كتب : غادة حلمي
في خطوة استراتيجية لتعزيز نمو إيراداتها في قطاع الحوسبة السحابية وتقليل اعتمادها على الرقائق الأميركية، أعلنت مجموعة «علي بابا» عن تطوير شريحة ذكاء اصطناعي جديدة قادرة على التعامل مع مجموعة واسعة من مهام الاستدلال.
وبحسب تقرير صحيفة «وول ستريت جورنال»، تمثل الشريحة خطوة رئيسية في مسار الصين نحو بناء سلسلة توريد محلية قوية للذكاء الاصطناعي، وسط قيود أميركية على استيراد أحدث شرائح «إنفيديا».
وتأتي هذه الخطوة في وقت يشهد فيه سوق الحوسبة السحابية في الصين نمواً متسارعاً، حيث سجلت «علي بابا» زيادة بنسبة 26% في إيرادات السحابة خلال الربع الثاني من العام، مدفوعة بالطلب المتزايد على خدمات الذكاء الاصطناعي.
ويعتبر الرئيس التنفيذي لشركة «علي بابا» إدي وو أن «الذكاء الاصطناعي مع السحابة» يشكل أحد محركي النمو الرئيسيين إلى جانب التجارة الإلكترونية، مع استثمار مخطط بقيمة 53 مليار دولار على مدى ثلاثة أعوام لتعزيز هذه المجالات.
وكانت شركة «علي بابا» واحدة من أكبر عملاء «إنفيديا» في الصين، لكنها اليوم تنضم إلى موجة من الشركات المحلية التي تسعى لسد الفجوة الناتجة عن قيود واشنطن على تصدير المعالجات المتقدمة.
وتشير المصادر إلى أن الشريحة الجديدة، بخلاف سابقاتها المصممة لتطبيقات محددة، صُممت لتكون أكثر مرونة وتلبية لعدد أكبر من مهام الاستدلال، ما يعزز قدرة الشركة على تلبية الطلب المتنامي على الذكاء الاصطناعي.
ورغم أن قدرات التصنيع المحلية ما تزال متأخرة عن مثيلاتها الأميركية، فإن شركات مثل «ميتا إكس» و«كامبريكون تكنولوجيز» بدأت تقديم بدائل عملية.
وأطلقت «ميتا إكس» معالجاً بذاكرة أكبر من شريحة «H20» من «إنفيديا»، بينما حققت «كامبريكون» إيرادات بلغت 247 مليون دولار في الربع الثاني بفضل الطلب القوي على شريحة «سييوان 590»، لترتفع قيمتها السوقية إلى أكثر من 87 مليار دولار.
وتواجه المصانع المحلية تحديات تتعلق بقدرات الإنتاج، إذ تعمل بمعدات قديمة وتقنيات محلية محدودة القوة، ما يجعل توسيع الإنتاج مهمة صعبة.
كما تم تصنيع شريحة «علي بابا» الجديدة في منشأة صينية، خلافاً للشرائح السابقة التي أنتجتها «تي إس إم سي» التايوانية، والتي تحظر الولايات المتحدة إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة لها لصالح السوق الصينية.
ويعد التدريب على النماذج الذكية، الذي يستهلك أعلى مستويات القدرة الحاسوبية، المجال الأضعف للشرائح المحلية مقارنة بالحلول الأميركية، بينما تظل شريحة «علي بابا» الجديدة مخصصة لمهام الاستدلال، وهي المرحلة التي لا تتطلب قوة حوسبة متقدمة.
وفي الوقت نفسه، تسعى «هواوي» لتبوء مكانة قيادية من خلال شرائح «أسيند» وأنظمة الحوسبة الكبيرة، لكنها تواجه تحفظات من شركات الحوسبة السحابية الخاصة، بما في ذلك «علي بابا»؛ بسبب المنافسة المباشرة في السوق.
ويقول محللون إن الابتكارات البرمجية والتحسينات في الرقائق المحلية قد تساعد الصين على تضييق الفجوة مع الولايات المتحدة في المستقبل القريب.
وكتب كيفن شوذ، مؤسس «إنتركونكتد كابيتال»، أن هذه التعديلات «قد تسمح لمطوري الذكاء الاصطناعي في الصين بمنافسة إنفيديا والنظام الأميركي في وقت أقرب مما يتوقعه كثيرون».
مع الاستثمارات الضخمة التي أعلنت عنها بكين في سلسلة توريد الذكاء الاصطناعي، ودور الشركات المحلية الرائد مثل «علي بابا»، و«ميتا إكس»، و«كامبريكون تكنولوجيز»، و«هواوي»، تتجه الصين بخطى ثابتة نحو بناء منظومة ذكاء اصطناعي محلية قوية، رغم أن الريادة التكنولوجية العالمية لا تزال بيد الشركات الأميركية.