طباعة الأعضاء ثلاثية الأبعاد: ثورة جديدة في عالم الطب البشريّ

  • كتب : أمير طه 

     

    يوجد بالولايات المتحدة الأمريكية نحو 106.075 رجلًا وامرأة وطفلًا على قائمة الانتظار الوطنية لزراعة الأعضاء اعتبارًا من 10 يونيو 2022. ومع ذلك، فإن المتبرعين الأحياء يقدمون فقط نحو 6000 عضو سنويًا في المتوسط، وهناك نحو 8000 متبرع متوفى سنويًا يقدم كل منهم 3.5 أعضاء في المتوسط.

    ووفقًا لوكالة "إدارة الموارد والخدمات الصحية" (
    Health Resources & Services Administration) بالولايات المتحدة الأمريكية، يموت 17 شخصًا كل يوم في انتظار عملية زرع الأعضاء، وتشير الوكالة إلى أنه كل تسع دقائق، تتم إضافة شخص آخر إلى قائمة الانتظار، وقد احتاج أكثر من 90% من الأشخاص المدرجين في قائمة الزرع في عام 2021 إلى كُلية؛ حيث يحتاج نحو مليون شخص في جميع أنحاء العالم إلى كُلية، وعليه، فإن هذا الأمر أصبح محفزًا لمواجهة تحدي زراعة الأعضاء والأنسجة من خلال طباعتها.

    وفي هذا الصدد، فإن الطباعة الحيوية للأعضاء هي استخدام تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد لتجميع أنواع متعددة من الخلايا وعوامل النمو والمواد الحيوية بطريقة تكوين طبقة تلو الأخرى لإنتاج أعضاء اصطناعية حيوية تقلد نظائرها الطبيعية بشكل مثالي.


    لبدء عملية الطباعة الحيوية للعضو، يبدأ الأطباء عادةً بخلايا المريض نفسه؛ حيث يتم أخذ خزعة بإبرة صغيرة من أحد الأعضاء، أو القيام بإجراء جراحي طفيف التوغل يزيل قطعة صغيرة من الأنسجة -أقل من نصف حجم طابع بريدي-، ومن خلال فصل هذه القطعة الصغيرة من الأنسجة، يمكن للأطباء فصل الخلايا عن بعضها وتنمية وتوسيع الخلايا خارج الجسم.

    يحدث هذا النمو والتوسع داخل حاضنة معقمة أو مفاعل حيوي -وعاء مضغوط من الفولاذ المقاوم للصدأ يساعد الخلايا على البقاء من خلال مغذيات تسمى "الوسائط"-، ويقوم الأطباء بتغذيتها كل 24 ساعة، لأن الخلايا لها عملية الأيض الخاصة بها، وكل نوع من الخلايا له وسائط مختلفة، وتعمل الحاضنة أو المفاعل الحيوي كجهاز يشبه الفرن يحاكي درجة الحرارة والأكسجين في جسم الإنسان.

    وقد صرح "أنتوني أتالا" (
    Anthony Atala)، مدير "معهد ويك فورست للطب التجديدي" (Wake Forest Institute for Regenerative Medicine) بالولايات المتحدة الأمريكية، بأنه يتم خلط العضو مع ما يشبه الصمغ؛ حيث يحتوي كل عضو في جسم الإنسان على الخلايا والصمغ الذي يربطهما معًا، وهذا الصمغ هو الاسم الذي أطلقه "أتالا" على "الأحبار الحيوية" (bioink)، وهي مزيج قابل للطباعة من الخلايا الحية.

    وتجدر الإشارة إلى أن المواد الحيوية المستخدمة عادة للطباعة يجب أن تكون غير سامة وقابلة للتحلل الحيوي ومتوافقة حيويًا لتجنب الاستجابة المناعية السلبية، ويُعد "الكولاجين" و"الجيلاتين" من أكثر المواد الحيوية شيوعًا المستخدمة في الطباعة الحيوية للأنسجة أو الأعضاء.

    في السياق ذاته، يقوم الأطباء بتحميل كل حبر حيوي -اعتمادًا على عدد أنواع الخلايا التي يرغبون في طباعتها- في غرفة الطباعة، ويتم استخدام رأس الطابعة والفوهة لبثق الحبر وبناء طبقة تلو الأخرى، وأضاف "أتالا" بأن إنشاء الأنسجة بخصائص شخصية يتم تمكينه من خلال الطابعات التي تتم برمجتها باستخدام بيانات تصوير المريض من الأشعة السينية أو عمليات المسح.

    وختامًا، فإن المدة التي تستغرقها عملية الطباعة تعتمد على عدة عوامل، بما في ذلك العضو أو الأنسجة التي تتم طباعتها، والدقة، وعدد رؤوس الطباعة المطلوبة، وتدوم المدة عادة من بضع ساعات إلى عدة ساعات. وبعد انتهاء عملية الطباعة لا بد من إدخال العضو على الفور في مفاعل حيوي والبدء في إمداده بالسوائل وإلا ستموت الخلايا، وتلك السوائل عادة ما تكون الدم أو بدائل الدم، عن طريق تدويره عبر الأوعية الدموية أو القنوات الأخرى.

     

     

     

     



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن