نبضات
بقلم : خالد حسن
"الخوف ألا يفوتك شىء" هو شعار الذى يرفعه الغالبية العظمى من مستخدمى شبكات التواصل الاجتماعى العالمية " وعلى راسها الفيسيوك وأكس واليوتيوب وتيك توك وانستجرام وتلجرام والواتساب و...." والذين يتجاوز عددهم مليارات المستخدمين حول العالم وبالطبع مصر والدول العربية ليست استثناء من الهوس الذى يجتاج العالم والاتجاه نحو مزيد من الافراط فى استخدام شبكات التواصل الاجتماعى وتطبيقات الدردشة واستقطاع جزء اكبر من وقت الانسان وحياته ليقضيها فى تصفحها وتصفحها والتقاعل معها خاصة ما تزايد فاعدة مستخدمى الهواتف المحمولة الذكية وتوافر الانترنت المحمول فى اى مكان واى وقت .
ومؤخرا شكل قيام السلطات الفرنسية بالقاء القبض على رجل الأعمال الروسي الفرنسي الإماراتي بافل دوروف مؤسس تطبيق " تلجرام " ، والذى يستخدمه نمو مليار مستخدم حول العالم ، صدمة كبيرة للمثير من المتابعين والمتخصصين فى مجال شبكات التواصل الاجتماعي ورغموالافراج المؤقت عنه بغرامة مالية 5 مليون يورو الا انه وضعه تحت الاقامة الجبرية وعدم السماح له بالسفر مع توجيه عدة تهم له بانتهاكات مختلفة متعلقة باستغلال الأطفال في مواد إباحية وتسهيل الاتجار بالمخدرات ومعاملات احتيالية على تطبيق المراسلة المشفر"والتى يمكن ان تصل عقوبتها الى نحو 20 عاما فى السجن .
وبالطبع نحن هنا لسنا فى معرض للدفاع عن رجل الاعمال ، فبالتاكيد لديه جيش من المحاميين الذين يستطيعن الدفاع عنه ، ولكن ارغب فقط فى تسليط الضوء على ازدواجية معايير تعامل الدول الغربية مع شبكات التواصل الاجتماعي العالمية اذ لو حدث هذا الامر فى اي دولة اخرى لكانت وجهت لها من سهم الانتقادات بدعاوى محاربة حرية الرأى والتعبير وكتم الحريات ومخالفة حقوق الانسان وكان سينظر الى مؤسس تطبيق المراسلة " تيلجرام " ومديره التنفيذي ، الذي بلغت ثروته أكثر من 15 مليار دولار ، على انه زعيما عالميا يدافع عن حرية التعبير وان احتجازه ياتى بسبب رفض أن يقدم معلومات عن مستخدمي التطبيق للسطات الحكومية وكنا سمعنا من المئات من منظمات حقوق الانسان الدولية ما لم نسمعه مطلقا فى جرائم الابادة التى يرتكبها الاحتلال الصهوينى ضد الشعب الفلسطينى الأعزل من نحو 11 شهرا بدون ان يتحرك احد .
كذلك رغم ان عدد مستخدمى تليجرام لا يتجاوز مليار مستخدم يتم القبض على مؤسسه وتوجيه التهم له فى حين ان مستخدمى منصات " الفيسبوك ومانسجر وانستجرام والواتساب " لمالكها رجل الاعمال الامريكي مارك زوكربيرج أو منصة " أكس " لمالكها رجل الاعمال الامريكى إيلون ماسك والتى يمكن أن تنطبق عليهم نفس التهم والجرائم فانه لم يتم المساس به ولم يوجه اليهم اى كلمة اساءة او حتي رسالة تعنيف وكانه حمائم سلام وغيرهم وغيرهم من مالكى منصات التواصل الاجتماعي الامريكية وهو ما يؤكد أن التعامل الفرنسى مع منصات التواصل الاجتماعى هو أمر سياسى بنسبة 100 % ، حتى لو أعلن الرئيس الفرنسى غير ذلك ، لاسيما بعد تحول التطبيق إلى مصدر إعلامي مهم، لا سيما في الحرب الروسية على أوكرانيا كونه يستخدم من قبل الجيشين الروسي والأوكراني في تبادل الرسائل ونشر المحتويات المتعلقة بالحرب. هذه الإقبال الكبير الذي وجده في البلدين جعل جريدة "لوفيغارو" تصف تطبيق تيلجرام بأنه "ساحة حرب افتراضية"... فكم من جرائم ترتكب باسمك يا " حرية " !
فى اعتقادى انه تم توجيه الاتهامات الى بافل لانه لم يبدى اى نوع من التعاون مع الاجهزة الامنية فى الدولة الغربية ، ومنها فرنسا بالطبع ، فهو هرب من روسيا الى فرنسا ظنا منه انه سيجد من يداقع بقوة عن حقوق الشعوب فى التعبير عن رايها بدون ان يكون هناك رقيب امنى عليه وكانها لم يفهم اللاعبة جيدا نحن نترك تعيش وتعمل فى فرنسا ولكن للابد ان تتقسام معنا المعلومات وأن يكون للسلطات الفرنسية القدرة على الوصول فى اي وقت للمعلومات الخاصة بمستخدمين تيلجرا ولا عزاء لخصوصية المستخدمين او حقوقهم فى تشفبر تبادل للمعلوتهم " بيانات أو صور او فيديوها " .
وبالطبع ندرك انه مع تزايدة قاعدة مستخدمى شبكات التواصل الاجتماعى أصبحت تشكل جزء كبير من ثقافة مستخدميها لاسيما من الشباب صغير السن والذين يسهل التاثير عليهم واستغلالهم عبر الافكار ، سواء الايجابية او السلبية ، التى يتم نشرها وتداولها بسرعة عبر هذه الشبكات لاسيما وان التكنولوجيا أصبحت تستخدم بصورة خاطئة بشكل كبير، بما يتوجب معه العمل لتحسين استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى علم النفس في هذه اللجنة رفع مستوى الثقافة لدى المستخدمين مما ينعكس بالإيجاب على كيفية استخدامهم لمواقع التواصل الاجتماعي.
فالعالم الافتراضى ، على غرار العالم المواقع ، ليس واحة للاخلاق او للاحلام الوردية وانما هناك ايضا الكثير من المخاطر التى يمكن ان يتعرض لها مستخدميها وهنا تاتى اهمية التوعية بهذه التهديدات وكيفية ومواجههتا بالتوجيه والارشاد للمستخدمين لتعظيم الاستفادة من ادوات العالم الافتراضى وليس لمقاطعتها او حظرها او حجبها او الغائها فالممنوع مرغوب .
وعلى المستوى المحلى نتطلع الى تشكيل لجنة قومية ، تضم عدد من ال خبراء في مجالات مختلفة منها علم النفس وعلم الاجتماع وبالطبع خبراء تكنولوجيا ومعلومات والاتصالات والصحافة والاعلام والسويشال ميديا ، تعمل على دراسة عدد من الجوانب، أهمها الفئات العمرية الأكثر استخدامًا لمواقع التواصل الاجتماعي سواء كانت "فيسبوك أو تويتر أو البوتيوب" وان تبحث اللجنة الاستخدمات الضارة لمواقع التواصل الاجتماعي، وبعض الجوانب الأسرية والنفسية لبعض رواد الاستخدام الخاطئ لمواقع التواصل الاجتماعي، مع الاخذ فى الاعتبار أن مثل هذه الدراسة ربما تصل إلى أكثر من عام، كما يتوقع ان تعمل اللجنة على مواجهة الشائعات من خلال برامج توعية، وتدريب المستخدمين على التفكير قبل الترويج للشائعة، وتميز الأخبار الصحيحة من المزيفة لتضع فى النهاية توصياتها فى ضورة خطة لتحسين استخدم مواقع التواصل الاجتماعي، وتسلمها للجهات المسؤولة لتطبيقها .
وإذا كان نتفق على معارضتنا إلى نمط الاستخدام السيئ من قبل بعض مستخدمي الإنترنت ، والدخول للمواقع الإباحية أو استغلال الأطفال أو حتى نشر المعلومات المغلوطة والمضللة إلا أننا نؤكد ان أسلوب المنع والحجب والرقابة القهرية لم يعد الأسلوب الأمثل للتعامل مع أدوات عصر المعلومات ، فما يمكن أن نقوم بغلقه هذه الساعة يمكن أن يظهر غيره في الساعة التالية – إن لم يكن في نفس الساعة - ومن ثمة لا يعقل أن نظل مستمرين في لعبة القط والفأر والتي لم تنته طالما كان هناك انحدار أخلاقي، ونقص كبير في التوعية في نمط الاستفادة من مزايا وإيجابيات شبكة الإنترنت خاضة وان الكثيرون يرون أن مواقع التواصل الاجتماعى العالمية ،وعلى رأسها موقع الفيسبوك وتوتير واليوتيوب ، أصبحت إحدى الأدوات المهمة للتعبير عن حرية الرأي ونقل وقائع الشارع المصري ناهيك عن التكلفة المالية لحجب هذه الموقع.
فى النهاية نؤكد أن غياب التوعية الفعالة والرشيدة لبعض المستخدمين أثناء اتصالهم بكافة شبكات التواصل الاجتماعي العالمية هو حجر الزاوية الرئيسي عند الرغبة في تحجيم ظاهرة الانحراف الأخلاقي او نشر الافكار المتطرفة والاخبار المغلوطة عبر هذه الشبكات والحد من العديد من الجرائم التى يمكن حدوثها من خلال منصات التواصل الاجتماعي العالمية وستكون ليس هناك اى مسؤولية قانونية ذد مالكى هذه المنصات اذا ا كانوا يتعاونون بإيجابية مع السلطات الرقابية والامنية .