حماية البيانات من تهديدات الأمن السيبراني

  •  

    بقلم : فادي ريشماني

    نائب الرئيس والمدير العام لشركة كومفولت في منطقة جنوب شرق أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا

     

    لطالما كانت دولة الإمارات واحدة من بين أكثر الدول تقدماً في ريادة مشهد التحول الرقمي، وذلك بفضل الجهود الحثيثة التي تبذلها قيادة الدولة في تطوير البنى التحتية التي تعزز من وتيرة هذا التحول. ونظراً للتقدم الملحوظ الذي شهدته خلال السنوات الأخيرة في المجال الرقمي، عملت الحكومة على إنشاء مجلس الاقتصاد الرقمي، وذلك لتوفير الدعم لاستراتيجية الإمارات للاقتصاد الرقمي التي أطلقتها مؤخراً بهدف مضاعفة مساهمة هذا الاقتصاد في الناتج المحلي الإجمالي على مدار السنوات العشرة القادمة. وفي ضوء هذا التركيز المتزايد على تعزيز التحول الرقمي وتوفير المزيد من الدعم للاقتصاد القائم على المعرفة في الدولة، يحظى مجال حماية البيانات اليوم باهتمام كبير أكثر من أي وقت مضى.

    ومع الاستخدام المتزايد لبياناتنا الشخصية ومشاركتها باستمرار، ابتداءً من شراء السلع والخدمات، وصولاً إلى إدارة الشركات والحكومات والاقتصادات، أصبحت هذه البيانات أكثر عرضة للاختراق ومصدراً للمخاطر التي قد تتسبب بخسائر لا يمكن تعويضها.

    وما كان في السابق ينطوي فقط ضمن مسؤوليات الموظفين المعنين بإدارة المعلومات وحماية المعلومات، أصبح اليوم من الأمور التي تتطلب تضافر جهود جميع العاملين في الشركات على مختلف المستويات لإدارة وحماية هذا النوع من البيانات التي باتت تُعدّ اليوم واحدة من أهم الأصول للشركات. ومع تزايد أهمية البيانات، تشير التقارير إلى وجود زيادة متنامية في عدد هجمات برامج الفدية على مستوى العالم، والتي بلغت 151% خلال النصف الأول من عام 2021. وأتت منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في المركز الرابع على قائمة أكثر المناطق التي تعرضت لهجوم سيبراني على مستوى العالم، مع العلم أن الإمارات العربية المتحدة كانت الدولة الأكثر تعرضاً لهذا النوع من الهجوم، تليها المملكة العربية السعودية. وعند النظر إلى هذه الأرقام والإحصائيات، ندرك مدى حاجة المؤسسات والشركات إلى تطوير وتطبيق استراتيجيات فعالة ومستنيرة لإدارة البيانات. وبالنسبة للشركات والمؤسسات والمنظمات على اختلاف أنواعها، لم تكن البيانات بهذه القيمة أو معرضة للتهديد أو الخطر كما هي عليه اليوم، ومع ظهور برامج الفدية وتنامي تهديدات الأمن السيبراني، أصبح من الضروري أن نكون على أهبة الاستعداد لمواجهتها.

    ومع هذا التحول السريع إلى تقنيات الحوسبة السحابية، إلى جانب تزايد عدد الشركات التي تتبنى مفهوم العمل من المنزل، أصبح هناك تنامياً في عدد المخاطر التي تهدد الأمن السيبراني للشركات. وهذا بدوره يساهم في تعزيز الضغوطات على متخصصي تكنولوجيا المعلومات والأمن والمتخصصين في القانون الذين يتعين عليهم دراسة هذه التعقيدات والتعامل معها لحماية الشركات والعملاء والمجتمعات. وفي ظل هذا التوجه الكبير الذي تتبناه شركات المنطقة في مختلف القطاعات نحو التحول الرقمي واعتماد الحلول الرقمية وتقنيات الحوسبة السحابية لمشاركة وإدارة البيانات، فهي تحتاج إلى هيكلية ومنهجية موحدتين لحماية بيانات الموظفين والعملاء والأصول، وذلك من خلال إيجاد الحلول الرقمية المناسبة التي يطورها المزودين الرائدين في هذا المجال والتي تعزز من إمكانات هذه الشركات على الإدارة الذكية والشاملة لبياناتها، وتُمكن خبراء تكنولوجيا المعلومات والأمن السيبراني على حدٍ سواء من مراقبة كامل نظام الشركة لتحديد مصادر البيانات وتسهيل عمليات تنظيم البيانات بغض النظر عن مكان تواجدها وكيف تتم إدارتها.

    وإن معرفة كيفية الاستفادة من مثل هذه الحلول الرقمية سيتيح للشركات إمكانية رصد الأنشطة غير الطبيعية وتحديد الثغرات ومعالجة المخاطر والحد من حجم البيانات غير الضرورية وتطبيق سياسات مؤتمتة لحماية البيانات والعمل على نحو يتماشى مع اللوائح الناظمة العالمية لحماية خصوصية البيانات وغيرها من متطلبات الامتثال.

    ولمواكبة هذه التحديات دائمة التغير التي ترافق هذا التوجه نحو التحول الرقمي، تعمل دائماً الشركات الرائدة المتخصصة في مجال تكنولوجيا المعلومات والحلول الرقمية وحماية البيانات على تطوير أفضل الحلول والأدوات التي تحد من تعرض الشركات للمخاطر الرقمية وتعزز من قدراتها لمواكبة متطلبات هذه البيئة التنظيمية العالمية دائمة التطور والمخاطر السيبرانية التي ترافق هذا التطور. وفي حين تضطلع التكنولوجيا في دور هام ورئيسي في هذا الشأن، تبدأ الإدارة الذكية والصحيحة لخصوصية البيانات مع تأسيس فريق متعدد التخصصات من الخبراء والشركاء المتخصصين في البيانات والمزودين بأفضل الحلول الرقمية التي تعزز من قدرتهم على إعداد خطط فعالة وتطبيقها وفقاً لاستراتيجية مخصصة تناسب احتياجات كل واحدة من الشركات.

     



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن