بقلم : خالد حسن
سواء اتفقنا او اختلفنا على اهمية مواقع شبكات التواصل الاجتماعى العالمية " وعلى راسها الفيسبوك وتوتير واليوتيوب وجوجل بلاس ولينك ان " بالاضافة الى تطبيقات التراسل الفورى " واتس اب و فايبر و أى ام او " الا انها بالفعل لم تعد مجرد ظاهرة او موضة تكنولوحية نسعى لتجربتها بل أصبحت أحد اهم اهتمامات شعوب العالم ، ولاسيما منطقة الشرق الاوسط ، بل بات هذه الشبكات اهم مصدر للحصول على المعلومات ، بصرف النظر عن مدى صحتها وأسرع وسيلة للسيطرة على الراى العام وتشكيله من خلال ما يعرف بالحملات الدعائيه والكتائب الالكترونية التى تسعى لحشد التأييد لفكرتها والترويج لها بين أوساط المستخدمين ومخاطية المواطنيين خاصة وانه في الأزمات والكوارث الطبيعية، يميل الناس إلى اللجوء إلى شبكات التواصل الاجتماعي للحصول على معلومات يمكن الوصول إليها بصورة اسرع .
ومع تزايد الصرعات المسلحة والحروب فى مختلف بقاع الارض باتت شبكات التواصل الاجتماعي من جديد في قلب موجة من المعلومات المضللة حول النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. إذ تواجه صعوبة بمواجهة انتشار حسابات زائفة تنتحل شخصية صحافيين إلى مشاهد من ألعاب فيديو حربية تُنشر على أنها حقيقية. وما يزيد الامر سوء أن هذه المنصات تبدو وكأنها تتخلى عن جهود إبراز المعلومات الجيدة والموثوق بها من مصادرها الصحفية او وكالات الانباء المعترف بها .
وبالطبع مع إندلاع عملية "طوفان الأقصى " التى شنتها حركة حماس ، والتى تعد أحد حركات المقاومة الفلسطينية وتسعي لتحرير الاصض المحتلة وتحرير الاسري الفلسطينيى ، واشتعال حرب الاحتلال الإسرائيلي " الانتقامية " عل قطاع غزة ومارسة افضع الجرائم لقتل السكان المدنيين بدماء بارد وممارسة العقاب الجماعي لدى شعب غزة بعد فرض حصار كامل على القطاع وقطع الكهرباء والمياة والاغذية ، عادت معضلة المحتويات المضللة على شبكات التواصل الاجتماعي إلى الواجهة مع كم هائل من الصور والحسابات المزيفة حول هذا النزاع.
وفى الحقيقة فشلت شبكات التواصل الاجتماعى العالمية فى ان تكون موضوعية او محايدة على الاقل فى السماح لمستخدميها من نقل الاخبار والصور والفيديوهات من كلا الجانبين فعلى حين نجد غالبية هذه الشبكات المملوكة لشركات امريكية تضع العراقبل وتوقف وتلغي الحسابات لمستخدميها من الجانب الفلسطينى والعربي نجدها تترك الحبل على الغارب لمستخدميها من الاحتلال الاسرائيلي حتى تبدوا اسرائيل أمام العالم وكأنها الحمل الوديع الذى تعض لهجوم مفاجىء من حركة حماس وتتجاهل الحصار المفروض على قطاع غزة منذ 17 عاما تقريبا وكأن سكان مدينة غزة " 2.5 مليون انسان ، معتقلين لايستطيعون ان يعملوا أو يتحركوا بحرية وانما هم فى سجن كبير محاط ب 6 معابر تسيطر علىها الاحتلال الاسرائيلي ومعبر واحد فقط مع مصر ، معبر رفح ، فأي واحة الحرية التى تتغنى بها شبكات التواصل الاجتماعي العالمية وادعاء الديمقراطية ونفى انها تتدخل فى المحتوى الرقمي الذى يتم بثه وعدم القيام بتوجيه الرأى العام العالمى .
للاسف الرسائل التى سعت شبكات التواصل الاجتماعي العالمية بثها خلال حرب الابادة التى يشنها الاحتلال الاسرائيلى على شعب غزة " الأعزل " وفتح الباب على مصراعية لسيلا من المعلومات المضللة من الجانب العدوان الاسرئيلي هو ما أدى الى قلب الحقائق واظهار حركة المقاومة الفلسطينية " حماس " ، وكأنها جماعة أرهابية وليس حركة مقاومة مشروعة لاحتلال غاشم دام اكثر من 70 عام للاراضى الفلسطينية ، وهو تم ترجمتها فى الدعم العسكرى اللامحدود الذى اعلنته عنها عدد من الدول الغربية للاحتلال الاسرائيلى والذى مارس أفضع الجرائم اللانسانية
إذ يلاحظ مع تزايد قاعدة مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي العالمية ، وعلى رأسها الفيس بوك وإكس واليوتيوب وانستجرام ، ظهور مجموعات مختلفة في العديد من الدول العربية لها آراء تسعى إلى إشعال الأوضاع بالشارع العربي والتشكيك في كل ما تم ويتم وانتشار الدعاوى إلى إعمال الفوضى بما أدى بصورة كبيرة إلى شعور المواطن العربي بخوف من القادم وأن هناك من يسعى إلى نشر عدم الاستقرار في الدول العربية سواء من خلال الترويج لأكاذيب بدون وثائق ومستندات أو الحديث عن إرهاصات فكرية شاذة أو حتى تزييف الحقائق بما يؤدي إلى انتشار الخلافات بين أبناء الوطن الواحد .
ولعل أخطر ما تتيحه هذه المواقع أنها تشكل منصة لإطلاق وانتشار المعلومات التي لا تخضع للرقابة وعدم المصداقية فهي مجرد آراء وأفكار لأصحابها إلا أنها سرعان ما تنتشر وتصبح بمثابة رأى عام وقوة ناعمة ضاغطة نحو تأجيج الأوضاع .
في تصورى أن مواقع التواصل الاجتماعي العالمي باتت تلعب دورا سياسيا اكثر من دوررها التكنولوجي فى التواصل بين البشر وانها تستخدم بقوة فى على تحرك وتجيش الرأى العام المحلي والعالمي وحشد جماهير من مستخدميها بل من إيصال صوت الحرية لشتى أصقاع العالم ومن ثمة فهذه المواقع أصبحت الآن تمثل عبئا كبيرا على الوضع الأمني للاوطان ، فما يكاد تمر ساعة زمن إلا وتجد هناك شائعات واخبار غير موثقة وفاقدة للمصداقية ومجرد أراء شخصية تفتقد الخبرة او دعوى للكراهية بين الشعوب .
نتفق جميعا أن العصور القادمة في المنطقة العربية هي عصور ثورية سواء سياسياً أو تقنياً تعتمد على الرؤية الواضحة والجماعية للأحداث ولكن في نفس الوقت يجب أن يكون لشبكات التواصل الاجتماعى دورا ايجابيا فى توعية المستخدمين باحتياجاتنا الشديدة لثورة في مجال الإنتاج وتعظيم الاستفادة من مواردنا وإمكانياتنا وذلك بمزيد من التركيز على الواقع وما نواجه من تحديات تتطلب إعمال المصلحة الوطنية فوق المصالح الشخصية أو الحزبية أو الحركية مع تعظيم الاستفادة من شبكات التواصل فى دعم القدرات التنافسية لمؤسساتنا لاسيما الصغيرة .
يمكن ان نقول ان فائدة شبكات التواصل الاجتماع العالمية للاعتماد عليها فى الحصول على اخبار موثقة ومعلومات صحية باتت فى تراجع مستمر خاصة مع هجرة الكثير من الصحف والوكالات الصحفية الموثوق بها لهذه الشبكات والتى باتت تطاتلبهم برسوم مالية، كأشتراكات شهريا ، بل وتقوم بحذف الروابط التى تظهر فى الاخبار التى يتم نشرها من هذه المؤسسات الصحفية الموثوق بها ، على غرار ما تقوم به منصة إكس ، ولم يتبقى فى هذه الشبكات الا بعض المخادعين والفاشلين ممن يقومون بتأيف اى محتوى وبثه بهدف زيادة المشاهدة والمتابعة وجنى الأرباح بصرف النظر عن مصداقية وحقيقة هذه المحتوى .
فى النهاية نتطلع أن تكون لدينا رؤية وطنية لكيفية الاستفادة من مواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت على أنها قوة تصنع الديمقراطية والتنمية الاقتصادية ، وأدوات رقمية يمكن استخدامها لبناء الوجه الجديد للوطن وألا تكون هذه الأدوات بمثابة سجن افتراضي نضع فيه أنفسنا ونكون بمعزل عما يدور حولنا ونصم آذاننا عن أصوات الشعوب التي تتطلب بضرورة تكاتف جهودنا على أرض الواقع لدفع عجلة الإنتاج واستعادة عافية الاقتصاد الوطني وتشمير السواعد وبذل العرق في مشروعات جديدة تستهدف تغيير نمط حياة شبابنا من مجرد مستخدمين للكمبيوتر والإنترنت للتعبير عن آرائهم فقط إلى عنصر منتج ومتفاعل مع احتياجات بلده .