التواصل الاجتماعي .. ضحية أم متهم

  •        بقلم / خالد حسن

    فى الحقيقة باتت شبكات التواصل الاجتماعى العالمية وتطبيقات الدردشة هى بمثابة الانترنت ومن ثمة فان غالبية مستخدميها باتوا يستغنون بها عن الدخول لجميع مواقع الالكترونية على الانترنت جميع المستخدمين ، وتؤكد الدراسات ان 75 % من مستخدمى الانترنت يستخدمون احد مواقع التواصل الاجتماعى على الاقل بشكل يومى لما يتراوح بين 2- 4 ساعات فى المتوسط ، وما ادى لظهور العديد من المشاكل التى أتت بها هذه الشبكات ومنها  الحسابات المزورة و الوهمية على التواصل الاجتماعي والتى يقوم البعض باساء استخدامها بصور شتى مما يشكل تهديدا لمستقبل هذه الشبكات ومصداقيتها .

    وانا شخصيا تعرضت ، مؤخرا ، لقيام أحدهم باطلاق صفحه " مزورة " باسمي على موقع الفيسبوك مستغلا سرقة احد صورى " الموجود على صفحتى ، وقيامه بدعوة المستخدمين للاعجاب بالصفحة " المزورة " وللاسف انخدع بعض الاصدقاء وظنوا انها صفحتى وشاركوا باعجابهم بالصفحه " المزورة " وقمت بالتواصل مع ادارة الفيسبوك بحدوث احتيال على صفحتى وحسابي وبعد تاكدهم قاموا بوقف الحساب المزور ولكن لم اتمكن من معرفة من الذى قام بانشاء هذا الصفحة خاصة وان قانون مكافخة الجريمة الالكترونية ، الذى صدر فى ابريل من عام 2019 ، ينص علي تجريم كل من يقوم بانتحال شخصية اى مواطن واعتبارها جريمة يعاقب عليها بالحبس او الغرامة المالية .

    كذلك من المخاطر  التى تتيحه  هذه المواقع أنها تشكل منصة لإطلاق وانتشار المعلومات التي لا تخضع للرقابة وعدم المصداقية فهي مجرد آراء وأفكار لأصحابها إلا أنها سرعان ما تنتشر وتصبح بمثابة رأى عام وقوة ناعمة ضاغطة نحو تأجيج الأوضاع  وهنا للاسف اصبحت امام ظاهرة الكتائب الالكترونية والتى تقوم بنشر الاخبار المفبركة والشائعات والعمل على الترويج لها وزيادة تداولها على اكبر قاعدة من مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعى وخاصة " الفيسبوك وتوتير " .

     وفى هذا اطار كشفت جهود وزارة الداخلية عم مخططات جماعة الإخوان الإرهابية والدول الداعمة لها والتى تهدف إلى النيل من البلاد وهدم ركائزها وإختراق الجبهة الداخلية .. فقد رصد قطاع الأمن الوطنى إضطلاع إحدى اللجان الإلكترونية التركية الإعلامية بإتخاذ إحدى الشقق بمنطقة باب اللوق كمركز لنشاطها المناوئ تحت غطاء شركة (سيتا) للدراسات التى أسستها جماعة الإخوان الإرهابية بدعم من دولة تركيا من خلال إعداد تقارير سلبية تتضمن معلومات مغلوطة ومفبركة حول الأوضاع السياسية والإقتصادية والأمنية والحقوقية وإرسالها لمقر الوكالة بتركيا بهدف تشويه صورة البلاد على المستويين الداخلى والخارجى ..

    وفى الحقيقة اصبحت مواقع التواصل الاجتماعي ، وبدون ذنب ،  تمثل عبئا كبيرا على الوضع الأمني للكثير من دول المنطقه، الذي يعاني من تدهور كبير في إمكانياته الاقتصادية والمالية ناهيك عن عدم اعتياده على التعامل مع هذه الوسائل التكنولوجية الجديدة ، فما يكاد تمر ساعة زمن إلا وتجد هناك شائعات واخبار غير موثقة وفاقدة للمصداقية ومجرد أراء شخصية تفتقد الخبرة والمهنية والتفرغ إلى ادارة صراعات ومعارك بين أبناء الوطن لاقتسام الغنائم وننسى أن الأهم الآن هو التفكير في توحيد رؤيتنا لمستقبلنا جميعا للحفاظ على وطننا مصر .

    ومؤخرا استضافتنى ،اذاعة 90 / 90  على الراديو ، للحديث عن تفاقم ظاهرة الشائعات على مواقع التواصل الاجتماعى وكيف التعامل معها من جانب الجهات الحكومية ؟ وما هو دور المستخدمين فى التاكد من موثقية هذه الاخبار الغير الصحيح والتى يتم نشرها على مواقع مجهولة ومن ثمة اعادة تحميلها على صفحات مواقع شبكات التواصل الالجتماعى العالمية واشهرها تداولا فى السوق المصرى " الفيسبوك وتوتير "

    و سواء اتفقنا او اختلفنا على اهمية مواقع شبكات التواصل الاجتماعى العالمية ” وعلى راسها الفيسبوك وتوتير واليوتيوب ولينك ان بالاضافو انستجرام " بالاضافة الى تطبيقات التراسل الفورى " واتس اب و فايبر و أى ام او "  الا انها بالفعل لم تعد مجرد ظاهرة او موضة تكنولوحية نسعى لتجربتها بل اصبحت احد اهم اهتمامات شعوب العالم ولاسيما منطقة الشرق الاوسط وتحديدا دول ما عرف بثورات الربيع العربى بل بات هذه الشبكات اهم مصدر للحصول على المعلومات ، بصرف النظر عن مدى صحتها وأسرع وسيلة للسيطرة على الراى العام وتشكيله من خلال ما يعرف بالحملات الدعائيه والكتائب الالكترونية التى تسعى لحشد التأييد لفكرتها والترويج لها بين اوساط المستخدمين ومخاطية المواطنيين

    وفى الحقيقة بات كثير من الحكومات تشعر ان الاستخدام السىء لمواقع التواصل الاجتماعى العالمية يشكل عباءا كبيرا وبدا الحديث عنها غير وديا بل وصل الامر الى مطالبة البعض بضرورة فرض نوع من الرقابة عليها وتشدد البعض الاخر مطالبا بغلقها بداية من تركيا والتى كانت اصدرت قرارا بالغاء توتير ووضع قيود على الفيسبوك باعتبارها اكثر المواقع التى تؤدى الى نشاط حركة المعارضة فى تركيا مرور بجيش الاحتلال الإسرائيلى والذى حظر جنوده من استخدام تطبيق "الواتس آب " على هواتف الجنود الذكية لحدوث تسريبات أمنية تشكل خطورة على أمن إسرائيل كما فرضت مؤخرا إيران حظرا على تطبيق "واتس آب"”، بسبب يهودية مالكه  ونحمد الله انه مصر ، حتى الان ، لم تتخذ اى قرارات تجاه حظر او فرض رقابة على اى من المواقع التواصل الاجتماعى العالمية او تطبيقات التراسل الفورى وهو بالتأكيد ما يجسب لنا ويدخلنا بالفعل فى خانة الدول الغير مقيدة للحريات بشكل عام

    وتشير بعض الدراسات الى ان  اجمالى مستخدمى موقع ” الفيسبوك ” احد اشهر شبكات التواصل الاجتمتاعى فى المنطقة العربية  تجاوز 62 مليون مستخدم 25 % منهم على الاقل فى مصر، بجانب 3 مليون مستخدم لموقع توتير و200 مليون مشاهدة فيديو على اليوتيوب من المنطقة العربية وأن 28 % من المستخدمين يفضلون الحصول على أخبارهم من الإعلام الاجتماعي كمصدر رئيسي للأخبار على حين يُفضل 28 % آخرون مصادر الأعلام التقليدية " الصحف والتلفزيون والاذاعة ".

    ومنذ سنوات ، وفى نفس هذا المكان ، اكدت أن مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت بجانب شبكات التليفون المحمولة لعبت دورا رئيسا في دفع ما بات يمسي "ربيع الشعوب العربية " ونجاح هذه الشعوب في تحقيق تغيرات سياسية كانت حتى وقت قريب بمثابة أحلام لأشد المتفائلين ولكن التحدي الحالي هو كيف تكون التكنولوجيا وثورة الاتصالات بمثابة رأس حربة تشعل عملية التنمية الشاملة ودعم الاستقرار وعودة الأمان للشعوب العربية على أن مستقبلها سيكون أفضل لاسيما بعد أن أثبتت التجربة العملية نجاح هذه الوسائل العصرية في التعبئة الشعبية وإحداث شرارة التغيير وتنظيم حق التظاهر والتعبير عن الرأي .

    إذ يلاحظ مع تزايد قاعدة مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي العالمية ، وعلى رأسها الفيس بوك وتويتر ، ظهور مجموعات مختلفة في العديد من الدول العربية لها آراء تسعى إلى إشعال الأوضاع بالشارع العربي والتشكيك في كل ما تم ويتم وانتشار الدعاوى إلى إعمال الفوضى بما أدى بصورة كبيرة إلى شعور المواطن العربي بخوف من القادم وأن هناك من يسعى إلى نشر عدم الاستقرار في الدول العربية سواء من خلال الترويج لأكاذيب بدون وثائق ومستندات أو الحديث عن إرهاصات فكرية شاذة أو حتى تزييف الحقائق بما يؤدي إلى انتشار الخلافات بين أبناء الوطن الواحد .

    في اعتقادي بات من الضرورى اعادة النظر والتفكير فى وضع الأسس لتكون هذه المواقع أدوات للتعبير عن الرأي بصورة إيجابية وتوجيه الانتقاد البناء وليس منابر للفوضى والشائعات المغرضه واثارة الراى العام وان يكون لدينا رؤية تعتمد على مبدأ " ودَاوني بالّتي كانَتْ هيَ الدّاءُ " وان نعمل على مواجهة الشائعات بسرعة نشر الحقائق بشفافية وموضوعية ، من جانب  الجهات المعنية ، وعلى نفس شبكات التواصل الاجتماعي حتي يكون امام المواطن المصري الفرصة كاملة لمعرفة الحقيقة .

    نتطلع أن تكون لدينا رؤية وطنية لكيفية الاستفادة من مواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت على أنها قوة تصنع الديمقراطية والتنمية الاقتصادية ، وأدوات رقمية يمكن استخدامها لبناء الوجه الجديد للوطن وألا تكون هذه الأدوات بمثابة سجن افتراضي نضع فيه أنفسنا ونكون بمعزل عما يدور حولنا ونصم آذاننا عن أصوات الشعوب التي تتطلب بضرورة تكاتف جهودنا على أرض الواقع لدفع عجلة الإنتاج واستعادة عافية الاقتصاد الوطني وتشمير السواعد وبذل العرق في مشروعات جديدة تستهدف تغيير نمط حياة شبابنا من مجرد مستخدمين للكمبيوتر والإنترنت للتعبير عن آرائهم فقط إلى عنصر منتج ومتفاعل مع احتياجات بلده .

     

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن