بقلم : فريد شوقى
لعل أحد أهم مشاكل البحث العلمى فى بلادنا ، بخلاف انعدام التمويل المناسب، هو غياب ثقافة القبول للأفكار الجديدة والابتكارية إذ أن كل فكرة تجد ألف من يشكك فيما وراءها والجدوى منها وهدف ونية الباحث ومن ثمة فان الكثير من الأفكار المبدعة تموت حتى قبل أن تولد وإذا كان الحظ حليفها فإنها لا ترى النور إلا بحدوث معجزة من السماء أو جاءتها الفرصة لعبور الحدود الجغرافية للوطن .
ولعل السؤال الذى يدور فى اذهان ، الكثير منا ، هل هناك علاقة عكسية بين الفقر والبحث العلمي ؟ والاجابة بالطبع لا .
ولكن ليس من الحكمة أن تباشر نشاط البحث العلمي في كل المجالات فالطريق مستحيل بهذا التصور لكن يمكن أن تبدأ بتحديد المشاكل التي تواجهك ثم تبدأ في تحويل المشاكل لأجندة عمل للبحث العلمي فعلينا أن نحدد مشاكلنا وأن نتعرف عليها فهناك مشاكل في مجال الزراعة والبيئة والري وزيادة إنتاجية الأرض والتدريب كل هذه الموضوعات صالحة للبحث العلمي .
فعندما نتحدث عن الفقر ، دعونا نأمل الحالة الهندية فالهند أرسلت محطة فضاء وساهمت في تعزيز آلاف الإبتكارات التي بين أيدينا الآن فالهند قررت منذ اللحظة الأولي أن يكون لها دور بارز وروية شاملة في مجال البحث العلمي ، رغم كل الفقر والأمية والتخلف .. وحققت ذلك . وبالطيع فان عدم وجود سوق منظم في مصر للتعامل مع عشرات الإبتكارات التي يتوصل اليها الشباب والباحثين ، رغم تعدد الجهات المقدمة للمنح والتمويل المالى والحضانات ، ربما تكون البداية صعبة و لا أعني بذلك غياب السوق ولكن أعني وجود نخبه تفكر وتدقق الأفكار بحيادية إذ من المتعارف عليه عند تقديم اى ورقة بحثية او فكرة بحث جديدة ان يتم فحصها من قبل للمحكمين والمدققين فإذا نالت موافقتهم نشرت وطرحت كبرنامج بحث علمي .
ويمكن تلخيص المراحل التى تمر لها اى وقة بحثية ، فى المراكز البحثية والجامعات بالخارج ، فى انه بعد ان ينتهى الباحث من أعداد الورقة يقوم أرسلها الى جهة علمية ، متخصصة فى نشر أبحاثا مدققة ، وبعد أعتماد اللجنة للفكرة او البحث، وانها جديرة بالبحث العلمي ونشر البحث، فانه يتم تخصيص برنامج البحث ووضع ميزانية مالية تحت تصرف الباحث ثم أن هناك نظام لتسويق الفكرة ومساندة البحث العلمي في مراحلة المبكرة ولهذا يتسابق قطاع الأعمال للتوظيف النتائج قبل نهاية البحث .
وهذا ما نتطلع الى توطينه فى مصر وان يكون لدينا نظام للتدقيق والتحكيم للافكار البحثية الجديدة وأن يكون لدينا بيئة علمية متسامحة مع الأفكار الجديدة وليس نظام للفتوى في كل شئ بدون علم والتشكيك فى نية الباحث او التهديد بخطر الفكرة بل ويمكن ان نصل احيانا الى نظام للتحريم المبكر .. فى النهاية تمنى أن يكون لدي المصريين حلم قومي ، يجمعهم ويوجه نشاطهم البشري ، بما في ذلك نشاط التعليم والبحث العلمي دعونا نحلم بالصعود للقمر ،أو بغزو الصحراء ، أو بالتفوق العسكري علي كل دول المنطقة فدعونا نحلم بأن تكون لنا قوة ناعمة مؤثرة وفعاله في إقليم الشرق الأوسط وافيقيا دعونا نحلم بالإكتفاء الذاتي في مجال الطعام ..فالحلم يولد الطاقة لتحقيقة ..
أتمني كذلك أن يكون للمصريين إنجاز يفخرون به ، ويتباهون به ويلتفون حوله ويشعرون بالكرامة لتحقيقه أمال أيضا أن يخوض المصريين معركة التعليم بكفاءة نادرة وأن يدركوا أن أمن مصر القومي يواجه أخطارا فادحة في غياب نظام تعليمي وبحث علمى فعال ينقذنا من الجهل والأمية والتخبط والخرافة فى النهاية تمني أن يحترم المصريين العقل وأن يسمحوا له بالإنطلاق بغير حدود وأن يفكر ويبتكر ويتحرر من كل القيود والعقل الحر يلد أفكارا حرة ، تقود لبناء مجتمعات متقدمة .