الرسوم الجمركية ..وصناعة الالكترونيات

  •       بقلم : خالد حسن

    غيرت الالكترونيات حياة الكثير من الناس اذ يتم الاعتماد عليها فى الكثير من المنتجات الاساسية فى محتلف نواحى الجياة بداية من المحمول واجهزة الكمبيوتر والروبوت مررورا بالاجهزة المستخدم فى مجال الصحة والترفيه والتغذية ووصولا الى السيارات والطائرات والصاورخ العابرة للقارات والمركبات الفضائيه .

    وبالتالى فان صناعة الالكترونيات اصبحت تشكل عنصر مهما واستراتيجيا عند الحديث عن تطوير اى صناعة وبدون صناعة محلية قوية للالكترونيات فانه من الصعب ان تواكب الصناعة المحلية القفزات الهائله فى المنافسة بالاسواق العالمية .

    ومن أكثر من 5 سنوات اعلن الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية عن مبادرتين للنهوض بصناعة الإلكترونيات والتعليم التكنولوجى، أولاهما مبادرة "توطين صناعة الالكترونيات" التى تُعنى بتصميم وصناعة الالكترونيات وتشجيع قطاعى شركات النظم الإلكترونية، وخدمات صناعة الالكترونيات كثيفة العمالة، وتستهدف تلك المبادرة زيادة العائد الاقتصادى ليصل إلى ثلاثة مليارات دولار خلال ثلاث سنوات، فضلاً عن توفير فرص العمل وتشغيل الشباب، أما الثانية فهى مبادرة "رواد تكنولوجيا المستقبل" الخاصة بالتعليم التكنولوجى للشباب المصرى، والتى تهدف إلى تدريب وتأهيل الكوادر المصرية الشابة من خريجى الجامعات المصرية، وسيتم تنفيذها بالشراكة مع كبريات المؤسسات والجامعات العالمية لمنح شهادات معتمدة بالتنسيق مع الجامعات المصرية والشركات العالمية العاملة فى مجال تكنولوجيا المعلومات.

    وفى الحقيقة فان المبادرة الثانية تسير بخطى ثابته وفى طريقها لتحقيق اهدافها فى ظل التطور السنوى لعدد الكوادر البشرية ، سزاء من طلاب الجامعات او الخريجين ، الذين يتم تأهيلهم على احدث مجالات تكنولوجيا المعلومات وذلك من خلال جهود مركز الابداع التكنولوجى وربادة الاعمال التابع لهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات بوزارة الاتصالات .

    ولكن ماذا عن المبادرة الاولى لتوطين " صناعة الالكترونيات " ؟

    لعله من المهم ان نؤكد ان صناعة " الالكترونيات" تعد واحدة من اكبر الصناعات على مستوى العالم الا لم تكن الاكبر ، اذ تشير الدراسات أن حجمها يتجاوز 2 تريليون دولار وانها تمثل 68 % من صناعة خدمات الاتصالات وتكنلولوجيا المعلومات والاجهزة الالكترونية ، حيث باتت صناعة أمن قومى حقيقى ويتطلب الامر سرعة التحرك لتوطين هذه الصناعة محليا والتى يتجاوز حجمه حاليا نحو 16 مليار جنيه ، بجانب قدرتها فى المساعدة في خلق 30 الف فرصة عمل مباشرة و 120 الف فرصة عمل غير مباشرة .

    وهنا ننوه الى قيام وزارة المالية بتطبيق ضريبة جمركية بما يعادل 10٪ على الهواتف المحمولة المستوردة ، بعد موافقة مجلس النواب على القرار الجمهورى رقم 558 لسنة 2021 ، وذلك بهدف تحفيز الصناعة المحلية فى تكنولوجيا المعلومات خاصة الموبايلات، مع الإبقاء على أجهزة الحاسب الآلى وملحقاته و«التابلت» معفاة؛ باعتبارها إحدى الأدوات الرئيسية للتحول الرقمى، وتطوير منظومة التعليم حيث تم تعديل بعض فئات التعريفة الجمركية؛ تشجيعًا للصناعة الوطنية، وتعميقًا للإنتاج المحلى، على نحو يُسهم فى تحفيز بيئة الاستثمار، وتعظيم قدراتنا الإنتاجية، وتعزيز القوة التنافسية للمنتجات المصرية فى الأسواق العالمية .

    وبالطبع من الممكن ان نتفهم هذا القرار اذا كا ضمن منظومة متكاملة لبرنامج قومى لتعميق التصنيع المحلى الذى يهدف لتقليل بعض الواردات، مقابل زيادة الإنتاج محليا مع تقديم كل الدعم والمساندة للصناعات المحلية، لتتمكن من منافسة مثيلاتها المستوردة مع القيام بإعداد قاعدة بيانات تفصيلية عن أبرز المنتجات المستوردة، ومثيلتها المحلية، ونسبة المكون المحلي بها، وإمكانيات المصانع لتوفيرها محليا حيث تبين أن 55% من هذه الواردات تتركز فى 3 قطاعات رئيسية، وهى الهندسية والكيماوية ومواد البناء وجميعها صناعات قابلة للتوطين والتعميق اذ سيتم التركيز على هذه القطاعات بهدف إيجاد منتجات محلية الصنع، كبديل منافس وقوى للمنتجات المستوردة.

    فى تصوري أن مصر تمتلك قاعدة صناعية كبيرة ومتنوعة قادرة على إحلال الكثير من الواردات، ومنها صناعة الالكترونيات وبالتالي فان الرسوم الجمركية ممكن أن تكون أحد الأدوات المهمة لتوفير بيئة مشجعة للصناعة المحلية ضمن ايكو سيستم متكامل ولكن من الصعب بل من المستحيل ان يكون لها دور ايجابي فى توطين صناعة الالكترونيات كأداة منفردة .

    وبالتالى فان هناك برنامج قومى لتعميق الصناعة ،وعلى راسها صناعة الالكترونيات والمنتجات الهندسية ،وايضا استراتيجية قومية لتوطين صناعة الالكترونيات فهل هذا يعنى وجود تنسيق بينهما لضمان عم ازدواجية المجهود وسرعة تحقيق الاهداف المرجوة خاصة واننا نعلم أن صناعة الالكترونيات تحتاج الى استثمارات مالية كبيرة ، ربما لا تسطيع مؤسسة بمفرها توفيرها ، ولذلك يجب ان نفتح الباب أمام اقامة تحالفات بين كافة الاطراف الحكومية المعنية مع عدد من الشركات المحلية ومساعدة هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات " ايتيدا " هذه التحالفات للاستفادة من مبادرة البنك المركزى المصرى ،والتى تتيح 200 مليار جنيه لتمويل الشركات فائدة ميسرة 5 % ، خاصة وان مصر تمتلك سوق محلى كبير وطلب متزايد على كافة الاجهزة الالكترونية ناهيك عن كونها بوابة للسوق الافريقى والعربى واتفاقيات التجارة الحرة التى تربطها مع كل من السوق الاوروبى والامريكى .   

    فى تصورى أن المرحلة القادمة يمكن أن تأخذ أبعاد أكثر من ذلك فى تطور الشراكة الاستراتيجية بين الشركات المحلية والعالمية من خلال قيام الجهات الحكومية المعينة بصناعة الإلكترونيات بدعم هذا التحالف بوسائل مختلفة ستؤدى فى النهاية إلى تعميق مفهوم الشراكة المحلية والعالمية لتحقيق أهدافنا الوطنية من خلال المساهمة فى إنشاء شركات تصميم خاصة فى مجال الدوائر الإلكترونية خاصة انه من سنوات قام نائب رئيس شركة "فوكس كون تكنولوجى" ، اكبر شركة عالمية للالكترونيات ،  بزيارة مصر والتقى مع رئيس الوزراء لبحث سبل التعاون مع الشركة المتخصصة في مجال صناعة الإلكترونيات آخذا في الاعتبار حجم السوق المصري، واتفاقيات التجارة الحرة الموقعة بين مصر وعدد من الدول، وتوافر التسهيلات والبنية التحتية الأساسية اللازمة للتعاون في هذا المجال والبدء فى إقامة مجمع لتصنيع الإلكترونيات في المنطقة التكنولوجية بأسيوط، بالإضافة التوسع في إنشاء مجمعات صناعية أخرى في باقي المناطق التكنولوجية.

    كما اقترح رئيس الوزراء ، أنذاك المهندس شريف اسماعيل، أن تشمل عملية التقييم التي ستقوم بها شركة "فوكس كون تكنولوجى" لفرص دخولها السوق المصرية دراسة إمكانية الشراكة والتعاون مع منشآت التصنيع المحلي للمكونات الإلكترونية، والاعتماد عليها والبناء عليها، بحيث يمكن النهوض بهذه الصناعة في مصر، آخذًا في الاعتبار وجود فرصة كبيرة لتحقيق طفرة في نمو هذه الصناعات بشكل واسع لخدمة الاقتصاد القومي.

    وأخيرا علينا أن نتذكر أن الشراكة بين الشركات المحلية والعالمية كان هي الركيزة الأساسية التى استطاعت عن طريقها بعض الدول النامية بناء نهضتها التكنولوجية والإلكترونية وعلينا دائما أن نستفيد من التجارب الناجحة لاسيما تجربة دولة تونس فى مجال توطين صناعة الإلكترونيات مع الحفاظ دائما على مصرية تلك النماذج دون القيام بمحاولة استنساخ فقط بدون مراعاة مدى ملاءمتها بالنسبة لنا فليس بالضرورة تكرار نجاح النموذج فى جميع البيئات .

    بمعنى أخر فالمطلوب منا هو إيجاد نموذج مصرى لعلاقة الشراكة المحلية والعالمية فى مجال الإلكترونيات تتناسب مع طبيعة احتياجاتنا وإمكانياتنا وظروفنا الاقتصادية فى الوقت الحالى والمستقبل مع العمل على توحيد الجهود فى برنامج واحد او استراتيجية قومية موحدة لدعم وتوطين صناعة الالكترونيات المصرية وليس الاعتماد فقط على فرض مزيد من الضرائب الرسوم والجمركية على الواردات والتى يتحمل اعباء المستهلك دون ان يعرف ما الهدف من ذلك سوى تكليفه بما لا يطيق ويكفى ما يعانيه من هذه الرسوم فى صناعة السيارات ولا داعى لتكرار فشل التجربة مع الاجهزة الالكترونية " الهواتف المحمولة والاجهزة اللوحية " .   

     

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن