بقلم : فريد شوقي
شهدت السنوات الخمسة الماضية ازدهارا لعدد من التقنيات الجديدة وعلى رأسها تقنيات الذكاء الاصطناعي " AI " و" تعليم الآلة " و " إنترنت الأشياء" و"الحوسبة السحابية " والأجهزة المنزلية الذكية ورويدا رويدا بدأت هذه التقنيات التغلغل في حياتنا من خلال تطبيقات لها موجودة من المنتجات التي نستخدمها ونتعامل معها بصورة يومية سواء في صورة أجهزة إلكترونية منزلية ذكية أو الأجهزة القابلة للارتداء أو الآلات المستخدمة في مختلف أنواع وأحجام المصانع ومؤسسات الأعمال .
وبالطبع في عصر التحول الرقمي الذي نعيشه حاليا باتت حياتنا تتعلق أكثر بالمعلومات والبيانات وأصبحت حماية هذه المعلومات ، سواء الخاصة بالأفراد أو المؤسسات ، تشكل واحدا من أكبر التحديات التي تواجه الغالبية العظمى منا لزيادة ثقتنا في " العالم الرقمي " خاصة في ظل ما نواجه من تداعيات لجائجة فيروس كورونا المستجد " كوفيد _19 " والذي يضرب غالبية دول العالم .
ولهذا بدأت شركات تكنولوجيا المعلومات في البحث عن كيفية توظيف هذه التقنيات الجديدة في كسب ثقة المستخدمين ، غير المحترفين ، للتكنولوجيا في محاولة " جادة " للتهدئة من هواجس ومخاوف الاختراقات الإلكترونية والجرائم الرقمية التي تحيط بكل من يستخدم الأدوات التكنولوجية بكل صورها ونشر ثقافة كيفية حماية بياناتهم الشخصية والتأكيد على أن استخدام تقنيات الأمن الإلكتروني سوف يمنحهم قدرة أكبر على تجنب قضاء الكثير من الوقت في القلق بشأن فقدان البيانات الشخصية .
وكشف مؤخرا دراسة أجرتها شركة " بالو ألتو نتوركس " حول محاولات التصيّد الاحتيالي والتي تسعى لاستغلال انشغال العالم بأخبار فيروس كورونا المستجدّ ، خلال الفترة ما بين الأول من يناير الماضي وحتى 31 مارس ، عن وجود 116,357 اسم نطاق لمواقع إلكترونية جديدة ارتبطت تسميتها بفيروس كورونا. واحتوت هذه القائمة على 2,022 موقع ذو محتوى خبيث، في حين صنّفت الدراسة 40,261 موقعا على أنها "عالية الخطورة". وتجدر الإشارة إلى أن بالو ألتو نتوركس رصدت زيادة بمعدل 656% على المتوسط اليومي لأعداد النطاقات ذات المحتوى الخبيث والتي ارتبط اسمها بفيروس كورونا المستجدّ، وذلك في الفترة ما بين فبراير إلى مارس الماضي.
ووفقا للدراسة تم رصد 5 أنشطة أولها هجمات" التصيّد الاحتيالي " احتوت رسائل بريد إلكتروني روابط مزيفة للموقع الإلكتروني لبنك أمريكا في محاولة لخداع المستخدمين بهدف الحصول على بيانات الدخول الخاصة بحساباتهم. كما تضمنت بعض الهجمات الأخرى روابط مزيفة للمواقع الإلكترونية لكل من "أبل"، و"باي بال"، و"آوت لوك".
في حين تمثل النشاط الثاني في " متاجر إلكترونية مزيفة " حيث ظهر العديد من المواقع المزيفة التي تزعم توفير المنتجات التي شهدت ارتفاع الطلب عليها مثل كمامات الوجه ومعقّمات اليد، مع تقديم خصومات على أسعار بيعها وكان النشاط الثالث فى " لصوص البطاقات الائتمانية " من خلال عدد من المواقع الخبيثة التي تظاهرت بتقديم منتجات ذات صلة بأزمة فيروس كورونا المستجدّ، كانت مواقعها تحتوي نصوص برمجية بهدف سرقة معلومات بطاقات الائتمان.
ينما يركز النشاط الرابع في" كتب إلكترونية مزيفة " اذ تمّ إطلاق عدد من المواقع الإلكترونية التي تحاول استغلال مخاوف بعض المستهلكين ودفعهم لشراء كتب إلكترونية حول فيروس كورونا المستجدّ، وذلك من خلال عرض مقاطع فيديو حول بعض المواقف والأحداث الأكثر رعبا فيما يتعلق بأزمة فيروس كورونا وأخيرا " صيدليات غير شرعية " حيث تم رصد عدد من المواقع الإلكترونية غير المرخصة والتي تحمل أسماء توحي بأنها تقدم علاجات ضد فيروس كورونا المستجدّ، في حين أنها تروّج في واقع الأمر لمنتجات أخرى مثل حبوب الفياجرا وغيرها من العقاقير التي لا علاقة لها بهذا الفيروس.
ولعله من المهم ان نؤكد أن تقنيات الذكاء الاصطناعي بدأت تلعب دوراً مهماً بالفعل في قضايا الأمن الإلكتروني وإدارتها، مع قدرة هذه التقنيات على المساعدة في اكتشاف ومنع الهجمات الإلكترونية من خلال إمكانات وقدرات جديدة تتمتع بها هذه التقنيات ويعجز عنها العقل البشري.
ومن المشجع حقاً أن نرى تقلص الفجوة التي تفصل بين تقنيات الأمن الإلكتروني التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي وتلك التي تتم إدارتها من قبل البشر، بالإضافة إلى إظهار الناس لموقف إيجابي أكبر تجاه عمليات التحقق من الأمن الإلكتروني التي تأتي مع تفضيل أكبر لتقنيات الذكاء الاصطناعي، وهو توجه نأمل في أن يتبناه المزيد من الأفراد في المستقبل فالبشر في طبيعتهم يتجنبون المخاطرة بشكل عام، لكن تطبيق ابتكارات جديدة دائماً ما يحتاج إلى اتخاذ خطوات جديدة، ولا يزال الكثيرون يرون أن التغيير يشكل مخاطرة بالنسبة لهم.
في النهاية تؤكد أن تحمل مسئولية فقدان البيانات، والسعي نحو الحفاظ على أمن البيانات الشخصية، هي الخطوة الأولى نحو التأكد من أننا نستخدم أفضل الممارسات على مستوى أعمالنا التجارية، لذلك يحتاج المشاركون إلى التثقيف والتعليم المناسب لتعزيز مستوى شعورهم بالأمان عند استخدامهم شبكة الإنترنت".