بقلم : كريم غنيم
رئيس مجلس إدارة شركة كيه ام جي
رئيس شعبة الاقتصاد الرقمي بالغرفة التجارية بالقاهرة
شهد العالم تغيرات كثيرة ، منذ اكتشاف جائحه فيروس " كوفيد-19 " ، لم تكن في مخيلة أحد أن تحدث، او تخطر على ذهن اكثر المتفائلين أو المتشائمين ، حيث سلبت حريه الاشخاص في التنقل والحركة وتنازل الجميع، بكامل إرادته، وجلسوا في منازلهم واستجابة للإجراءات الاحترازية وعزلوا أنفسهم , وهنا ظهر الاحتياج الى اليات بديلة ووسائل مساعده لتلبية الاحتياجات اليوميهواستمرار حياة الجنس البشري ووجد الجميع ان الاسراع بعمليه التحول الرقمي هو بمثابة قارب النجاة لمواجهة هذه الأزمة غير التقليدية .
ومن خلال رصدي للتغيرات الجوهرية في سلوكيات الأفراد ومؤسسات الاعمال والمستهلكين على المستوي المحلي سأحاول من خلال سلسلة من المقالات تسليط الضوء وتحليل أهم النتائج التي اسفرت عنها الجائحة وكيف يمكننا تعظيم إيجابياتها والحد من تفاقم آثارها السلبية والدور المتوقع لعملية التحول الرقمي لجميع الخدمات .
ونركز حديثنا اليوم عن " الدفع والسداد الالكتروني" اذ خلال السنوات الماضية كان الخبراء يؤكدون أن العائق الاساسي في نمو التجارة الالكترونية هو هواجس الخوف لدي الكثير من العملاء من فكرة السداد الالكتروني عبر بطاقات الائتمان و تفضيلهم للسداد النقدي عند الاستلام , ناهيك عن ان نسبة حاملي بطاقات الائتمان من اجمالي تعداد السكان ما زالت قليله جدا إلا انه بعد الجائحة زادت قناعة الأفراد بأن امتلاك بطاقات الخصم المباشر أو الائتمان أصبح ضرورة وليست رفاهية .
ولعل من إيجابيات جائحة كورونا تزايد اعتماد الاشخاص علي وسائل المواصلات عبر تطبيقات الهواتف الذكية ، مثل اوبر وكريم ، مما انعكس أيضا في زيادة استخدام بطاقات الائتمان في عمليه السداد , حيث أدرك الأفراد مدى سهوله وسرعه ذلك وأصبح لديهم ثقه اكبر في استخدام هذه البطاقات مقارنة بالماضي مما يمهد الطريق نحو انتشار وسائل الدفع الاكثر حداثه مثل" المحافظ الالكترونية" .
بالفعل نحن نتطلع الي المجتمع " اللا نقدي " على غرار دول اخري سبقتنا في هذا التحول مثل الصين ، اذ من خلال زيارتي للصين ، يمكن ان تكتشف أن غالبية المواطنين لا يستخدمون النقود الورقية وبات الاعتماد الاساسي علي " المحافظ الرقميه " من خلال الهواتف المحمولة وهنا تظهر أهمية دور الدولة المصرية ، متمثلا في البنك المركزي ، الذي يعمل جاهدا لإعداد وإتاحة البنيه التحتية ، المالية، اللازمة لذلك مع تشجيع البنوك علي الاسراع في تنفيذ المتطلبات التكنولوجيا لذلك وتخفيض تكلفة استخدامها علاوة على تبسيط عملية فتح حسابات للأفراد بدون القيود السابقة .
وأثبتت التجربة أن استخدام هذه " المحافظ الرقمية" هي عملية سهلة وبسيطة وزاد وعي الجميع ، حتىكبار السن ، وزادت خبرتهم كما تعلموا في السابق استخدام بطاقات الدفع المباشر في صرف المعاشات الخاصة بهم .
في النهاية اؤكد ثقتي في أن مصر ستكون أسرع الدول في منطقه الشرق الأوسط وأفريقيا في تبني اليات " التحول الرقمي " لسببين أولهما ان الدوله بجميع اداراتها تسخر امكانياتها وتسعي جاهدة في تعزيز الاتجاه لهذا الهدف .
ثانيا فإن النسبة الكبرى من تعداد السكان في مصر من الشباب ، حيث يتجاوز عددهم نحو 65 % من اجماليالسكان ، وهو الجيل الذي أصبح استخدام أدوات التكنولوجيا بالنسبة له نمط حياة طبيعي بدون أيمشاكل الأمر الذي يؤهل مصر ، بقوة شبباها ، لتكون في مصاف الدول الرائدة للتحول نحو الاقتصاد الرقمي بحلول عام 2030 .
كري