخطت قيمتها 5 مليار دولار عام 2021 على المستوى المحلى ونحو 30 مليار دولار على مسوى منطقة الشرق الاوشط ونحو 2 تريليون دولار على مستوى العالم ، حيث نشهد الانتقال نحو استخدام العملات الرقمية وحلول الدفع عبر الهواتف المحمولة، وذلك بالتزامن مع سعي الحكومات نحو توسيع نطاق هذا التحول حيث تشهد حلول الدفع والتحويلات المالية غير النقدية تنامياً ملحوظاً نتيجةً لسعي الشركات نحو زيادة الكفاءة وتعزيز مستويات الراحة لدى العملاء .
وظل هذا التوقع مجرد " حلم " فى أذهاننا جميعا وسط استغراب الكثيرون المستهلكين من امكانية اختفاء النقود بصورة الحالية "الورقية " وعدم اضطرار الناس الى حملها فى محافظهم المالبة واستبدالها بالبطاقات الائتمانية البلاستيطية او بالدفع عبر الهواتف الذكية المزودة بتقنيات " NFC " للدفع اللاسلكي "الا انه مع جائحة فيروس كورونا ، الذى ضرب العالم على مدار العامين الماضين ، حدث ما لم يكن متوقعا وأعطت دفعة قوية جديا للتعاملت المالية الالكترونية واتنعاش المدفوعات الرقمية واللاتلامسية .
وفي هذا الاطار كشفت مؤشر " ماستركارد للمدفوعات الجديدة 2022 " عن تنامي معرفة المستهلكين في مصر بحلول المدفوعات الجديدة على غرار والبطاقات الرقمية، وخدمة "اشتر الآن وادفع لاحقاً" BNPL، والخدمات المصرفية المفتوحة، واستخدامهم المتزايد والنشط لهذه التقنيات في حياتهم اليومية.
ووفقاً لمؤشر المدفوعات الجديدة 2022 من ماستركارد، استخدم 88% من الأفراد في مصر طريقة دفع جديدة واحدة على الأقل خلال العام الماضي، ولجأ 35% منهم إلى الهواتف المحمولة لإجراء عمليات الدفع اللاتلامسية، واستخدم 27% تطبيقات تحويل الأموال الرقمية، في حين استخدم 24% رموز الاستجابة السريعة (QR codes). ويعمد المستهلكون بشكل متزايد إلى إجراء عمليات الشراء بطرق متنوعة، تشمل الاعتماد على المساعد الصوتي وتطبيقات التواصل الاجتماعي.
بالرغم من أن طرق الدفع التقليدية ما تزال تتمتع بجاذبية لدى قطاعات من المستهلكين، أشار 15% من المستهلكين في مصر إلى انخفاض استخدامهم لطرق الدفع النقدي خلال العام الماضي. بالمقابل، أفاد 64% من هؤلاء المستخدمين (مقارنة بـ 61% على مستوى العالم) بزيادة استخدامهم لطريقة دفع رقمية جديدة واحدة على الأقل خلال العام الماضي، بما في ذلك البطاقات الرقمية، ومدفوعات الرسائل القصيرة، وتطبيقات تحويل الأموال الرقمية، وخدمات الدفع الفوري. ومن المتوقع أن يستمر هذا التوجه لدى المستهلكين نظراً لتوافر عنصري الراحة والأمان الأساسيان لتسريع تبني هذه الحلول.
وأكدت نتائج المؤشر أن درجة الأمان تشكل أولوية لدى المستهلكين عند تحديد نظام الدفع الذي ينبغي استخدامه، وذلك على مستوى مصر والعالم (39%). ويشغل عاملا الأمان والمكافآت المرتبة الأولى في اعتبارات المستهلكين في مصر، تليه سهولة الاستخدام والعروض الترويجية. ونظراً لتزايد الاهتمام بقضايا الاستدامة ودورها الرئيس في تحريك اقتصاد المنطقة، قال 31% من المستهلكين المصريين أنهم يأخذون الفوائد الاجتماعية والبيئية في الحسبان أيضاً عند تحديد نظام الدفع الذي يفضلونه.
ولعل اهم ما كشف عنه مؤشر ماستركارد للمدفوعات الجديدة 2022 هو تنامي الفهم المتقدم لخدمة "اشتر الآن وادفع لاحقاً" باعتبارها أداة مناسبة لتخطيط الميزانية حيث أكد 81% من المستهلكين في مصر معرفتهم بمفهوم " أشتر الان وادفع لاحقا "، وأفاد 50% بأنهم يشعرون بالارتياح عند استخدامه. وأفاد العديد من الأشخاص الذين استخدموا خدمة "اشتر الآن وادفع لاحقاً" بأنها مفيدة عند التخطيط لعمليات الشراء المستقبلية والمشتريات الكبيرة، إضافة إلى فوائدها في تعزيز القوة الشرائية، وحالات الاستخدام الفريدة، التي تجعل منها أداة فاعلة فيما يتعلق بالميزانية والتخطيط المالي.
وشهد السوق المصري انفتاح على تقبل المزيد من المدفوعات المباشرة من حساب إلى آخر (A2A) اذ يود غالبية المستهلكين الحصول على مزيد من السهولة لتحسين مدفوعات الفواتير، ويولون أهمية متزايدة للتحكم بالمدفوعات، ولعاملي الراحة والمرونة، ولتبني تقنيات الدفع المتكاملة. وأشار معظم المستهلكين إلى انفتاحهم على خيارات الدفع المباشرة من حساب الى حساب عبر ربط حساباتهم بموقع التاجر لإجراء عمليات شراء مستقبلية. وحافظ 80% من المستهلكين في مصر، الذين يستخدمون المدفوعات من حساب إلى حساب، على نشاطهم في هذا المجال أو زادوا منه العام الماضي.
وأفاد (66%) من المستهلكين في مصر أنهم مهتمون بخيار دفع الفواتير الذي يسمح لهم تعديل تاريخ دفع فواتيرهم الشهرية، ويرجع ذلك في الغالب إلى دخلهم غير المنتظم. وأصبحت خيارات دفع الفواتير، التي تسمح لهم بالدفع في فترات لاحقة باستخدام حل "اشتر الآن وادفع لاحقاً" (69%) مثار اهتمام أيضاً، إضافة إلى إجراء عمليات دفع تلقائية لفواتيرهم المنزلية (69%).
وفى تصورى من اهم النتائج التى سلط الضوء عليها هو إقبال المستهلكين على حلول التكنولوجيا المالية، والخدمات المصرفية المفتوحة بشكل غير مباشر، لتلبية احتياجاتهم المالية اليومية حيث يعتمد المستهلكون على خيارات التمويل الرقمي لتلبية احتياجاتهم المالية اليومية نظراً لما تتيحه الخدمات المصرفية المفتوحة من مزايا تشمل السرعة، والراحة، والشفافية. وأفاد 7 من كل عشرة (71%) مستهلكين بمعرفتهم بالخدمات المصرفية المفتوحة، وباستخدامها لدفع فواتيرهم، وإجراء أعمالهم المصرفية، وتأمين قروضهم أو إعادة تمويلها، وتسديد مدفوعات "اشتر الآن وادفع لاحقاً".
كما يشعر أكثر من نصف المستهلكين (61%) في مصر بالأمان عند استخدامهم التطبيقات لإرسال الأموال إلى الأفراد أو الشركات عبر هواتفهم، وأبدى 4 من كل عشرة (42%) استعدادهم لمشاركة بياناتهم المالية مع التطبيقات للوصول إلى وسائل الدفع التي تساعدهم في إدارة أموالهم.
ومن اهم ما أشار اليه مؤشر ماستركارد أن أنظمة المدفوعات الجديدة باتت تتمتع بقوة استقطاب أكبر لدى الأجيال الرقمية حيث تميل الأجيال الشابة إلى اعتماد التقنيات الرقمية في عمليات الشراء والمدفوعات، ويتزايد نشاطها على نحو مطرد في أنظمة الدفع الرقمية الجديدة، وبوتيرة أكثر تسارعاً من تلك السائدة في أوساط الجمهور الأكبر سناً، حيث تنظر غالبية الأجيال الشابة إلى النظم والوسائل الرقمية على أنها آمنة وسهلة الاستعمال.
وهناك مؤشرات قوية في مصر على أن الجيل زد (Gen Z) أصبح أقل ميلاً للقيام بإجراء عمليات شراء ودفع شخصياً مقارنة بالأجيال الأكبر سناً، ويتطلع بشغف إلى إيجاد طرق دفع جديدة، وربما نجح ما يقرب من (40%) من جيل زد في مصر في الحصول على طريقة دفع لاتلامسية جديدة (مثل البطاقات اللاتلامسية أو الأجهزة القابلة للارتداء) مقارنة بنسبة 26% فقط من الأجيال الأكبر سناً.
ومع تعاظم إقبال المستهلك على التقنيات الرقمية في عمليات التسوق وإتمام الخدمات المصرفية وإجراء التعاملات أكثر من أي وقت مضى، تواصل ماستركارد ترسيخ قدراتها في مجالات المدفوعات الرقمية في مصر، وعلى امتداد مناطق شرق أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا، ويتم إيجاد تطبيقات جديدة لاستخدام حلول ماستركارد التكنولوجية التي تتمتع بمصداقية عالية، ليتم طرحها في الأسواق من خلال اتفاقيات شراكة وتعاون مختلفة مع شركات التكنولوجيا المالية، والحكومات والمؤسسات المالية، وكبرى الشركات الرقمية ومشغلي الاتصالات .
فى النهاية نؤكد إن المستهلكين المصريين اعتمدوا على المدفوعات الرقمية كلية خلال فترة انتشار كوفيد-19 لكن ذلك يأتي مصحوبًا ببعض المخاطر، فمع إقبال المستهلكين على التعاملات الإلكترونية، سعى المحتالون إلى توظيف هذه التحولات في عادات الشراء والدفع لدى المستهلك لشن هجمات احتيالية، ومن ثم تبرز أهمية تثقيف المستهلك حول آليات التعامل مع تلك المخاطر أكثر من أي وقت مضى و يجب ان نتبنى سياسة الحذر واليقظة دائما ويعتبر تواصل المستهلكين مع البنوك وسلطات إنفاذ القانون للإبلاغ عن تعرضهم للاحتيال إشادة بالجهود الحثيثة للمؤسسات الحكومية المنظمة للتعاملات المالية والتزامهم بتأمين معاملات المستهلكين وتعزيز ثقتهم في المدفوعات الرقمية والقنوات الإلكترونية.