بقلم:احمد محمد الدسوقي
خبير التحول الرقمي والتخطيط الإستراتيجي لتكنولوجيا المعلومات
تعالت الصيحات بعد الحكم الابتدائي بإيقاف نشاط شركات النقل الذكي ( أوبر وكريم ) المعروفة اعلامياً بقضية أوبر وكريم ، حيث أشارت تلك الصيحات إلي فرص العمل التى توفرها هذة الشركات مع جودة الخدمة المقدمة بخلاف خدمات التاكسي الأبيض المتدنية والغير آمنة ، وقد حدث مناقشات عدة ولغط بين مختلف الخبراء حول قانونية مزاولة هذة الشركات وكذلك مدي قدرة الدولة علي تحصيل الضرائب من هذة الشركات.
لن أخوض كثيراً فى قضية أوبر وكريم ، لانها عرض وليس مرض حيث تعاني مصر من مرض ممارسة الأنشطة بدون أساس قانوني أو تراخيص ثم يعتاد المستهلك (المواطن) علي الاعتماد علي هذة الأنشطة ثم بعد ذلك تكون الطامة الكبري بعدم قانونية هذة الأنشطة فتنهار الثقة فيى هذة الأنشطة أو ربما تكون وسيلة للنصب علي المواطنين ، وخير مثال علي ذلك الاقتصاد الغير الرسمي (أو ما يعرف بالاقتصاد الموازي) الذي تعاني الدولة من تبعاته.
نفس الحال ينطبق علي شركات ومجال التجارة الإلكترونية فى مصر ، فهذة الشركات والتعاملات تقوم علي أساس غير قانوني ، حيث من السهولة أن ينتشر النصب من خلال شركات أو أفراد خدعتهم ضمائرهم ، ويمكن أن يتم التلاعب بالمستهلك وكذلك التلاعب فى أرباح هذة الشركات هروباً من الإلتزامات الضريبية.
خدمات النقل الذكي والتجارة الإلكترونية والحكومة الإلكترونية والمدفوعات الإلكترونية وغيرها كلها معاملات إلكترونية ، فخدمات أوبر وكريم هى معاملة إلكترونية بينها وبين المواطن ، حيث تبدأ المعاملة الإلكترونية بطلب الخدمة من جانب المواطن من خلال التطبيق الإلكتروني ثم تنفيذ الخدمة بنقل المواطن إلي المكان الذي يريده ثم يقوم المواطن بتسديد رسوم الخدمة وإنهاء المعاملة ، مع التأكيد علي أن شركات النقل الذكي أوبر وكريم هى شركات فى النهاية تعمل فى مجال التجارة الإلكترونية لانها تبيع خدمات النقل للغير ( والخدمات هى السلع غير المنظورة).
وعليه فإن قانون المعاملات الإلكترونية هو تشريع رئيسي ضمن البنية القانونية لملف التحول الرقمي فى مصر ، وهو تشريع مكمل لا غني عنه مع باقي التشريعات مثل قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية وقانون حماية الخصوصية والبيانات الشخصية وقانون حماية المستهلك.
هناك جهود كبيرة لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لإقرار مشروعات قوانين مكافحة الجرائم الإلكترونية وحماية الخصوصية والبيانات الشخصية ، وإن كانت هذة الجهود متأخرة فإنها جهود محموده وندعمها بقوة بهدف تعزيز ملف التحول الرقمي.
بمجرد صدور قانون المعاملات الإلكترونية يسهل علي الحكومة تحصيل الضرائب المباشرة ( ضرائب أرباح الشركات ) والضرائب غير المباشرة ( ضرائب المبيعات أو القيمة المضافة ) لان المعاملة الإلكترونية أصبح لها حجيتها القانونية ، وتصبح كافة الشركات العاملة فى مجال المعاملات الإلكترونية سواء كانت تبيع سلع مثل شركات سوق دوت كوم وجوميا أو تبيع خدمات مثل شركات النقل الذكي أوبر وكريم وشركات الخدمات المالية كالبنوك لها صفة قانونية وتستطيع مزاولة نشاطها وفقاً للقانون المصري وبدون أى مشاكل أو اعتراضات قانونية ، ويكون هناك ثقة من جانب كل الأطراف المعنية سواء كان المواطن أو الشركة صاحبة النشاط أو الحكومة.
لقد تقدمت بمشروع قانون المعاملات والتجارة والإلكترونية للبرلمان المصري فى فبراير 2017 بمبادرة شخصية مني ، وأتعهد بأن أسعي بكل الطرق لإقراره فى أسرع وقت ممكن بالتفاوض مع الحكومة والبرلمان والتكتلات البرلمانية والسياسية ومنظمات المجتمع المدني لان هذا القانون يعد أحد أركان البنية القانونية لملف التحول الرقمي فى مصر. إن مصر تحتاج كل جهد ممكن وتحتاج إلي كافة أبناءها فى العمل من أجلها #تحيا_مصر.
eng.ahmed_desoki@hotmail.com