§ بقلم : فريد شوقي
طالبنا ، منذ عقدين من الزمن ، بضرورة العمل على تطوير قانون " التوقيع الإلكتروني ، كأحد أهم متطلبات التحول الرقمي بما يتواكب مع التغيرات المتلاحقة في هذا المجال وبما يتناسب مع تزايد المخاطر الأمنية وسهولة عمليات التحايل والهاكرز التي تتم لاسيما مع زيادة تقنيات الخداع والتزوير.
ولعل من أهم متطلبات تشجيع التجارة الإلكترونية والمعاملات الإلكترونية سواء فيما بين المؤسسات ببعضها البعض أو بين الأفراد والمؤسسات أو الجهات الحكومية هو وجود الآليات التشريعية المناسبة اللازمة للحفاظ على حقوق جميع الأطراف .
ومؤخرا قامت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بإجراء تعديلات على اللائحة التنفيذية لقانون "التوقيع الإلكتروني " تتضمن إضافة خدمتي "الختم الإلكتروني" و" البصمة الزمنية " إلى اللائحة؛ وذلك بموجب القرار الذي أصدره الدكتور عمرو طلعت ـ وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بتعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية للقانون رقم 15 لعام 2004 الخاص بتنظيم التوقيع الإلكتروني وبإنشاء هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات وذلك في إطار جهود الوزارة لمواكبة التطورات التكنولوجية وتسريع عمليات التحول الرقمي .
ونشرت الجريدة الرسمية نص القرار وبنود اللائحة التنفيذية للقانون التي تم تعديلها، حيث تأتي هذه التعديلات لمواكبة التطورات التكنولوجية في مجال شفرة المفتاح المعلن، وتضمنت التعديلات إضافة بعض التعريفات وعدد من المصطلحات المستخدمة في هذا المجال وفقا للمعايير المتبعة عالمياً، بالإضافة إلى إضافة خدمات إلكترونية جديدة مثل: خدمة الختم الإلكتروني electronic seal الذي يسمح بتحديد الشخص الاعتباري أو مُنشئ الختم ويميزه عن غيره بما يتيح توسيع استخدام تطبيقات التوقيع الإلكتروني من قبل الجهات والمؤسسات المختلفة.
كما تضمنت التعديلات إضافة خدمة البصمة الزمنية الإلكترونية Time Stamp والتي تربط التاريخ والوقت بالمحرر الإلكتروني بطريقة تمنع إمكانية تغيير البيانات دون اكتشافها، والاستناد إلى مصدر زمني دقيق معتمد من السلطة الجذرية العليا للتصديق الإلكتروني، ويُجري إنشاؤه بواسطة السلطة الجذرية العليا أو من إحدى الجهات المرخص لها من قبل هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات وفقاً للضوابط الفنية والتقنية المنصوص عليها في اللائحة.
كذلك تمت إضافة مادة جديدة إلى اللائحة تنص على أن تصدر الهيئة دليل اعتماد منتجات وتطبيقات وأدوات التوقيع الإلكتروني المستخدمة داخل مصر، وذلك بالإضافة إلى تعديل الملحق الفني والتقني نظراً لتحديث السلطة الجذرية العليا للتصديق الإلكتروني لتتواكب مع أحدث تقنيات التوقيع الالكتروني.
وتضمنت تعديلات اللائحة التنفيذية للقانون تغيير مسمى البطاقة الذكية لتصبح أداة التوقيع الإلكتروني وكذلك تعريفها بالوسيط الإلكتروني المؤمن المستخدم في عملية إنشاء وتثبيت التوقيع الإلكتروني على المحرر الإلكتروني، بما يسمح باستخدام الكروت الذكية والشرائح الإلكترونية المنفصلة بما يتيح الفرصة لتوسيع تطبيقات التوقيع الالكتروني باستخدام أحدث الوسائل التكنولوجية ووفقاً للمعايير التقنية والفنية المحددة في هذه اللائحة.
علي حين نصت تعديلات المادة (3) من اللائحة أن تكون التقنية المستخدمة في إنشاء مفاتيح الشفرة الجذرية لجهات التصديق الإلكتروني من التي تستعمل مفاتيح تشفير بأطوال لا تقل عن 4096 حرفا إلكترونيا (bit).وبالفعل تم نشر بصمتي شهادتي السلطة الجذرية العليا للتصديق الإلكتروني والمتاحة عبر الإنترنت .
وإذا كانت هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات ، الجهة المشرفة على منح تراخيص التوقيع الإلكتروني ، قامت ، منذ سنوات ، منحت بعض أدوار التشغيل الخاص بخدمات التوقيع الإلكتروني لعدد من الشركات " بعد حصولها على شهادة الأيزو 27001 " فإنه من المهم أن ندرك أن التوقيع الإلكتروني بات يشكل محورا استراتيجيا لتشجيع المعاملات الإلكترونية في المجتمع المحلي وأنه لابد أن يكون هناك نوع من التوعية بأهميته ودوره في تسهيل وتسريع التعاملات المالية والنقدية بين مختلف مؤسسات الأعمال .
ومن ثمة فانه في إطار حديث استراتيجية وزارة الاتصالات وتكنولوجيا العلومات " مصر الرقمية " فإن عملية التوعية للمؤسسات بأهمية التوقيع الإلكتروني تشكل مطلبا ضروريا وكيفية مساعدة المؤسسات الحكومية والخاصة _ لتلبية احتياجاتها من البنية التقنية اللازمة للاستفادة من مفهوم التوقيع الإلكتروني كميكنة نظم العمل بها وزيادة الاعتماد على التكنولوجيا لتطوير وتحسين الخدمات التي تقدمها هذه المؤسسات كذلك لابد من تنظيم سلسلة من الندوات التثقيفية بمشاركة منظمات وجمعيات رجال الأعمال لشرح أبعاد وأهداف هذا القانون وكيف يمكنه مساعدة مؤسسات الأعمال على تسهيل معاملاتها المختلفة .
ومن أهم الفوائد التي يتيحها التوقيع الإلكتروني هو تفعيل مفهوم الأعمال الإلكترونية بشكل حقيقي بين مؤسسات الأعمال من خلال منح المشروعية القانونية لتبادل الوثائق الإلكترونية الأمر الذي ينعكس بصورة إيجابية على تزايد ثقة المتعاملين بها من خلال مؤسسات الأعمال حيث يكون لكل مؤسسة توقيع إلكتروني خاص بها " مسجل ومعترف به " يميزها عن غيرها من المؤسسات وذلك من خلال تسجيله لدى الشركات المقدمة لخدمات التوقيع الإلكتروني .
ولعل من المهم الاشارة هنا لأهمية التركيز ، خلال الفترة القادمة ،على مدى ما يوفره " التوقيع الإلكتروني " من تأمين كامل للوثائق والتوقيعات الإلكترونية والوسائل المتاحة لضمان سرية المعلومات والبيانات والمطلوب إصدار شهادات التصديق الإلكتروني لها حيث ما زال الهاجس الأمني يمثل عنصر شك لدى الكثير لاسيما عندما يتعلق الأمر بالمعاملات المالية الخاصة بالمؤسسات بجانب أنه يجب التأكيد على قانونية توثيق المستندات ومشروعيتها القضائية عند الاحتكام لهذه العقود الإلكترونية في حالة وقوع أي نزاعات بين الأطراف المتعاملة كذلك أنه من المهم أن تركز حملة التوعية ، على عناصر الأمان والتشفير التي يوفرها التوقيع الإلكتروني للمستخدمين بما لا يسمح للآخرين بتقليد أو غش التوقيع الخاص بنا " وهو الأمر الذي يعاني منه كثير من مستخدمي التوقيع التقليدي الحالي .
ونتفق جميعا ان "الدفع الالكترونى" فى الاقتصاد يتطلب نشر ثقافة عنصر تأمين التعاملات المالية الالكترونية وهنا نطالب بمشروع وطنى لنشر استخدام " التوقيع الالكترونى " يستهدف دعم وسائل الدفع الالكتروني وتشجيع الأفراد والمؤسسات " سواء الحكومية أو الخاصة " على التعامل بهذه الآلية الجديدة للدفع لاسيبما مع سعي اغلب البنوك لتطبيق مفهوم " الإنترنت بنك " للاحق بركب المجتمعات الرقمية والإلكترونية التى بدأت تخطو خطوات واسعة فى هذا المجال بدأتها فى بث الثقة في وسائل الدفع الإلكتروني .
نؤكد في النهاية أن التوقع الإلكتروني أصبح يشكل حجر الزاوية لعملية التحول الرقمي للدولة المصرية وتنمية مفهوم المعاملات الإلكترونية والحكومة الإلكترونية خاصة في ظل الظروف التى نعيشها منذ 3 شهور بسبب انتشار جائحة فيروس كورونا " المستجد " وبما يتيحه " التوقيع الإلكتروني " من مصداقية وتعزيز الشرعية القانونية لكل الوثائق الإلكترونية في مجال المعاملات المدنية والإدارية والتجارية سواء فيما بين المؤسسات " الحكومية والخاصة " أو الأفراد .