نبضات " الحروب السيبرانية " ودور الشاشات إلكترونية

  •  

    بقلم : خالد حسن

    باتت الهجمات السبيرانية تشكل مكون أساسى من الجيل الرابع والخامس للحروب حيث يستهدف احدث شلل فى أنظمة المتعلومات وباتت أكثر عدوانية، وتركز على البنية التحتية الحيوية التي تخدم قطاعاً واسعاً من المدنيين وهو ما يثير المخاوف بأن تتسبب في اندلاع صراع شامل بين الدول، خاصة مع تصاعد وتيرة تلك الهجمات واتساع تأثيرها .

    ولم يعد الصراع بين إيران وكيان الاحتلال الصهيونى يعتمد فقط على الصراع العسكري المحتمل بين الطرفين، بل تطور الأمر إلى أن أصبح حربا خفية بين الطرفين، ولكن أبطالها لا يحملون الأسلحة والمتفجرات، وإنما يجلسون أمام شاشات الكمبيوتر ليديروا حربا من نوع آخر بين البلدين.

     

    وفي حين تدور مواجهة عسكرية متصاعدة بين إيران والكيان الصهيونى فانه ، ووفقا لوسائل إعلام إيرانية ، كشفت عن قيادة الأمن الإلكتروني في ايران قولها، نهاية الاسبوع الماضى ، إن الكيان الصهيونى شنت "حربا إلكترونية ضخمة" على البنية التحتية الرقمية لإيران، لكنها أضافت أنه تم صد عدد كبير من الهجمات بنجاح كما تحدثت تقارير إعلامية عن انقطاع واسع في الإنترنت بعدة محافظات إيرانية.

    وذكرت وكالة فارس "استهدف هجوم إلكتروني البنية التحتية لبنك سبه ما أدى إلى اضطرابات في خدمات المؤسسة عبر الإنترنت"، مضيفة أن حل المشكلة متوقع في الساعات المقبلة كما زعمت مجموعة قرصنة إلكترونية مناهضة للحكومة الإيرانية في منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، الثلاثاء الماضى ، أنها دمرت بيانات البنك.

    وترتبط المجموعة بعلاقات محتملة مع الكيان الصهيونى ولديها تاريخ من الهجمات الإلكترونية المدمرة على إيران

    وجاء في رسالة منشورة على الإنترنت أن المجموعة المعروفة باسم (جونجيشكي داراندي) أو العصفور المفترس، قامت باختراق البنك الذي اتهمته بالمساعدة في تمويل الجيش الإيراني.

     

    ويأتي الاختراق وسط تصاعد الأعمال القتالية بين الكيان الصهيونى وإيران، بعد أن هاجمت الكيان الصهيونى عدة أهداف عسكرية ونووية في إيران ، منذ 13 يونيو الحالى ، وتبادل الجانبان عدة هجمات صاروخية في الأيام التالية.

    ومنذ انطلاق حرب الإبادة الجماعية التي تشنها قوات كيان الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني الأعزل في قطاع غزة انتشرت الهجمات السيبرانية بين إيران والكيان الصهيونى ، حيث طوَّرت إيران استراتيجية سيبرانية فعالة وعززت مهاراتها في هذا المجال، وأصبحت من أكثر الدول نشاطا في هذا الميدان، حيث تهدف هجماتها إلى تقويض المنشآت وتدميرها، وجمع بيانات للاستخبارات وتداول معلومات خاطئة من أجل أغراض دعائية.

     

    وبالطبع فأن سلاح الهجمات السيبرانية يتكرر استخدامه دائماً لدى اشتعال الخلاف بين إيران والكيان الصهيونى خلال السنوات الاخيرة تمثلت فى "اختراق أنظمة الرادار الصهيونى " وبحسب موقع صحيفة «إندبندنت» فإن الحرب السيرانية بين كيان الاحتلال وإيران بدأت قبل أحداث 7 أكتوبر 2023 بفترة، حيث أعلنت مجموعة قرصنة مرتبطة بإيران أنها اخترقت أنظمة الرادار للكيان الصهيونى في الأسابيع الأخيرة التي سبقت عملية طوفان الأقصى كما كشف جابي بورتنوي رئيس هيئة النظام السيبراني بالكيان الصهيونى، أن الهجمات الإلكترونية التي يواجهها الاحتلال الصهيونى تضاعفت ثلاث مرات في الفترة السابقة لـ7 أكتوبر، لافتًا أن بعد حرب غزة تم التصدي لأكثر من 700 هجوم إلكتروني من قبل إيران والتي استهدفت منظمات حكومية وجيش الاحتلال ومنشآت مدنية وطبية.

    وشهد عام 2021 توقف جميع محطات الوقود في كل أنحاء إيران بعد تعرض منظومة توزيع الوقود إلى اختراق سيبراني، ووجهت إيران الاتهام إلى الكيان الصهيوني، وكشف مسؤولون من وزارة الدفاع الأمريكية في تصريحات لصحيفة «نيويورك تايمز»، أن الكيان الصهيونى وقفت خلف هذا الهجوم وردت إيران على ذلك الهجوم بنشر تفاصيل الحياة الشخصية لمن يعيشون فى الكيان الصهيونى على مواقع التواصل الاجتماعي، من بينها معلومات غاية في الحساسية.

    وأعلنت إيران في سبتمبر 2020، حدوث هجوم إلكتروني واسع النطاق على منظمتين حكوميتين، وتسبب في انفجارين في منشأة نطنز النووية الموجودة تحت الأرض والتي تستخدم لتخصيب اليورانيوم، في شهري يوليو وأبريل من نفس العام، وتسبب في أضرار كبيرة بأهم منشأة لتخصيب اليورانيوم في البلاد.

    ومن المهم التنويه أن الحروب السيبرانية او المعلوماتية بدأت فى الظهور ، كفكرة ، فى النصف الثانى من ثمانيات القرن الماضى وفى العقد التاسع من القرن العشرين بدأنا نرى محاولات حقيقة لبعض الشباب المهووس ، والمدفوع باثبات الذات ولاستعلاص قدراته التكنولوجية وامكانياته والتفوق فى التعامل مع الكمبيوتر ، حيث قام شباب باختاق شبكة المعلومات لوزاة الدفاع الامريكية ومن هنا بدأت تظهر خطورة عمليات الاختراق لشبكات المعلومات واستغلال البيانات التى تتيحها ضد مصلحة الدولة وأصبحت بيانات شبكات المعلومات بمثابة قضية أمن قومي للدول التى اعتمدت استراتيجية مستقبلية لاستخدام شبكات المعلومات فى كافة المجالات والقطاعات .

    ومع دخولنا الى القرن الحادي والعشرين تحولت عملية اختراق شبكات المعلومات والتجسس عليها ، أو ما يعرف بالحروب الناعمة ، الى أكبر تهديد للدول ولاسيما الدول المتقدمة تكنولوجيا اذ يمكن ان تحصل اى دولة معادية لها على الكثير من المعلومات عن كل شىء بدون تجنيد الالاف من الجواسيس والعملاء ولكن من خلال الاعتماد على خبراء فى الكمبيوتر وامن المعلومات لاختراق شبكات المعلومات وسرقة ملفات البيانات التى تتضمنها بل ويمكن ايضا التحكم فى الكثير من الخدمات والمرافق ، التى تعتمد على البنية التكنولوجية ، بل ويمكن محو هذه البيانات او أو بث معلومات مضللة داخل هذه الملفات الالكترونية لتحوير وجهتها أو تخريبها أو عرقلة عملها .

    وبالطلع الحروب السيبرانية باتت واقع ملموس وانها تطول الافراد والمؤسسات والحكومات ولذلك فان كافة الحكومات ، لاسيما  المتصادمة ، تعمل على مواجهتها بجيوش إلكترونية سيبرانية وبأجهزة الاستخبارات ووكالات حكومية وخاصة بمنع وقوع الهجمات وأخرى خاصة بالرد عليها وهذا ما تجده تتاسبق فيه كل من حكومات الولايات المتحدة الامريكية والصينية وروسيا وبريطانيا وفرنسا وكل منهم لديه استراتيجية  تستهدف البحث عن الثغرات بشكل مستمر ومهاجمة الشبكات حول العالم وبات التجسس الالكترونى والحروب السيبرانية هو بمثالة واقع الحياة في القرن الـ21 وعلى الجميع التعامل معه والا سيكون عرضة لخسائر ولايمكن تقيمها او تتحمل فاتورتها اى حكومة ستقصر ولا تتعامل بجدية مع الامن السيبراني .

     

    فى اعتقادي أن أخطر ما تتصف بها الحروب السبيرانية ان الجهة التى تقوم بالهجوم الالكتروني فى كثير من الاحيان لا يمكن الوصول اليها او تحديده مصدرها ، لنظرا لاساليب التخفى ، الذى يطبقه هؤلاء القراصنة او الجيوش الالكترونية فلا يمكن لاحد القول من المسؤول عن شن هذه الحرب ، كما يحدث فى الحروب التقليدية ، والتى يتم فيها تحريك المعدات العسكرية والجنود والاسلحة وبالتالى يمكن للجهة المعتدي عليها اتخاذ ما تراها لصد هذه الهجوم ومن ثمة فان الحروب السيبرانية تثير الكثير من الجدل المتبادل بين الدول فيمن يقوم بهذه الهجمات وشن هذه الحروب الالكترونية خاصة  مع تزايد هجمات القراصنة على قطاعات الطاقة والنفط والغاز والصناعة والنقل وشركات الطيران المدني، فضلاً عن المنشآت النووية والبنى التحتية الكهربائية والبنوك ناهيك عن التاثير فى الرأى العام ، من خلال السويشال ميديا ومنصات التواصل الاجتماعي ، والانتخابات والتلاعب بها .

    فى النهاية نؤكد أن دور الحروب السيبرانية والتجسس الالكترونى فى تصاعد بين ايران والكيان الصهيونى وأنها باتت احد موازين القوى الاستراتيجية التى يمكن ان تحكم الصراع سريعا لصالح احد الطرفين فانه من المهم ان نثير عدد من التساؤلات عن مستقيل العالم فى ظل ما نشهده اليوم من حروب الكترونية بكافة الصورة ؟وهل نحن فى معزل عنها ؟ وكيف نخطط لمواجهتها ونقليل مخاطرخا فى حالة التضرر منها ؟

     

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن