طور الأستاذ الدكتور محمد السيد وحيد بدوي، أستاذ علوم الحاسوب في كلية الحاسبات والمعلومات في الإسماعيلية في جامعة قناة السويس المصرية، ميكروسكوبًا ذكيًا لتحليل عدد لا نهائي من العينات دون تدخل بشري. ويعمل الميكروسكوب الجديد من خلال جهاز الحاسوب أو الهاتف النقال من أي مكان في العالم وبعدد لا نهائي من العينات، في حين تعمل الميكروسكوبات التقليدية بالطريقة اليدوية، وتحتاج إلى العنصر البشري لمتابعتها وإشرافها وتشغيلها، وتعمل بعينة واحدة فقط. وقال بدوي في حديث خاص لمرصد المستقبل «طبقت في تطويري للميكروسكوب الجديد، تقنيات البرمجة سي إن سي، وهو يمتاز بقدرته على إظهار النتيجة مباشرة وكأنك أمامه، وذلك من خلال الهاتف النقال أو جهاز الحاسوب في أي مكان، بعد التحكم بالعينات عن بعد، ليخرج التقرير الخاص بالعينة دون تدخل بشري ويحلل الميكروسكوب عددًا لا نهائيًا من العينات.» وأضاف إن «الميكروسكوب الجديد يحلل أي عينة ميكروسكوبية، فمثلًا من خلال جهاز واحد نستطيع إنجاز مسح كامل لمرض السرطان في منطقة كاملة. ويساعد في الحملات الوطنية للكشف عن أمراض السرطان أو الأمراض الأخرى، في مصر والقارة الإفريقية، بأقل تكلفة وأقل عدد من العمالة والأطباء.» وتابع «يمكن وضع الميكروسكوب الجديد أيضًا في المستشفيات العامة ويكفي جهاز واحد في فقط في كل مستشفى، لمرونته وقابلية تشغيله من أي مكان والحصول على النتيجة من أي مكان أيضًا، فضلًا عن وضعه في جميع الجامعات؛ في كليات الطب والصيدلة والعلوم والطب البيطري والزراعة، التي تعتمد في أبحاثها على تحليل العينات، إذ يحصل الباحث باستخدام جهاز واحد فقط دون تكلفة المعامل أو المختبرات على نتيجة تحليل للعينة حتى إن كان في منزله، ما يشكل حلًا لمشكلات تكلفة المعامل والمختبرات المرتفعة، وازدياد أعداد الطلبة.» طموح مستقبلي وأشار بدوي إلى أن الميكروسكوب الجديد قد يساعدنا مستقبلًا في إنجاز برامج خاصة بالمواد الدراسية للمختبرات الطلابية في التعليم العالي، وطلاب البحث العلمي على مختلف تخصصاتهم. مع إمكانية تطوير الجهاز مستقبلًا من خلال نظم المحاكاة لتوضيح الشكل الثلاثي للمرض وتحديد أبعاده الأساسية بدقة، من أجل إجراء الجراحة اللازمة واستئصال الورم في حالات أمراض السرطان عبر أنظمة سي إن سي دون تدخل العنصر البشري، إلا للإشراف فقط. فضلًا عن إمكانية عمل أنظمة لجميع أنواع السرطان، وتطوير أنظمة لجميع العينات الميكروسكوبية. صعوبات وواجه بدوي خلال تطويره للميكروسكوب الجديد جملة من الصعوبات؛ منها عدم وجود فنيين متخصصين قادرين على استيعاب الفكرة، وعدم توفر آلات بدقة عالية، وارتفاع التكلفة المبدئية نظرًا لكثافة التجارب للوصول إلى الدقة المطلوبة، إذ لم يرَ الجهاز النور إلا بعد مرور أربعة أعوام من العمل والتجارب، في ظل غياب التجارب السابقة للاستفادة منها والبناء عليها، وعدم وجود جهة تمويل داعمة، إذ تحفَّظ المُبتكِر على مشاركة أحد في تجاربه لحين التأكد من نجاحها. وقال بدوي لمرصد المستقبل «نبعت الفكرة من خلال عملي في البحث العلمي، بصفتي عميدًا لكلية الحاسبات في جامعة قناة السويس في مصر، وحين تقدم 3 طلاب في وقت واحد للتسجيل لدرجة الدكتوراه، ونظرًا لأن مرض السرطان انتشر بدرجة عالية، فكرت أن أجعل الموضوع الأساسي لعملهم، تحديد نوع المرض واكتشافه في وقت مبكر، وتطوير برامج خاصة بذلك، وعندما توصلنا لنتائج مُرضية وعرضها على فريق عمل من كلية الطب، كان لابد أن نفكر في الجدوى الاقتصادية وندرس سبب عدم اكتشاف هذا المرض مبكرًا، فوجدنا أن تكلفة التحاليل مرتفعة، ومن هنا فكرت بجدية في تطوير هذا الجهاز.» وأضاف إن «التكلفة الاقتصادية للميكروسكوب الجديد بالنسبة للتحاليل تبلغ عُشْر التكلفة الحالية فقط، أما زمن صدور التحاليل فهو لا يقارن بزمن التحليل بالنسبة لما هو موجود الآن لأنه لحظي، ويُغني الجهاز عن إرسال أي عينات لأستاذ في الخارج، إذ يمكنه التعامل مع الميكروسكوب والدخول إلى نظامه عن بعد وكأنه أمامه ليقارن مباشرة تقريره بالتقرير الناتج عن الجهاز.» وتابع «من خلال نظام الميكروسكوب أنجزنا قاعدتي بيانات؛ واحدة خاصة بالمرضى والثانية خاصة بطلاب البحث العلمي، ليكون البحث العلمي خاص بعينات حقيقية لمجتمع الدراسة مع استخراج التقارير الإحصائية المُساعِدة لتحليل المشكلة وأخذ قرار واضح في حلها.» اكتشاف الأورام في صور أشعة الماموجرام ويدعم الميكروسكوب الجديد عمليات الكشف المبكر عن سرطان الثدي، إذ أن نظامه يعتمد على تحليل الصورة دون طبيب، في حين تعتمد أجهزة الماموجرام التقليدية على استكشاف المرض من خلال صورة الأشعة مع وجود الطبيب الذي يحدد نسبة المرض بناء على خبرته العملية. ولا يحتاج الميكروسكوب الجديد إلى تدريب أطباء متخصصين بل يقتصر على تدريب أي مستخدم عادي. وتختلف دقة النظام تبعًا لدرجة الورم؛ لأنه يعمل بناء على دقة ووضوح الصور. واشتمل البحث إجراء تجارب على 60 شخصًا؛ وأكد المُبتكِر على أنه كلما زادت العينة أعطى النظام نتائج أفضل. ويأمل المُبتكِر في الحصول على دعم المستثمرين ليتمكن من نشر ابتكاره محليًا وعالميًا للاستفادة منه في المستشفيات ومراكز البحث العلمي والجامعات.