بقلم : خالد حسن
مع تزايد الاعتماد على أنظمة وتقنيات الذكاء الاصطناعى فى كافة المنتجات وتقديم الخدمات فانه من المتوقع ان يشهد المستقل القريب سوف تزداد الفجوة بين الشركات التي تبحث عن الموهوبين في مجال الذكاء الاصطناعي والموهوبين أنفسهم مثل المهندسين والمبرمجين الامر الذى يشكل تحدى كبير يجب على الجامعات وكليات الهندسة والمعاهد التكنولوجية ان تضع الحلول المناسبة له ووضع الذكاء الاصطناعى كمنهج تعليمى يجب ان يتم تدريسة .
وفى هذا الاطار وصلنى مؤخرا تقرير جديد لشركة "سيلزفورس" يشير اى أن الموظفين في الوقت الحالي يثقون بقدرة الذكاء الاصطناعي على القيام بنحو نصف مهام عملهم. وعلى الرغم من شعور الموظفين بالارتياح عند تعاون الذكاء الاصطناعي والعنصر البشري معاً، إلا أنهم بدأوا يشعرون بثقة كبيرة تجاه قدرة الذكاء الاصطناعي وبشكل مستقل على إتمام المهام الموفرة للوقت مثل كتابة الرموز، وتقديم رؤى جديدة ناتجة عن تحليل البيانات، وصياغة المراسلات.
أشار التقرير إلى أن الموظفين لا يقومون بإسناد جميع المهام إلى الذكاء الاصطناعي حتى اللحظة، موضحاً أن الموظفين يفضلون في الوقت الحالي إشراف العنصر البشري على المهام مثل الإعداد والتدريب والمحافظة على أمن البيانات، ولكن من المرجح ألا يستمر هذا الاعتقاد لوقت طويل إذ تشير البيانات إلى أن الاستثمار في المعارف والتعليم يساعد في بناء الثقة بمستقبل ذكاء اصطناعي مستقل.
وأصبح الناس بفضل التطور الذي تشهده التكنولوجيا قادرين على تخيل ما يمكن أن يبدو عليه المستقبل الذي يمكن فيه للذكاء الاصطناعي أن يعمل بطريقة مستقلة بشكل كامل. وكشف الاستطلاع الذي قامت به "سيلزفورس" وشمل نحو 6,000 شخصاً حول العالم أن الموظفين يشعرون بالحماس إزاء المستقبل المعزز بالذكاء الاصطناعي. كما أكد الموظفون على أهمية اللمسة البشرية بالتزامن مع تعزيزهم للثقة والمعرفة والخبرة الخاصة بالذكاء الاصطناعي.
ولعل أبرز نتائج التقرير أن القادة يثقون بأن الذكاء الاصطناعي سيقوم بإنجاز المزيد من أعمالهم أكثر مما يقوم به الموظفون. ويعتقد القادة بأن الذكاء الاصطناعي سيقوم بنحو 51% من عملهم، في حين يرى الموظفون العاديون بأن الذكاء الاصطناعي سيقوم بـ 40% من أعمالهم كما يعتقد الموظفون في الوقت الحالي بأن الذكاء الاصطناعي سيقوم بنحو 43% من مهام أعمالهم، ما يشير إلى تغير في نظرة الموظفين يتمثل بإسنادهم للمهام إلى الذكاء الاصطناعي حيث اكد 77% من الموظفين سوف يثقون في نهاية المطاف بقدرة الذكاء الاصطناعي على العمل بصورة مستقلة، وتشمل هذه النسبة 10% من الموظفين الذين يثقون بقدرة الذكاء الاصطناعي على العمل بصورة مستقلة في الوقت الحالي و26% من الموظفين الذين سيثقون بقدرة الذكاء الاصطناعي على العمل بصورة مستقلة خلال أقل من ثلاثة أعوام وايضا 41% من الموظفين الذين سيثقون بقدرة الذكاء الاصطناعي على العمل بصورة مستقلة خلال ثلاثة أعوام أو أكثر.
على الرغم من تفضيل الموظفين التعاون بين الذكاء الاصطناعي والبشر، إلا أنهم بدأوا بالثقة بقدرة الذكاء الاصطناعي على تولي زمام بعض المهام المحددة لوحده، ومن نتائج التقرير ان 54% من الموظفين اليوم بقدرة العنصر البشري والذكاء الاصطناعي على أداء معظم المهام معاً كذلك عند سؤال هؤلاء الموظفين ما إذا كانوا يثقون بقدرة الذكاء الاصطناعي على أداء أي من هذه المهام بشكل مستقل، كان جواب مجموعة صغيرة منهم بأن هناك بعض المهام التي يمكنه أداءها بشكل مستقل. وأوضحوا أن المهام التي كانوا أكثر ارتياحاً لإسنادها إلى الذكاء الاصطناعي شملت مجال " كتابة الرموز" 15% منهم يثقون بقدرة الذكاء الاصطناعي على كتابة الرموز بشكل مستقل.
وفى مجال "تقديم رؤى ناتجة عن تحليل البيانات" 13% منهم يثقون بقدرة الذكاء الاصطناعي على تقديم رؤى ناتجة عن تحليل البيانات بشكل مستقل وفى مجال " صياغة المراسلات" 12% منهم يثقون بقدرة الذكاء الاصطناعي على تطوير مراسلات داخلية وخارجية دون الحاجة إلى العنصر البشري وفى مجال " العمل كمساعد شخصي" 12% منهم يثقون بقدرة الذكاء الاصطناعي على العمل كمساعد شخصي.
وبالنسبة للمجالات التى لن يثق فيها البشر الا من خلال العنصر البشر أشار الذين شملهم الاستطلاع إلى أن المهام الأخرى تتطلب مشاركة عنصر بشري في الوقت الحالي. ومن المرجح أن يثق الموظفون العالميون بقدرة العنصر البشري فقط على القيام بما يلي أولا " التمتع بالشمولية" حيث 47% منهم يثقون بقدرة العنصر البشري وحده على التمتع بالشمولية ، ثانيا " الإعداد والتدريب" اذ اكد 46% منهم يثقون بقدرة العنصر البشري وحده على إعداد الموظفين وتدريبهم واخير " الحفاظ على أمن البيانات" حيث ان 40% منهم يثقون بقدرة العنصر البشري وحده على المحافظة على أمن البيانات.
أشار التقرير إلى أن مشاركة العنصر البشري مطلوبة لبناء الثقة بالذكاء الاصطناعي، ومن أبرز النقاط التي أوردها التقرير في هذا المجال أن 63% من الموظفين يرون بأن مستويات المشاركة الأكبر للعنصر البشري تساعد في بناء ثقتهم بالذكاء الاصطناعي ، كذلك تنتج المخاوف المتعلقة بالذكاء الاصطناعي عن عدم الفهم الكامل، إذ أشار 54% من الموظفين إلى أنهم لا يعرفون كيفية تطبيق الذكاء الاصطناعي أو إدارته في أماكن عملهم.
ومن اهم ما أوضحه التقرير ان الموظفون الذين يدركون كيفية تطبيق الذكاء الاصطناعي وإدارته في أماكن عملهم كانوا 5 مرات أكثر احتمالاً للقول بأنهم يثقون بقدرة الذكاء الاصطناعي على العمل بشكل مستقل خلال العامين المقبلين، مقارنة بأولئك الذي لا يدركون هذه الكيفية كما ان التدريب قد يكون عاملاً حاسماً إضافياً لاستقلالية يمكن الوثوق بها حيث اكد 62% من الموظفين بأن زيادة مستويات بناء المهارات وتوفير فرص التدريب سيسهمان في تعزيز ثقتهم بالذكاء الاصطناعي.
كما أشار التقرير إلى وجود فجوة معرفية بالذكاء الاصطناعي بين الجنسين، حيث أن الذكور أكثر دراية من الإناث بنسبة 94% في كيفية تطبيق الذكاء الاصطناعي وإدارته في أماكن عملهم.
فى النهاية نؤكد أن تأهيل وتدريب مواردنا البشرية على هذه التقنيات الجديدة لم يعد خيارا متاحا وانما أصبح بمثابة " لغة المستقبل الرقمي " وضرورة تقتضيها ما نعيشه حاليا من تطورات عالمية فى خضم ما يعرف بالثورة الصناعية الرابعة والتي تقودها تقنيات والذكاء الاصطناعي الروبوتات وانترنت الاشياء والحوسبة السحابية والطباعة ثلاثية الابعاد والجبل الخامس للاتصالات اللاسلكية " 5G " .