توطين تكنولوجيا السيارات الكهربائية .مطالب مشروعة

  • نبضات

    بقلم : خالد حسن

    ستحدث السيارات الكهربائيه ثورة في مجال تخفيض استهلاك الطاقة الاحفورية وتقليل ملايين الاطنان من التلوث الهوائي على كوكب الارض الناجم عن مخلفات السيارات التلقليدية ،  التى تستخدم البنزين والسولار ، وما تنتجه من غازات ضارة مثل ثاني أكسيد الكبريت وأكسيدات النيتروجين والجسيمات في الجو ، ما يحسن جيدًا نوعية الهواء وبعود بفائدة سنوية عالية يمكن ان تتجاوز عشرات المليارات من الدولارات سنويًا .

    وفى هذا الإطار تتوافق غالبية حكومات العالم حاليا على تشجيع إنتاج السيارات الكهربائية فى ظل الحديث عن الاقتصاد الاخضر والمدن الذكية لتخفيف الخسائز المتزيدة والناجمة عن التلوث البيئى خاصة اذا علمنا أن نفقات تشغيل السيارات الكهربائيه تعادل نحو  25 % فى نفقات التشغيل السيارات التقليدية ، التى تعمل بالنزين او الديزل ، وكذلك فان تكلفة الصيانة والدعم الفنى للسيارات الكهربائيه لاتتجاوز 10 % مقارنة بالسيارات التقليدية  .

    تعهد صانعو السيارات العالميين التقليديون، بتحويل خطوط إنتاج سياراتهم تدريجياً إلى كهربائية، لكن الجداول الزمنية تختلف يتفق معظم المديرين التنفيذيين في مجال صناعة السيارات، على أن التحول إلى السيارات الكهربائية أمر لا مفر منه، أما مدى سرعة إجراء هذا التحول فهو السؤال المحوري، وهو سؤال يقود استراتيجيات متباينة.

    في الوقت نفسه، فإن التخلف عن المنافسين في عروض السيارات الكهربائية، قد يكلف صانعي السيارات فرصة لتأسيس أنفسهم، في مجال نمو رئيسي خلال العقود القليلة المقبلة، كما يقول التنفيذيون لاسيما بعد ان نجحت الشركات الصيية فى قيادة السوق العالمى للسيارات الكهربائية وخاصة فى مجال تكنولوجيا البطاريات الكهربائية والتى تشكل نحو 60 % من اجمالى تكلفة السيارة .

    ومؤخرا كشفت كبرى شركات تكنولوجيا المعلومات العالمية وعلي رأسهم كل من " هواوي " و " شاومي "  عن خطط دخولها للتوسع فى انتاج السيارات الكهربائيه الذكية ومن ثمة فإن السؤال المنطقي لماذا قررت هذه الكيانات التكنولوجية ، المتخصصة فى صناعة الهواتف الذكية وتكنولوجيا المعلومات  ،الانتقال الى صناعة جديدة بالكامل ؟

    والاجابة على هذا السؤال تكمن فيما تمتلكه هذه الكيانات من خبرات وتقنيات متقدمة فى مجال الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية وانترنت الاشياء والالكترونيات وربما تكون هذه المزود الحالي لشركات تصنيع السيارات الكهربائيه بالعديد من هذه الحلول الابتكارية المتعلقة بهذه التقنيات الحديثة من خلال مراكز البحث والتطوير بهذه الكيانات التكنولوجية بالاضافة امتلاك هذه الكيانات الى المئات من الكفاءات البشرية المتخصصة فى هذه التقنيات والتى سيتم الاعتماد عليها فى تطوير النموذج الخاص بالسيارة الكهربائيه لكل شركة .

    كذلك من المتصور أن يكون هذا التوجه يمثل مرحلة جديدة في نشاط شركات تكنولوجيا المعلومات العالمية التى تبحث دائما عن تطوير حجم اعماله لاسيما وان مجال السيارات الكهربائيه يشكل فرص النمو فيها كبيرة للغاية ويكفى ان نشير هنا الى اكبر شركة لتأجير السيارات فى العالم لا تمتلك سيارة واحدة وهى تطبيق "  أوبر " وهى شركة لتكنولوجيا المعلومات وهو ما دفع العديد من الشركات الاخرى للاعلان عن استثمارات مليارات الدولارات، للدخول الى عالم صناعة السيارات الكهربائية .

    وفى هذا الاطار استعرض استطلاع اجرته شركة "يوجوف" على عينة من المواطنين في 17 دولة حول العالم للتعرف على رؤيتهم بشأن الحوافز المالية التي تدفعهم لشراء السيارات الكهربائية، حيث رأى 56% من المواطنين بالعينة أن انخفاض تكاليف شحن السيارة الكهربائية يعد من أهم الحوافز الرئيسة التي تجذب لاستخدام السيارات الكهربائية على الصعيد العالمي، يليه كل من انخفاض تكاليف التأمين، وتوفير إعانات حكومية على مشتريات المركبات الكهربائية 55% لكلٍ منهما، ثم انخفاض تكاليف استبدال البطارية، وحزم ضمان وصيانة لفترات طويلة.

     كذلك أجرى مركز "إبسوس" استطلاع على عينة من المواطنين في 8 دول أوروبية للتعرف على استخدام الأوروبيين للدراجات والسيارات الكهربائية ووسائل النقل الصديقة للبيئة، وأبدى 29% من المواطنين بالعينة اهتمامًا باستخدام سيارات كهربائية أو هجينة، كما أيد الشباب الأوروبي فكرة اقتناء سيارة كهربائية في المستقبل بنسبة 42%، وأوضح 35% من المواطنين بالعينة أن العامل المادي هو السبب الرئيس وراء تغير عاداتهم في التنقل، وأعرب 72% من الشباب بالعينة عن تفضيلهم لاستخدام وسائل النقل العام كوسيلة للتنقل كما يستخدم 50% الدراجات العادية ويفضل 31% استخدام الدراجات الكهربائية وهو ما يعكس اهتمام الشباب بالبيئة والتنقل بطريقة صديقة للبيئة، وأوضح 42% من المواطنين في ثماني دول أوروبية أنهم يستخدمون الدراجات والسيارات الكهربائية منذ أكثر من خمسة أعوام ماضية واعتزم 32% استخدامها بشكل أكبر في المستقبل.

    وعلى المستوى المحلى أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء ، أن هناك لقاءات مكثفة مع عدد من المؤسسات العالمية المتخصصة في صناعة السيارات، منوهاً في هذا الصدد إلى العرض الذي تم طرحه خلال أحد هذه اللقاءات مع شركة كبرى، تستهدف انتاج وتوطين صناعة 6 موديلات لسيارات جديدة بمصر، وذلك بحلول عام 2027، بينها سيارات كهربائية، وذلك بحجم انتاج كبير، جزء منه لتغطية احتياجات السوق المحلية، والباقي للتصدير للخارج، وهو ما يدعم قدرات وتنافسية الصناعة المصرية، مشيراً أنه سيتم عقد المزيد من الاجتماعات واللقاءات مع مسئولي هذه الصناعة الهامة.

    واستعرض رئيس الوزراء واستعراض سبل توطين صناعة السيارات في مصر، وكذا صناعة الهواتف المحمولة، لافتاَ إلى أن فاتورة استيراد المنتجات من هاتين الصناعتين تتجاوز 6 مليارات دولار سنوياً لذا اليوم نعمل على تشجيع تواجد مثل هذه الصناعات في مصر، وذلك بما يُلبي السوق المحلية، والسعي للتصدير للأسواق الخارجية خلال الفترة القادمة .

    وفى الحقيقة فى مطلع العام الماضى تم الكشف عن مشروع تصنيع سيارة كهربائية مصرية، وذلك بحضور الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، والدكتور محمد الغمرى، رئيس مجلس إدارة «إيجيبت سات جروب» وعميد كلية البحوث التطبيقية بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، حيث قامت أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، بتمويل المشروع بهدف تصميم جميع المكونات الألكترونية والكهربية محلياً فى خطوة تستهدف توطين صناعة السيارات الكهربائية محلياً من خلال انتاج سيارة كهربائيه يتراوح سعرها بين 100 – 170 الف جنيه ، وقتها كان سعر صرف الدولار 20 جنيها تقريبا ،وتناول عميد البحوث التطبيقية بالأكاديمية العربية، الخطوات التنفيذية للمشروع، موضحاً أنه يتم العمل على بدء التصنيع خلال 6 أشهر للسيارة المخصصة للاستخدام داخل المدينة بمكون محلي 60%، مع العمل على رفع المكون المحلي إلى 90% خلال 24 شهراً من بدء الإنتاج.

    وفى سبيل تحقيق هذا الحلم فانه سيتم إنشاء مجمع لتصنيع السيارات الكهربية على مساحة 50 ألف متر، واتخاذ ترتيبات لتعميق المكون المحلي في التصميم الميكانيكي، والمحركات، والدوائر الالكترونية، للوصول إلى نسبة 100% ، كما أن المشروع يستهدف تلبية احتياجات السوق المصرية من مختلف الطرازات، وتطوير تصميم مصري للسيارات المنتجة من خلال كوادر وطنية عالية المستوى أنه حال إنتاج سيارة مصرية بأعداد مؤثرة إقتصادياً، فقد أبدت شركات أجنبية استعدادها للشراكة لإنشاء مصنع لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية وكذا تصنيع المحركات محلياً.

    ورغم اننا لا نعرف مصير هذا المشروع ولا غيره من الافكار التى تم طرحها على مدار السنوات الماضية والمتعلقة بتوطين صناعة السيارات الكهربائية فى مصر سواء من خلال شركة "النصر "للسيارات بالشراكة مع احدى الشركات الصينية ، المتخصصة فى صناعة السيارات ، والتى كانت ستطرح سيارة كهربائيه للمستهلك النهائى بسعر 300 ألف جنيه الا انه للاسف لم يكتب النجاح لكل هذه الافكار ومع تحرير سعر صرف الجنيه قفز سعر أقل سيارة كهربائية الى ما يقرب من مليون جنيه وايضا لم ننجح فى توطين صناعة السيارات الكهربائية وهو ما اصبح لغز كبير محاط بمجموعة من الطلاسم التى لا نستطيع فهمها منطقيا !

    فكيف نريد نريد الحد من واردات السيارات وفى نفس الوقت نضع الكثير من العراقيل امام توطين هذه الصناعة لذا فنحن نضم صوتنا الى المطالبين بإعفاء جميع مكونات انتاج السيارة الكهربائية المصرية من الجمارك أسوة بالإعفاء الذي تتمتع به السيارات الكهربائية المستوردة والمصنعة بالخارج، مع منح حافز بقدر 200 ألف جنيه لمشتري السيارة الكهربائية مصرية الصنع.

    فى النهاية أعتقد أن السوق المحلي للسيارات الكهربائيه ، حيث تقدر بعض الدراسات أن اجمالى عدد السيارات الكهربائية فى مصر يبلغ نحو 15 الف سيارة ، سيشهد خلال السنوات القادمة دفعة قوية ونموا ايجابيا ملموس بما يتماشى مع تطلعات المواطنين لاقتناء سيارة بإسعار تنافسية وتكلفة تشغيل منخفضة بجانب دورها فى تخفيض التلوث البيئى. 

     

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن