المستقبل لريادة الأعمال ودعم الإبداع

  •   بقلم : خالد حسن

    كل إنسان لديه قدرات إبداعية ولكن القليل من الأشخاص هم الذين يسعون لتوظيف هذه القدرات ويسعون لتطوير أنفسهم ونشر إبداعهم ، فالإبداع لا يقتصر على أشخاص دون غيرهم فهذه نظرة خاطئة للأمور إلا أن في نفس الوقت لا يأتي التفكير الإبداعي من فراغ .. وإنما يأتي نتيجة الإدراك الجيد للمشكلة والرغبة في حلها لذا فإن غالبية الأفكار البناءة والمبتكرة تأتي من العلماء المحترفين ، العاملين في مؤسسات بحثية متخصصة ، إلا أن طبيعة قطاع تكنولوجيا المعلومات تعطي لحماس الشباب وأفكارهم المبتكرة فرصة كبيرة للنجاح ،وذلك رغم الظروف الصعبة والأجواء غير المواتية ، ولكن لا يجب أن نغفل عن حاجة هؤلاء الشباب للاحتكاك بالتجارب الدولية وإعطائهم الفرصة لمواصلة نشاطهم وحماسهم وأن ندفع بالأفكار الجديدة ونترك جانباً ما يجذبنا للخلف.


    ومؤخرا وقعت هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات "إيتيدا" ، التابعة لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ، اتفاقية مع أكبر مستثمر على مستوى العالم في المراحل المبكرة للشركات الناشئة ، حيث استثمرت في أكثر من 1000 شركة ناشئة وهي شركة "بلاج أند بلاي  " Plug and Play  ،العالمية المتخصصة في مجال تمكين الشركات الناشئة وتسريع نموها ،  لإقامة شراكة استراتيجية بين الجانبين بهدف تعزيز نمو قطاع ريادة الأعمال والشركات الناشئة بمصر وبموجب التعاون سيتم تأسيس مقر للشركة العالمية في مركز إبداع مصر الرقمية بقصر السلطان حسين كامل بالقاهرة وهو واحد من 40 مركز تديرها الشركة في 19 دولة حول العالم .

    وتهدف الشراكة الاستراتيجية بين الطرفين للعمل المشترك لتعزيز مكانة مصر كمركز رائد في مجال ريادة الأعمال المدفوعة بالابتكار في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا ، حيث تبلغ مدة العمل بالاتفاقية 3 سنوات ، سيتم خلالها إطلاق منصة ابتكار للشركات الناشئة في القاهرة مع التركيز على التحول الرقمي؛ حيث سيتم إطلاق دورتين سنويًا من برنامج مُسّرع أعمال يستهدف عدد 60 شركة ناشئة في مرحلة النمو، بالإضافة لدورتين سنويًا من برنامج لاحتضان الشركات الناشئة سيتم من خلاله تمكين 60 شركة ناشئة في مراحلها المبكرة كما تستهدف الاتفاقية أن تجتذب الشركات الناشئة الملتحقة بالبرنامج استثمارات تقدر بـ 20 مليون دولار، إلى جانب خلق ما لا يقل عن 500 فرصة عمل.
    وكشف الدكتور عمرو طلعت ـ وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات حرص الوزارة على تحفيز نمو قطاع ريادة الأعمال ورعاية المشروعات الريادية القائمة على الإبداع التكنولوجي وخلق المناخ الملائم لنمو الشركات الناشئة كأحد أهم محاور بناء مصر الرقمية وذلك في ضوء مكانة مصر المتقدمة في هذا المجال، وفى ظل ما حققته من نجاحات كبيرة على الصعيدين الإقليمي والدولي؛ موضحا أن هذه الاتفاقية ستسهم في تعزيز جهود الوزارة لتنمية ريادة الأعمال من خلال الشراكة مع واحدة من كبرى الشركات العالمية في مجال احتضان وتسريع أعمال الشركات الناشئة؛ مشيرا إلى تنفيذ الوزارة خطة لنشر مراكز إبداع مصر الرقمية في مختلف المحافظات لنشر ثقافة ريادة الأعمال وتشجيع طلاب الجامعات ورواد الأعمال من خلال تطوير طاقاتهم وقدراتهم الابتكارية وتوجيه مشروعاتهم الريادية في مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

    وبالطبع تاتي هذه الاتفاقية في إطار قيام هيئة " إيتيدا " بتطوير منظومة برامج التدريب التكنولوجي وبرامج تحفيز الإبداع وتنمية مفهوم ريادة الأعمال بين الشباب بناء قاعدة استراتيجية من الطاقات البشرية المتميزة للعمل والإبداع في مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بجميع المحافظات إذ ستسهم الاتفاقية في تأهيل نحو 120 شركة تكنولوجيا ناشئة سنويا ، بإجمالي 360 شركة في 3 سنوات لاسيما في ظل نشر مراكز إبداع مصر الرقمية والتي ستصل إلى  10 مراكز ، في عام 2022 منتشرة بالمحافظات ، متخصصة مع التركيز على تنمية الابتكار وتوطين الإبداع التكنولوجي وريادة الأعمال كصناعة للمستقبل بالإضافة إلى تنفيذ برامج تدريبية داخل  كل الجامعات الحكومية  والخاصة وهناك أعداد كبيرة من المدربين سيقومون بتدريب طلاب الجامعات على مستوى كليات الهندسة والحاسبات والمعلومات لتدريب احترافي في مجال التكنولوجيا لنحو 16 ألف متدرب " من بينهم 1000 رائد أعمال، و5000 متخصص في مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

    وبالطبع نتفق جميعا على ضرورة التركيز على توطين ثقافة الابتكار والإبداع لدى الشباب بما يسمح بإيجاد حلول جديدة ومبتكرة للمشاكل الحالية كونهم يمثلون وقود أى أمة تبحث عن التقدم والتطور والمصدر الرئيسي للأفكار المبتكرة ، خارج الصندوق ، لطرح حلول جديدة للتحديات التي تواجه عملية التنمية علاوة على كونهم الأقدر على الحركة  والمرونة وفقا للمشاكل التي نبحث لها عن حلول .

    وفي تصوري أن الحديث عن مبادرة " ريادة الأعمال وتنمية الإبداع "  التي تتبناها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ، منذ سنوات ، بجب أن يكون للشباب ، كأفراد أو مؤسسات صغيرة ، دور كبير في تفعيل هذه المبادرة من خلال وضع آليات محددة وخطوط واضحة لمخاطبتهم والتحاور معهم بصورة مباشرة والاستفادة من قدرات الشباب وتوجيههم نحو الإبداع والذي بات نمطا من التفكير يمكن لأي شخص أن يتعلمه ويتدرب عليه، فالمبتكر هو الذي يطور شيئًا لم يكن موجودًا من قبل وهذا الشيء لا بد من أن تكون له قيمة فممارسة الابتكار تعتبر حافزًا قويًا لأنها تجعل الأفراد أكثر اهتمامًا بما يقومون به، وتعطي الأمل في الوصول إلى أفكار قيمة كما أنها تجعل الحياة أكثر متعة وإثارة للاهتمام خاصة إذا كان الابتكار مرتبطا بوجود عائد مادي .


    في اعتقادي أنه من الخطأ أن ننظر للإبداع بوصفه موهبة شخصية فقط يولد بها الإنسان وهذا في الحقيقة ضد كل ما نعرفه من قصص المبدعين فليس المبدع هو من يستطيع تخزين أكبر كم من المعلومات في ذهنه وإنما من يستطيع الربط بين الأشياء وترتيب طريقة التفكير ولديه الرغبة والإرادة والتصميم على التغير ومن ثمة فإنه كما يتم تعليم الأطفال والشباب ممارسة كرة القدم أو أي رياضة أو إعمال فنية يجب أن يتم التعامل مع مواردنا البشرية ، سواء أفرادا أو مؤسسات ، من خلال تعليمهم وتدريبهم على التفكير بصورة دائمة بطريق ابتكارية ، وليس حادثا عارضا ، وتقبل أفكارهم الجديدة والتفاعل معها .

    نعلم مدى اهتمام وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ودعمها للتفوق وكل من يتميز في مجالات الإبداع والابتكار لوضع الشباب المصري على طريق طويل للتنافسية ودعم الابتكار والإبداع إلا أننا نؤكد أن أمامنا فرصة ذهبية خلال الخمس إلى العشر سنوات القادمة في مجال المنافسة بقوة فيما أصبح يعرف باقتصاد المعرفة ولاغتنام هذه الفرصة هناك حاجة إلى جهد مختلف ومتكامل وعمل دؤوب لتأهيل الشباب وثقل مهاراته في مجال الإبداع التكنولوجى فالتنافسية تقوم في الفترة القادمة على البحث والتطوير والإبداع وكل ما هو خلاق بالنسبة للشباب لكي تحصل بلادنا على مكانتها اللائقة في هذا المجال ووضع بصمة تكنولوجية حقيقية على طريق الإبداع العالمي للمعلومات .

    وفي الحقيقة كانت جريدة " عالم رقمي " مدركة تماما لأهمية نشر وتوطين ثقافة الإبداع لذا تبنت منذ 15 عاما مبادرة " الإبداع .. طريقك للنجاح "  في الجامعات المصرية والتي تعتمد على مفهوم الاحتكاك المباشر بين ممثلي شركات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات العالمية والمحلية وشباب كليات الهندسة وعلوم الحاسبات على مستوى كل المحافظات إذ تؤكد التجربة الواقعية أن لدينا بالفعل شباب مبدع في مجال التكنولوجيا إلا أن غياب المعلومات لديهم ونقص الإمكانيات يشكل حجر العثرة لهؤلاء الشباب ونأمل أن تكون مبادرة الإبداع التكنولوجي وريادة الأعمال " هى طوق النجاة لهؤلاء الشباب وبناء قاعدة كبيرة لشباب المبدعين المصريين في مجال تكنولوجيا المعلومات.

     

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن