بناء الكفاءات الوطنية في مجال الأمن السيبراني نواة لتحقيق رؤية مصر الرقمية " 2-2 "

  •  

    بقلم: أشرف سراج

     المدير الإقليمي لتريند مايكرو في شمال أفريقيا وبلاد الشام

    فى اطار حديثنا ، الذي بدأناه هنا الأسبوع الماضي ، عن تعزيز موقع مصر على الصعيدين الإقليمي والعالمي، وتأسيسها كقوة استثمارية بصفتها مركز استراتيجي يربط القارات الثلاثة فإننا نتطرق اليوم إلى أهم التوجهات التي بدورها تساهم في نشر ثقافة الأمن السيبراني وضرورة دفع الشباب نحو هذا التخصص الذي أصبح شريان حياة جميع القطاعات، يتجسد التوجه الأول في تشـجيع ودعـم وتنميـة "البحـث العلمـي والتطويـر" ودعـم التعـاون بيـن الجهـات البحثيـة والشـركات الوطنيـة، خاصة في مجال تحليل البرمجيات الخبيثة المتقدمـة، ومجال تحليل الأدلة الرقميـة، وفـي مجـال حمايـة وتأميـن نظـم التحكـم الصناعيـة، ومجـال تطويـر أجهـزة وأنظمـة تأميـن النظـم والشـبكات، ومجـال التشـفير والتوقيـع الالكترونـي، ومجـال حمايـة البنـية التحتيـة للاتصالات وتكنولوجيـا المعلومـات، ومجـال تأمين الحواسـب السـحابية وحماية قواعـد البيانـات الكبـرى ومجـال تقنيـات الـذكاء الاصطناعـي وإنترنـت الأشـياء.

    بينما يتمثل التوجه الثاني في وضــع وتنفيــذ خطــط وحمــلات "للتوعيــة المجتمعيــة" بالفــرص والمزايــا التــي تقدمهـا الخدمـات الإلكترونية المُؤمّنـة للأفراد والمؤسسـات، وبأهميـة الأمن السـيبراني لحمايـة تلـك الخدمـات مـن المخاطـر والتحديـات التـي قـد تواجههـا، فضـلاً عـن حمايـة الخصوصيـة وبرامـج حمايـة الأطفال علـى الانترنت.

    أما التوجه الثالث يتمحور حول ضرورة وضع "اطـار تنظيمـي وانشـاء منظومـة وطنيـة" لحمايـة أمـن الفضـاء الســيبراني ونظــم وقواعــد البيانــات والمعلومـات القوميـة وبوابـات الخدمـات الحكوميـة والمواقـع الحكوميـة علـى الانترنت، وذلـك بإعـداد وتفعيل ما يعرف بفرق الاستعداد والاسـتجابة لطوارئ الحاسـبات والشـبكات، في القطاعات الحيوية علــى المســتوى الوطنــي، وسن قوانين تشجع على تسهيل عملية تأمين بيئة قطاع الأعمال لضمان استمراريتها، علماً أن هذه القوانين والبنود تكون وفقاً للمستجدات المرتبطة بمشهد الأمن السيبراني.

    في حين يكمن التوجه الرابع في "تنمية الكـوادر البشـرية والخبـرات" اللازمة لتفعيـل منظومـة الأمن السـيبراني فـي مختلـف القطاعـات، بالتعـاون والشـراكة مـع القطـاع الحكومي والخـاص والجامعـات ومؤسسـات المجتمـع المدنـي. ويعتبر التدريب من ضمن الاستراتيجيات والأمور الأساسية التي تقوم بها تريند مايكرو في مصر، وقد تبنينا عدة مشاريع مثل تدريب الخريجين الجدد، فمنذ 3 سنوات قمنا بتأهيل الكوادر من خلال تزويدهم بالمعارف اللازمة ومن ثم دمجهم في بيئة العمل ليكتسبوا خبرات عملية، والآن نحن نرى ثمرة هذه الجهود، فهؤلاء الخريجين يعملون في عدة أفرع من فروع تريند مايكرو في دول الخليج العربي وشمال أفريقيا وفي سنغافورة وأمريكا وكندا وغيرها الكثير من البلدان. وبعد نجاح الفكرة التي تم تطبيقها في مصر أولاً، قمنا بنشر ونقل هذه التجربة من مصر لتشمل دول أخرى على مستوى العالم حيث تم تخريج دفعات أخرى من البرازيل وأمريكا وكندا والسعودية والهند.

    ومن ضمن مبادراتنا التي كان لها دور فعال في رفع مستوى الوعي بالأمن السيبراني لدى الشباب المصري هي مسابقة "التقط العلمCTF " والتي نقيمها بالشراكة مع CyberTalents، وهي شركة متخصصة في تقييم وتصنيف محترفي الأمن الإلكتروني في المنطقة، وتهدف هذه المسابقة إلى تعزيز العقول ورفع مستوى المهارات في قطاع أمن تكنولوجيا المعلومات واكتشاف أفضل المواهب في هذا المجال داخل الجمهورية.  حيث تتمحور فكرة المسابقة في إيجاد حلول حقيقية لمشكلات الأمن السيبراني عبر إقحام المشاركين في سلسلة من التحديات المعقدة في الوقت الراهن. ومن مصر انطلقت مسابقة "إلتقط العلم" إقليمياً لتشمل دول عربية أخرى ليحظى الفريق الفائز بالمسابقة الاقليمية بفرصة تمثيل العالم العربي في المسابقة العالمية التي تقام سنويا باليابان.

    ويجدر بالذكر أن وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بذلت على مدار الأربع سنوات الماضية جهودا كبيرة للإستثمار في بناء الإنسان من خلال مجموعة ضخمة من البرامج التدريبية التي تلبي احتياجات السوق؛ وارتفعت ميزانية التدريب التقني خلال ثلاث سنوات 22 مرة فيما زادت أعداد المتدربين 50 مرة؛ ليصل إلى 200 الف متدرب مستهدف خلال العام المالي الحالي بميزانية 1.1 مليار جنيه؛  حيث حرصت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على اتاحة التدريب التقني بالشراكة مع شركات القطاع الخاص والمؤسسات الأكاديمية المرموقة لنقل الخبرات العملية للشباب المصري وإعداد الكوادر التى تعد الركيزة الأساسية لبناء اقتصاد المعرفة.

    وفي الختام، يجب التنويه على أن مواجهــة الأخطــار والجرائــم الســيبرانية تحتــاج ايمانــا صادقــا وجهــدا دؤوبــا وشــراكة مجتمعيــة موسـعة تشـمل الجهـات الحكوميـة والقطـاع الخـاص والمؤسسـات البحثيـة والتعليميـة ومنظمـات العمال والمجتمع المدني لتعظيم الاستفادة من الفرص المتميزة التي تتيحها تقنيات الاتصالات والمعلومــات الحديثــة فــي شــتى مجــالات التنميــة الاقتصاديــة والاجتماعيــة والثقافيــة، مــع حمايــة مجتمعنـا مـن مخاطـر وأضـرار الجرائـم والهجمـات السـيبرانية.

     



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن