بقلم : خالد حسن
منذ سنوات ، تتجاوز العقد من الزمن ، توقع خبراء تكنولوجيا المعلومات و الحلول المالية إلى حدوث تحوّل اجتماعي يستمر لعدة أعوام، نحو المجتمع اللانقدي وتشجيع والمعاملات الالكترونية والتجارة الالكترونية ، والتى تخطت قيمتها 3.5 مليار دولار عام 2023، ومن المتوقع أن تتجاوز حاجز الـ 4.5 مليار دولار عام 2024 على المستوى المحلى ونحو 30 مليار دولار على مستوى منطقة الشرق الاوسط على حين بلغ حجم سوق التجارة الإلكترونية العالمية 5.2 تريليون دولار في عام 2023، ومن المتوقع أن يتجاوز 6.5 تريليون دولار في عام 2024 ، وهو مؤشر قوي على نمو هذا القطاع بشكل مستمر.على مستوى العالم ، حيث نشهد الانتقال نحو استخدام العملات الرقمية وحلول الدفع عبر الهواتف المحمولة، وذلك بالتزامن مع سعي الحكومات نحو توسيع نطاق هذا التحول حيث تشهد حلول الدفع والتحويلات المالية غير النقدية تنامياً ملحوظاً نتيجةً لسعي الشركات نحو زيادة الكفاءة وتعزيز مستويات الراحة لدى العملاء .
وظل هذا التوقع مجرد " حلم " فى أذهاننا جميعا وسط استغراب الكثيرون المستهلكين من امكانية اختفاء النقود بصورة الحالية "الورقية " وعدم اضطرار الناس الى حملها فى محافظهم المالبة واستبدالها بالبطاقات الائتمانية البلاستيطية او بالدفع عبر الهواتف الذكية المزودة بتقنيات " NFC " للدفع اللاسلكي "الا انه مع جائحة فيروس كورونا ، الذى ضرب العالم على مدار العامين الماضين ، حدث ما لم يكن متوقعا وأعطت دفعة قوية جديا للتعاملت المالية الالكترونية واتنعاش المدفوعات الرقمية واللاتلامسية .
وفي هذا اطار جهود البنك المركزي المصري لدعم التحول إلى مجتمع أقل اعتمادًا على أوراق النقد وتحفيز التوسع في استخدام أدوات الدفع الإلكترونية، تم الانتهاء من إطلاق خدمة ترميز بطاقات الدفع على تطبيقات الهواتف المحمولة وتفعيل خدمة أبل باي (Apple Pay) كمرحلة أولي، وذلك كخطوة هامة نحو تشجيع المواطنين على الاعتماد على الهاتف المحمول في إتمام المعاملات المالية الرقمية.
تم إطلاق الخدمة بالتعاون مع الشركات صاحبة علامة القبول الدولية (فيزا وماستركارد) ومنظومة الدفع الوطنية "ميزة" وكذا مع شركة أبل مصنعة الهواتف الذكية، وبالتنسيق مع عدد من البنوك والعديد من مقدمي تطبيقات الدفع عبر الهاتف المحمول وكذا شركات التكنولوجيا المالية، مما يساهم في تحقيق التكامل بين المنظومات الدولية والمحلية لضمان توسيع نطاق خدمات الدفع الرقمية في مصر، ويعزز ثقة العملاء في استخدام المدفوعات الإلكترونية.
وستتيح منصة ترميز بطاقات الدفع الوطنية إضافة نسخة رقمية من بطاقة الدفع الإلكترونية على تطبيقات الهاتف المحمول واستخدامها في عمليات الشراء سواء عن طريق نقاط البيع الإلكترونية (POS) أو من خلال المواقع والتطبيقات الإلكترونية عبر الإنترنت (E-commerce) حيث يمكن التصديق على معاملات الدفع باستخدام الخصائص البيومترية (على سبيل المثال: بصمة الوجه أو الاصبع، ... إلخ ) دون الحاجة لإدخال الرقم السري للبطاقة، كما ستتيح الخدمة تحسين تجربة العملاء في إتمام المعاملات الإلكترونية بصورة لاتلامسية وبسرعة وأمان دون الحاجة إلى وجود بيانات بطاقات الدفع الإلكترونية.
وسيساهم إطلاق خدمة ترميز البطاقات في زيادة معاملات السداد من خلال نقاط البيع الإلكترونية والتجارة الالكترونية عبر الانترنت التي شهدت تطورًا ملحوظًا خلال الفترة الماضية، حيث من المتوقع وصول قيم معاملات نقاط البيع الإلكترونية بنهاية عام 2024 لنحو 640 مليار جنيه بنسبة نمو 280% مقارنة بعام 2021 الذي تم خلاله تنفيذ معاملات بقيمة 169 مليار جنيه، وكذلك من المتوقع وصول قيم معاملات التجارة الإلكترونية إلى أكثر من 180 مليار جنيه بنهاية عام 2024 مقارنة بقيم معاملات تقدر بـ 29 مليار بنهاية عام 2021 بنسبة نمو أكثر من 500%.
وشهد السوق المصري انفتاح على تقبل المزيد من المدفوعات المباشرة من حساب إلى آخر (A2A) اذ يود غالبية المستهلكين الحصول على مزيد من السهولة لتحسين مدفوعات الفواتير، ويولون أهمية متزايدة للتحكم بالمدفوعات، ولعاملي الراحة والمرونة، ولتبني تقنيات الدفع المتكاملة. وأشار معظم المستهلكين إلى انفتاحهم على خيارات الدفع المباشرة من حساب الى حساب عبر ربط حساباتهم بموقع التاجر لإجراء عمليات شراء مستقبلية. وحافظ 80% من المستهلكين في مصر، الذين يستخدمون المدفوعات من حساب إلى حساب، على نشاطهم في هذا المجال أو زادوا منه العام الماضي وفقا لما أكد مؤشر " ماستركارد للمدفوعات الجديدة " .
وأفاد (66%) من المستهلكين في مصر أنهم مهتمون بخيار دفع الفواتير الذي يسمح لهم تعديل تاريخ دفع فواتيرهم الشهرية، ويرجع ذلك في الغالب إلى دخلهم غير المنتظم. وأصبحت خيارات دفع الفواتير، التي تسمح لهم بالدفع في فترات لاحقة باستخدام حل "اشتر الآن وادفع لاحقاً" (69%) مثار اهتمام أيضاً، إضافة إلى إجراء عمليات دفع تلقائية لفواتيرهم المنزلية (69%).
وفى تصورى من اهم النتائج التى سلط الضوء عليها هو إقبال المستهلكين على حلول التكنولوجيا المالية، والخدمات المصرفية المفتوحة بشكل غير مباشر، لتلبية احتياجاتهم المالية اليومية حيث يعتمد المستهلكون على خيارات التمويل الرقمي لتلبية احتياجاتهم المالية اليومية نظراً لما تتيحه الخدمات المصرفية المفتوحة من مزايا تشمل السرعة، والراحة، والشفافية. وأفاد 7 من كل عشرة (71%) مستهلكين بمعرفتهم بالخدمات المصرفية المفتوحة، وباستخدامها لدفع فواتيرهم، وإجراء أعمالهم المصرفية، وتأمين قروضهم أو إعادة تمويلها، وتسديد مدفوعات "اشتر الآن وادفع لاحقاً".
كما يشعر أكثر من نصف المستهلكين (61%) في مصر بالأمان عند استخدامهم التطبيقات لإرسال الأموال إلى الأفراد أو الشركات عبر هواتفهم، وأبدى 4 من كل عشرة (42%) استعدادهم لمشاركة بياناتهم المالية مع التطبيقات للوصول إلى وسائل الدفع التي تساعدهم في إدارة أموالهم.
ومن اهم ما أشار اليه مؤشر ماستركارد أن أنظمة المدفوعات الجديدة باتت تتمتع بقوة استقطاب أكبر لدى الأجيال الرقمية حيث تميل الأجيال الشابة إلى اعتماد التقنيات الرقمية في عمليات الشراء والمدفوعات، ويتزايد نشاطها على نحو مطرد في أنظمة الدفع الرقمية الجديدة، وبوتيرة أكثر تسارعاً من تلك السائدة في أوساط الجمهور الأكبر سناً، حيث تنظر غالبية الأجيال الشابة إلى النظم والوسائل الرقمية على أنها آمنة وسهلة الاستعمال.
وهناك مؤشرات قوية في مصر على أن الجيل زد (Gen Z) أصبح أقل ميلاً للقيام بإجراء عمليات شراء ودفع شخصياً مقارنة بالأجيال الأكبر سناً، ويتطلع بشغف إلى إيجاد طرق دفع جديدة، وربما نجح ما يقرب من (40%) من جيل زد في مصر في الحصول على طريقة دفع لاتلامسية جديدة (مثل البطاقات اللاتلامسية أو الأجهزة القابلة للارتداء) مقارنة بنسبة 26% فقط من الأجيال الأكبر سناً.
فى النهاية نؤكد انه مع تعاظم إقبال المستهلك على التقنيات الرقمية في عمليات التسوق وإتمام الخدمات المصرفية وإجراء التعاملات أكثر من أي وقت مضى، فان اطلاق إطلاق خدمة " Apple Pay " سيساعد على مواكبة سوق المدفوعات الرقمية المحلية للتطورات التكنولوجية المتسارعة، واستمرارًا للطفرة الكبيرة التي يشهدها مجال الخدمات المصرفية الرقمية في مصر، والتي استفاد منها بشكل أساسي المواطن في مختلف أنحاء الجمهورية بحيث أصبح يستطيع إجراء معاملاته المالية بسهولة وبتكلفة مناسبة في أي وقت ومن أي مكان كما أن "الخدمة الجديدة تؤكد على التزام البنك المركزي المصري بتدعيم البنية التحتية للخدمات المالية الرقمية، وتوفير خدمات دفع إلكترونية متطورة وآمنة للعملاء، حيث تقدم هذه الخدمة فرصًا هائلة لتقديم حلول مالية مبتكرة تتوافق مع متطلبات العملاء وتواكب أفضل المعايير العالمية .