نبضات
بقلم : خالد حسن
في مهمة عاجلة لإنقاد كوكب الأرض ومكافحة الآثار السلبية للتغير في مناح الأرض يجتمع الآن أكثر من 100 من قادة العالم إلى جانب خبراء المناخ والبيئة وممثلي الشركات العالمية في فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للنغير المناخي "COP 27 " الذي تستضيفه مصر حاليا بمشاركة أكثر من 30 ألف مشارك بمدينة شرم الشيخ، حيث يتطلع الجميع إلى أن تكون هذه القمة هى العلامة الفارقة لتغير مناخي صحي آمن للأجيال القادمة، ووضع كل الاتفاقيات التي تمت في الدورات السابقة للقمة لاسيما اتفاقية باريس عام 2015 ، موضوع التنفيذ واتخاذا قرارات آليات عمل فاعلة لضمان معالجة المشاكل المتنوعة الناجمة عن ظاهرة الاحتباس الحراري وارفاع نسبة التلوث بسبب انبعاثات الغازات الدفيئة .
وبالطبع لم يعد كوكبنا يمتلك رفاهية الانتظار وتأجيل اتخاذ قرار التعاون الضروري والتنسيق بين كل الدول المتقدمة ، المسئولة بدرجة كبيرة عن الاحتباس الحراري والتغير المناخي ، وبين الدول النامية ، والتي تعد الأكثر تضررا بسبب تغير المناخ وزيادة التلوث ، على خلفية الأحداث المناخية القاسية التي شهدها جميع أنحاء العالم في عام 2022 ، سواء من كوارث طبيعية كحرائق أوروبا أو فيضانات أسيا وجفاف أفريقيا وأعاصير الأمريكتين، بجانب أزمة الطاقة التي أثارتها الحرب في أوكرانيا، والبيانات العلمية التي أتؤكد أن العالم لا يفعل ما يكفي للتصدي لانبعاثات الكربون وحماية مستقبل الأرض لاسيما انه وفقا لبيانات منطمة الصحة العالمية فإن التغير المناخي مسئول عن وفاة 13 مليون إنسان على كوكب الأرض وأن التلوث البيئي والصحي الناجم عن ارتفاع درجات الحرارة مسئول عن وفاة 250 ألف إنسان كل عام .
العالم بالفعل يقف على "حافة الهوية" والعقد الماضي كان أكثر العقود التي شهدت تغيرات كبيرة في المناخ وتزايد الملوثات ، فهناك 17 دولة من الدول الكبرى الصناعية مسئولة عن 80 % من حجم التلوث على كوكب الأرض و4 دول مسئوله عن 50 % من هذه الانبعاثات وهى الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبى والهند ، والأمر يحتاج إلى وقفة قوية لتحسين المناخ والتحذير من عدم التحرك وحسن إدارة مواردنا لمواجهة هذا، والانضمام إلى ائتلاف " صفر انبعاثات " من الكربون الذى دعا له أنطونيو جوتيريش ـ الأمين العام للأمم المتحدة أن يتحلى قادة دول العالم المتقدمة بقدر من المسئولية بشأن تبني الحلول المناخية التي تتناسب مع حجم المشكلة .
نأمل في قمة " COP27 " أن توفي الدول المتقدمة بكل تعهداتها وفقا لمبدأ تمويل "الخسائر والأضرار" وتقديم المساعدات المالية التي أعلنت عنها سابقا ، 100 مليار دولار كل عام ، للدول النامية والتي تعد الأكثر تضررا من الأنشطة غير البيئية والملوثة التي تمارسها الدول المتقدمة حيث نجحت مصر في أن تكون رأس الحربة في صياغة وتبني احتياجات الدول النامية لاسيما الأفريقية من خلال تقديم عدد من المشروعات خاصة في مجال الطاقة المتجددة ومكافحة التغير المناخي بالإضافة إلى الاعتماد على التقنيات الحديثة من أجل تقليل الانبعاثات للغازات الدفينة .
فعلى مدار 26 عاما ، منذ انعقاد القمة الأولى للمناخ في عام 1992 بالبرازيل ، تفاوضت الدول على ملحقات مختلفة للمعاهدة الأصلية لوضع حدود ملزمة قانوناً للانبعاثات، على سبيل المثال، بروتوكول كيوتو في عام 1997 واتفاق بـاريس الذي اعتمد في عام 2015، حيث وافقت جميع دول العالم على تكثيف الجهود من أجل محاولة الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية فوق درجات حرارة ما قبل الصناعة، وتعزيز تمويل العمل المناخي وفى هذا الاطار تأتى أهمية ما أكد عليه الرئيس الأمريكي جون بايدن ، خلال عقده مؤخرا لقمة المناخ العالمية في مدينة جلاسجو الاسكتلندية ، أن الولايات المتحدة ، والتي تمثل ثاني أكبر ملوث على مستوى العالم بنحو 15 % من الانبعاثات الضارة، مستعدة للمشاركة بقوة فىي حل أزمة المناخ وبناء إقتصاد عالمي أكثر ازدهارا وتقل الانبعاثات الكربونية ، بنسبة 50 % ، ورفع سقف طموحاتنا من خلال تخصيص مئات المليارات من الدولارات ، ضمن خطة استثمارية تبلغ قيمتها تريليوني دولار والتي ستخصص على مدار السنوات الأربعة القادمة لإنعاش الاقتصاد الأمريكي القائم على الطاقة النظيفة ، لتطوير حلول تكنولوجية جدية لتقليل غاز ثاني أكسيد الكربون واحترام الطبيعة وحماية الحياة الطبيعية وعدم إزالة الغابات من خلال أعمال تطوير البنية التحتية لمعالجة قضية تغيرات المناخ .
كما تتضمن الخطة الأمريكية إنشاء 500 ألف محطة شحن للسيارات الكهربائية واستخدام الآلات والمعدات جديدة لإعادة تأهيل التربة الزراعية وإنتاج محاصيل قادرة على مقاومة الجفاف وكذلك إعادة هيكلة المناجم المغلقة للفحم ومناجم إستخراج الوقود الأحفوري ولكن باستخدام أحدث تكنولوجيا في تطوير العمل لتقليل انبعاث الغازات مع منح الحوافز التشجيعية للعلماء وللشركات والمؤسسات التي تعمل على تطوير تقنيات وحلول ابتكارية لمعالجة أزمة المناخ في كل نواحي الحياة .
وبالتالي فإن الاعتماد على التكنولوحيا الحديثة يمكن ان يكون كلمة السر والمفتاح الذهبي لتوفير الكثير من الحلول الإبداعية لمشاكل التغيرات المناخية وزيادة الأحتباس الحراري منها واكتشاف مصادر الطاقة النطيفة والمتجددة لن توفر لنا مجرد مستقبل تنمية مستدامة وإنما أيضا جني العديد من فرص العمل وخلق الملايين من الوظائف الجديدة للأجيال الجديدة من شبابنا وحياة نطيفة خالية من انتشار أمراض التلوث لحماية صحة الانسان وعالم آمن ومزدهر دون أن يصل الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية بعد أن بلغ حاليا نحو 1.2 درجة مئوية حيث أن التخفيف من آثار تغير المناخ أو منع انبعاث غازات الدفيئة يمكن أن يعني استخدام تقنيات جديدة ومصادر طاقة متجددة، أو جعل المعدات القديمة أكثر كفاءة في استخدام الطاقة، أو تغيير ممارسات الإدارة أو سلوك المستهلك.
كذلك لابد من قيام شراكات بين اعضاء المجتمع الدولى لتسريع تبنى حلول تكنولوحيا " الثورة الخضراء " فى كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية للعمل على تقليل إبنعاثات الغازات الملوثة للبيئة حيث إن احترام الطبيعة يعد ضروريا اقتصاديي لابد من القيام به ، ولا يوجد أمامنا أى خيار لمواجهة أزمة تغير المناخ ولاسيما أن هذا الاتجاه يمتليء بالفرص وتعزيز الرفاهية لشعوب كوكبنا.
في تصوري أنه من الضروري مضاعفة الجهود الدولية والاستثمارات المالية في التكنولوجيا الجديدة لتخفيض إنبعاثات الغازات السامة الناجمة عن قطاع الطاقة والصناعة ، بنسبة 7.6 % سنويا وفقا لما أعلنت عنه هيئة الأمم المتحدة ، فإذا لم نتحرك الآن نحو الطاقة النظيفة سوف نري المزيد من التغيرات المناخية والكوارث الطبيعية المرتبطة بها " الفيضانات وتزايد مستوى البحر وغرق المدن وذوبان الجليد في القطب الشمالي والجنوبي وحرائق الغابات المروعة ، ولا يجب النظر إليها بعين اقتصادية فقط وإنما من الجانب الاجتماعي لمعالجة هذه الأزمة لمساعدة شعوب العالم والتعاون فيما بين سكان كوكب الارض للحفاظ على حياتهم جميعا وتوفير عالم أفضل لأولادنا وأحفادنا .
في اعتقادي من المهم البحث عن فعالية أكثر لإنتاج الهيدروجين كأحد أهم مصدر للطاقة وتطبيق الاتفاقيات الدولية لتخفيض انبعاثات الكربون بل وأيضا البحث عن أجود الحلول التكنولوجية الجديدة لمعالجة الكربون وغاز الميثان الموجود في الجو ، فهناك 2.2 مليار طن من غاز الكربون عالقة فى الجو ، إذ من المعروف أن غاز الكربون يمكنه أن يبقي لمئات السنوات وهو بالتاكيد ما يشكل تحديا كبيرا أمامنا.
في النهاية نعلم أنه على المستوى المحلي هناك اهتمام كبير من الحكومات المصرية لمعالجة تلوث البيئة والتغيرات المناخية واتخاذ بعض الخطوات العملية والايجابية لزيادة الاعتماد على توليد الطاقة من المصادر النظيفة والمتجددة والتزام القطاع الصناعي بالاجراءات الخاصة بحماية البيئة وكذلك إعادة النظر في وسائل النقل لتشجيع الاعتماد على السيارات الكهربائية والتحول إلى استخدام الغاز بدلا من البنزين بجانب تبني مفهوم المدن الذكية لترشيد استخدام الطاقة .
كذلك من الضرورى ايضا دعم وتحفيز الأفراد و شركات التكنولوجيا المصرية وكذلك الشركات الناشئه لتطوير حلول تقنية ابتكارية وتطبيقات ابداعية تكون قادرة على على زيادة مساهمة مصر فى الجهود العالمية للحد من تفاقم وعواقب التغيرات المناخية ومكافحة انبعاثات الكربون وارتفاع درجة الحرارة.
في النهاية نؤكد أننا نتطلع أن تكون قمة شرم الشيح لمؤتمر المناخ " COP27 " هى بمثابة التحول الإيجابي للعالم للانتقال من مراحل " المفاوضات والتخطيط "إلى مرحلة "التنفيذ" لكل هذه الوعود والتعهدات التي تم تقديمها من قبل الجميع على مدار العقود الماضية وأن يتم تحديد الطريقة التي يجب أن تقيس بها الدول عملياً انبعاثاتها بحيث يكون هناك مجال متكافئ للجميع خاصة أن هيئة الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ تؤكد ان الخطط الخالية لا تزال غير كافية لتجنب الاحترار الكارثي .