المرأة والاقتصاد الرقمي

  • بقلم : خالد حسن

    اذا كانت المرأة تشكل تقريبا نصف القوى العاملة في السوق المحلية فإن ما أطلقه المجلس القومي للمرأة ، منذ أكثر من عام ونصف العام تقريبا ، بوابة إلكترونية أيادي مصر " ayadymisr.com " يعد خطوة مهمة وإيجابية لدخول المرأة لعصر الاقتصاد الرقمي من خلال الترويج للصناعات اليدوية والحرفية والإنتاجية للمرأة المصرية والتعريف بها وفتح أسواق جديدة لتلك المنتجات من خلال ما يعرف بالتسويق الإلكتروني للآلاف من السلع والمنتجات والخدمات التي تساهم فيها المرأة هو محاولة إيجابية لتعظيم الاستفادة من تكنولوجيا المعلومات في تأهيل المرأة لاسيما الراغبات في العمل من المنزل " نظرا لظروفهم الاجتماعية " كما أن التجارة الإلكترونية تتيح للمرأة فرصا متنوعة وواعدة للتمكين الاقتصادي للمرأة؛ حيث تؤثر التجارة عبر الإنترنت تأثيرًا إيجابيًّا على سبل عيش المرأة من خلال دعم نمو الأعمال والتنويع، ولاسيما في أعقاب جائحة "COVID-19" .

    إذ يمكن أن تساعد التجارة الإلكترونية الشركات الصغيرة المملوكة للنساء في تقليل رأس المال اللازم لبدء العمليات التجارية، كذلك يمكن أن تساعد التجارة الإلكترونية أيضًا في زيادة أعداد العملاء من خلال إتاحة الوصول لأسواق بعيدة، كما توفر منصات التجارة الإلكترونية نظامًا بيئيًّا للخدمات، بما في ذلك أدوات التسويق، وخدمات الدفع، والخدمات اللوجستية، وهو ما يسهم في تقليل الحواجز أمام النساء للدخول في الأسواق خاصة بالنسبة للشركات الصغيرة، كما يساعد في التغلب على التحديات التي يفرضها التسليم في الميل الأخير "عملية نقل البضائع من أماكن تخزينها إلى العميل".

    علاوة على ذلك، يمكن أن توفر التجارة عبر الإنترنت مزيدًا من المرونة في الوقت مقارنة بالتجارة التقليدية، وتعد التجارة الإلكترونية ذات قيمة خاصة للنساء اللائي يعانين من ضيق الوقت بسبب مهام الأسرة، والرعاية غير المدفوعة الأجر؛ مما يجعل العمل من المنزل يروق للمرأة؛ لأنه يسمح لها بدمج العمل بأجر مع المسئوليات المنزلية، ونظرًا لأن المؤسسات التي تقودها النساء في المتوسط لديها رأس مال محدود، فإن التجارة الإلكترونية توافر فرصة لدخول الأسواق والقطاعات عالية القيمة التي ترتبط عادةً برأس مال كبير.

    إلا أننا للأسف حتى الآن لم نسمع عن مدى نجاح هذه منصة " ايادي مصر " في تحقيق أهدافها ومساعدة رائدات الأعمال من المرأة المصرية على تقليص الفجوة الرجال في مجال العمل وتعزيز استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من أجل تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة.

    ومؤخرا كشفت تقارير منظمة الأونكتاد " 2023 (United Nations Conference on Trade and Development "  أنه ما زالت هناك فجوة رقمية للوصول إلى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بين الجنسين؛ حيث ترتبط التجارة الإلكترونية ارتباطًا وثيقًا بتوافر الإنترنت، والقدرة على تحمل تكاليفه، والمهارات اللازمة لاستخدامه؛ مما أدى إلى ظهور فجوة بين الجنسين في التجارة الإلكترونية خاصة في الدول النامية وصلت الفجوة بين الجنسين في استخدام الإنترنت في الدول النامية 13٪ (43٪ من الرجال و30٪ فقط من النساء)، بينما لا تتعدى هذه النسبة 1% في الدول المتقدمة، كذلك لم تقتصر الفجوة في انتهاج التجارة الإلكترونية بين النساء في الدول المتقدمة والدول النامية، ولكن أيضًا في النساء اللائي يعشن في نفس البلد أو المنطقة، فقد تبين وجود فجوة بينهن متمثلة في اختلاف المهارات، والمستويات التعليمية، والقدرة على تنظيم المشروعات والمواقع، وأيضًا إمكانية الوصول إلى الموارد الإنتاجية.

    أوضح التقرير أنه على الرغم من الفرص التي توفرها التجارة الإلكترونية للنساء، فإن رائدات الأعمال لا تزال أقل تمثيلًا في الاقتصاد الرقمي من الرجال، وتُترجم هذه الفجوة إلى فرص اقتصادية ضائعة، حيث يمكن أن تضيف المرأة أكثر من 300 مليار دولار إلى أسواق التجارة الإلكترونية وحدها في أفريقيا وجنوب شرق آسيا بين عامي 2025 و2030.

    وبالطبع فان المرأة تواجه عددا من التحديدات في قطاع التجارة الإلكترونية ، بصرف النظر عن المستويات المنخفضة للوصول إلى الإنترنت والاستخداماته التي من الممكن أن تعوق المرأة في انتهاج التجارة الإلكترونية، فقد تواجه المرأة معوقات أخرى تشمل افتقار الوصول إلى التمويل، وقلة المعرفة بمتطلبات السوق، وخيارات الدفع الإلكتروني، وشبكات الأعمال المحدودة، وانخفاض مهارات تنظيم المشروعات، الأمر الذي من شأنه أن يجعل الأعمال التجارية الإلكترونية الخاصة بالنساء أصغر حجمًا وأقل ربحية من تلك التي يديرها الرجال، وتقتصر الأعمال التجارية الخاصة بالمرأة على القطاعات ذات القيمة المضافة المنخفضة.

    حيث يعد التمويل من أهم وأكبر التحديات والعوائق أمام سيدات الأعمال في التجارة الإلكترونية، حيث تقدر مؤسسة التمويل الدولية أن الفجوة التمويلية لرائدات الأعمال في الاقتصادات النامية بنحو 1.7 تريليون دولار، كذلك أظهرت نتائج الأبحاث حول التجارة الإلكترونية أن أكثر من 80٪ من الشركات المملوكة للنساء على منصة "جوميا" في كينيا وساحل العاج ونيجيريا - على سبيل المثال - كانت مشروعات صغيرة، وتعتمد الغالبية على المدخرات الشخصية لبدء أعمالها وليست في صورة خدمات إقراض، فعادة ما تنضم النساء إلى المنصة؛ لتوسيع عمل تجاري قائم، ويعتمدن في الغالب على العائلة والأصدقاء كمصدر للتمويل بعد بدء التشغيل.

    وفى تصوري فإن هذه المنصة يمكن النظر إليه بمثابة لبنة أساسية ضمن مشروع أكبر لبناء بواية إلكترونية كبيرة تجمع الآلاف من المشروعات الصغيرة والمتوسطة التى تشرف عليها وتدريها المرأة المصرية بحيث تكون تلك البوابة بمثابة بيئة إلكترونية افتراضية تجمع أكبر قدرا من المعلومات عن المشروعات الإنتاجية والخدمية التي يمكنها فيما بعد القيام بتفعيل وتنشيط التعاون التجاري فيما بينها من جانب وبينها وبين الأسواق الخارجية " محلية أو إقليمية " من جانب أخر  .

    وفى اعتقادي أن إمكانيات ثورة المعلومات والاتصالات من الممكن ان تساهم بدور كبير في تسهيل ظروف العمل بالنسبة للكثير من السيدات العاملات ومن ثمة نأمل أن يمتد هذا المشروع " الذي يشرف عليه المجلس القومي للمرأة ويمتلك من الإمكانيات والكفاءات " ليشمل على تدريب وتأهيل المرأة على اساليب وفنون التجارة الإلكترونية وتقديم مبادرة " ، بالتعاون مع الجمعيات المدنية المعنية بالتنمية التكنولوجية وشركات التكنولوجيا والاتصالات ، لتوفير الأدوات الاساسية اللازمة كجهاز كمبيوتر – إنترنت – بعض البرامج والتطبيقات البسيطة الجاهزة " لاسيما بعد أن اصبح التسويق للمنتجات يلعب دورا اساسيا فى حياة واستمرار المؤسسات الانتاجية الصغيرة مهما ارتفع مستوى جودة تلك المنتجات .

    نريد كذلك ان يعمل مركز "تنمية المهارات " بالمجلس القومى للمرأة على تشجيع المرأة على الدخول لسوق البرمجيات لاسيما تصميم البرامج المتعلقة بتربية الأطفال والخاصة بالشئون الصحية للمرأة والمنزل وإعداد المحتوى الإلكتروني نظرا لكونها الأكثر إدراكا لطبيعة احتياجات المرأة وكيفية تلبيتها بصورة أفضل من الرجال .

    نطالب أيضا بألا يقف مشروع التسويق الإلكتروني لمنتجات المرأة عند مجرد تصميم موقع للتسويق الإلكتروني وإنما يتم تدرببهن على ريادة الأعمال الاجتماعية في مجال تكنولوجيا المعلومات لإكسابهن مهارات تحليل المشكلات المجتمعية والتدريب على استخدام تكنولوجيا المعلومات  والدخول في مجال تطوير تطبيقات الهواتف ذكية " Mobile Application " لتقديم حلول للكثير من المشاكل التى تواجهها المرأة وأن يكون نواة لفتح جسور من التعاون بين الجمعيات الأهلية والكيانات المعنية بدعم المرأة خاصة في الريف " وشركات تكنولوجيا المعلومات القادرة تقديم حلول تقنية لمساعدة المرأة في القيام بدورها على كل المستويات دون أن يكون هناك نوع من التحيز " بسبب الجنس " .

    في النهاية  نأمل ايضا أن يكون لمنصة " ايادي مصرية" ، بالتنسيق مع الجهات المجتمعية والمدنية والحكومية المعنية ،  دور فى تأهيل وتمويل الميسر لتلك المشروعات الصغيرة الخاصة بالمرأة " صناعة اليدوية البسيطة- الملابس الخاصة بالمرأة  – الاكسسوارات وأدوات التجميل – العطور – الأحذية والحقائب وغير ذلك من الأقسام التى تضمها المنصة " التي تديرها المرأة لمواكبة التغيرات المتسارعة في أساليب التواجد والمنافسة في الأسواق المحلية العالمية وزيادة اعتماد تلك المشروعات على مفهوم التجارة الإلكترونية والأعمال الإلكترونية .

    &

     

     

     

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن