بقلم : د . ياسر بهاء
في رحلة كلٍ منا إلى التغيير للأفضل والسعي حول أسرع الطرق وأقصرها فإننا نتعرض في كثير من الأحيان إلى نصائح متضاربة في ماهية تلك الطرق وكيفية البدء في التغيير مثل أن تكون صفة الالتزام الذاتي عند البعض هي أهم الصفات في الشخص الناجح والبعض يفضل الاهتمام أولاً بتطوير مهارة إدارة الوقت بينما آخرين يهتمون بتنمية الإرادة وهؤلاء من يسعون إلى تقديم أفضل النصائح التي تؤدي بالفعل إلى نتائج رائعة ولكن بالفعل ما هي الطريقة الأفضل للبدء في التغيير؟
في العديد من الفعاليات التي حضرتها بنفسي في التحفيز وتطوير الذات عند أكثر المتحدثين شهرة على مستوى العالم مثل توني روبنز و ليزا نيكولز وغيرهم وأيضاً مشاهدة الفيديوهات وحضور دورات أونلاين لكثير آخرين مثل ليز براون وزيج زيجلار وبراين تريسي وستيفين كوفي وغيرهم الكثير فقد لاحظت مدى الطاقة الإيجابية التي تصحب تلك اللحظات والرغبة الجامحة في التغيير ووضع أهداف وأحلام رائعة والبدء في تنفيذها ولكن بعد فترة تبدأ تلك الرغبة والطاقة في النقصان حتى أتوقف بشكل كبير عن معظم ما عزمت الاستمرار فيه والغريب أنني اكتشفت أنني لست الوحيد الذي يواجه مثل هذا الموقف وعندئذ أتذكر دائماً مقولة "لا تتخذ قرار وأنت غاضب ولا تقدم وعوداً وأنت سعيد" إذاً ما هو الحل؟
من وجهة نظري المتواضعة أن عدم التجهيز قبل البدء في التنفيذ هو أحد الأسباب – إن لم يكن السبب الرئيسي – وراء عدم الاستمرارية فيما تم التخطيط له وأقصد هنا بتجهيز النفس لما هو قادم من تحديات وتغيرات وعادات ومقاومات وغيرها من المواقف والمشاعر التي لم تكن موجودة سابقاً قبل اتخاذ قرار الانتقال من منطقة الراحة واللاعمل إلى منطقة تحقيق الحلم والأمل.
في هذا المقال استعرض 7 نقاط بدأ بهم براين تريسي كتابه “Kiss That Frog” والذي أطلق عليهم 7 حقائق عن أي شخص والذي إذا ما تم الإيمان بهم فإن خطوات تنفيذ ما يسعى إليه ستكون أسهل بما قد تم التمهيد له من خلال تلك النقاط السبع كما يلي:
الشعور بأن كل شخص هو رائع ويملك من المواهب والصفات والإمكانيات ما لا يمتلكه غيره وأن الله قد حباه بمميزات إن سعى إلى تطويرها بعد اكتشافها ستكون هي نقطة الانطلاق إلى النجاح وتحقيق الأهداف. وعلى الجانب الآخر إذا ما شعر الشخص بأنه غير كفء أو لا يمتلك من المهارات ما يمتلكه غيره أو أنه قد كُتب عليه مستوى معين من المعيشة والذكاء والإمكانيات المحدودة فإن نتيجة تلك المشاعر هي الإحباط والتخاذل والأهم هو عدم الاستمرارية إذا ما بدأ في اتخاذ سبيل جديد للتغيير بمجرد أن يتعرض لأي عقبة فسيكون الحديث الذاتي عندئذ "هذا ما كنت أتوقعه، فما أمتلكه غير كافي لشخص مثلي أن يذهب بعيداً في رحلة الحياة".
الشعور بالأهمية فإنه يجب على كل فرد أن يشعر بأهميته لذاته ومكانته في الحياة وأن ما يستطيع فعله غير محدود إلا ما وضع من حدود لنفسه فالشعور بالأهمية يخلق طاقة لا محدودة. ولا ننسى أيضاً أهميتنا للوالدين فهما ينتظران منا الكثير حيث أن لحظة الولادة كانت وما زالت من أهم لحظات السعادة لديهم. أنت أيضاً مهم لأسرتك وأولادك وشريك حياتك فإن لك دوراً لا يستطيع أحد في الحياة القيام به غيرك. أنت مهم لشركتك ولزملائك في العمل فأنت مهم للكون بأكمله وإذا ما تأكد لديك ذلك الشعور فاعلم أن ما ستقوم به أو ستخطط له هو بمثابة تعظيم لدورك الهام في هذه الحياة.
الشعور بالطاقة والإمكانيات الكامنة لدى كل شخص حيث إنه لا يمكن استخدام كل الإمكانيات التي نمتلكها حتى لو عشنا مائة حياة فما نمتلكه من قدرات يفوق التوقعات وما نستغله فعلاً سوى القليل وما هو إلا نتاج ما نحدده لأنفسنا ومن هنا فإن الإيمان بتلك القدرات والإمكانيات اللامحدودة هي الفارق بين من يبذل قصارى جهده في تحقيق ما يسعى إليه نتيجة إيمانه التام بقدراته وإمكانياته التي لم يتم اكتشافها بعد وبين أولئك الذين يتحججون بإمكانياتهم وقدراتهم المحدودة والتي لن تساعدهم أبداً في تحقيق أي شيء وفقاً لمعتقداتهم الذاتية.
يمكن لأي إنسان أن يخلق العالم الذي يعتقد أنه يجب أن يعيش فيه وفقاً لأفكاره ومعتقداته وأن معظم معتقداتنا السلبية ليست مبنية على حقائق واقعية بل على مواقف وفهم – قد يكون خاطئا أو قاصرا – لتلك المواقف فإنه كلما كانت المعتقدات إيجابية ومتفائلة ومبنية على أسئلة تحفيزية وليست تعجيزية كلما وصلنا إلى أفاق جديدة لن يصل إليها مَن معتقداته سلبية ومقيدة ومحبطة وعلينا أن نعترف بأنه لا يمكن تحقيق ما لا نؤمن بتحقيقه.
كلنا نملك الإرادة الكاملة في اختياراتنا وأيضاً الاتجاه الذي نسعى إليه في الحياة فإن كنت لا تتحكم فيما يحدث حولك فأنت بلا شك تتحكم في فهمك واستجابتك له وقد أخبر توني روبنز إن كان هناك موقف يعني لك معنى معين وذلك المعنى لا يساعدك على تحقيق ما تريد نتيجة المشاعر السلبية المرتبطة بتفسيرك له فمن الذكاء أن تسأل نفسك "هل يوجد معنى آخر لهذا الموقف؟" وهنا حتماً ستجد معنى آخر – إن كنت ترغب ذلك – وسيساعدك على فهم الموقف بشكل مختلف مما يؤدي إلى شعور وأيضاً استجابة مختلفة تماماً فكثير من الناس يعتقدون أنهم مجبرون على كل ما يحدث لهم وما هم إلا ردة فعل في هذه الحياة ومن هنا نستطيع القول أن من لا يمتلك القناعة بقدرته على الاختيار فسيختار له الآخرون رحلة حياته حتى مماته.
يجب أن نعلم أن لكلٍ منا سبب خُلق لأجله وأن دورنا في الحياة يعتمد بشكل كبير على مدى الإيمان بأننا خُلقنا لننجح ولنتميز ولنصل بحياتنا وحياة من حولنا إلى آفاق رائعة لن يصل إليها غيرنا بما يمتلكه كلٌ منا من إمكانيات وقدرات واعتقادات ومهارات وتقبلنا لكل ذلك أو عدمه هو الذي يحدد حجم أهدافنا وعظمة نتائجنا وعمق تأثيرنا في هذه الحياة.
وأخيراً لا يوجد حدود لكل ما يمكن فعله أو نملكه أو نصل إليه إلا ما نضعه لأنفسنا فإن العدو الأول لنا جميعاً والعائق الأعظم في طريق نجاحنا هو أنفسنا وما نتحدث به لذواتنا فإن معظم ما نخشاه أو نقلق منه ما هو إلا أوهام خلقناها بأنفسنا في الماضي واستمرت معنا إلى الآن حتى وصلت إلى مرحلة عدم قدرتنا أساساً على التشكيك في تلك الأوهام والمخاوف الزائفة.
وفي الختام علينا أن نؤمن بأن كل ما حدث لنا في الماضي ما هو إلا مقدمة لما نحن عليه الآن ومدى فهمنا لذلك وبالتالي فإن وعينا بما تم ذكره في النقاط أعلاه هو الأساس الذي يجب أن نعتمد عليه قبل التفكير في كل ما سنخطط له ونسعى لتحقيقه. فلا تنسى أن تعي وتؤمن بما سبق حتى لا تهدأ قبل أن تبدأ.