أخيرا .. تقنين منصات التواصل الاجتماعى

  •  

    بقلم : فريد شوقى

    مع تزايد قاعدة مستخدمى شبكات التواصل الاجتماعى العالمية  أصبحت تشكل جزءا كبيرا من ثقافة مستخدميها لاسيما من الشباب صغير السن والذين يسهل التاثير عليهم واستغلالهم عبر الأفكار ، سواء الايجابية او السلبية ، التى يتم نشرها وتداولها بسرعة عبر هذه الشبكات .

     

    فالعالم الافتراضى ، على غرار العالم المواقع ، ليس واحة للاخلاق او للأحلام الوردية وانما هناك ايضا الكثير من المخاطر التى يمكن ان يتعرض لها مستخدموها وهنا تأاتى اهمية التوعية بهذه التهديدات وكيفية مواجههتا بالتوجيه والرشاد للمستخدمين لتعظيم الاستفادة من ادوات العالم الافتراضى وليس لمقاطعتها او حظرها او حجبها او الغائها فالممنوع مرغوب .

    وفى ظل تزايد القاعدة المحلية لمستخدمى الانترنت " الثابت والمحمول " فانه وفقا لاحدث تقرير للجهاز القومى لتنظيم الاتصالات " NTRA "  ، والذى صدر فى اكتوبر الماضي عن صيف عام 2022 ، فان عدد مستخدمى  منصات التواصل الاجتماعي ، وهي تطبيقات ومواقع تمكن مستخدميها من نشر أي محتوي (نصي أو صوتي أو مرئي أو بيانات) ومشاركتها مع الآخرين(مثل الفيسبوك وتويتر،انستجرام..)، وصل 34,3 مليون مستخدم مع عدد الزيارات 2,1 مليار زيارة يوميًا، بنسبة زيادة 5% مقارنًة بصيف2021.

    كذلك بالنسبة لمقاطع فيديو ترفيهية قصيرة ، وهي مقاطع فيديو موسيقية / صوتية ترفيهية قصيرة يتم تحميلها ومشاركتها من قبل المستخدمين عبر تطبيقات (مثل تيك توك، لايكي،..)، وصل عدد المستخدمين 18,4 مليون صانع فيديو قصير، وبلغ إجمالي عدد ساعات مقاطع الفيديو 4.4 مليون ساعة يوميًا، بنسبة زيادة بــ 69% مقارنًة بصيف 2021.وفيما يتعلق بالألعاب الإلكترونية ، وهى ألعاب الفيديو التي تتم ممارستها عبر الاتصال بشبكة الإنترنت (مثل بلاي ستيشن واكس بوكس،..)، فبلغ عدد اللاعبين 17,4 مليون لاعب، وعدد ساعات اللعب 424 ألف ساعة يوميًا، بنسبة زيادة 69% مقارنة بصيف 2021.

    كما أوضح تقرير " NTRA " انه بالنسبة لمشاهدة محتوى ترفيهي ،  وهي خدمة مشاهدة الأفلام والمسلسلات التليفزيونية من خلال تطبيقات ومنصات تتخصص في خدمة بث الفيديوهات عبر الإنترنت (مثل نيتفلكس وشاهد، واتش ات)، فبلغ عدد المشاهدين 35,8 مليون مشاهد، وعدد ساعات المشاهدة 20,2  مليون ساعة يوميًا، بنسبة زيادة في حجم الاستخدام تقدر بــ 73% مقارنًة بصيف 2021.

    ومن قمة فان منصات التواصل الاجتماعي ، بصرف النظر عن موقفك منها ، اصبحت وقع ملموس ونمط حياة بالنسبة للكثير من شبابنا وأطفالنا ومن الصعب بل من المستحيل ان نطلب منهم العزوف عنها بصورة نهائبه ولكن علينا ان نقوم بتنظيم عمل هذه المنصات فى ظل " الفوضى اللاخلاقية " التى باتت تعتمد علي هذه المنصات لنشر كل ما هو قبيح أخلاقيا ومخادع مضلل وأكاذيب وشائعات وغير حقيقى .

    ولعل البداية الايدابية يمكن ان تستند الى ما كشف عن كرم جبر ـ رئيس المجلس الأعلى المصري لتنظيم الإعلام (SCMR) من إعداد المجلس لتشريعً يلزم منصات التواصل الاجتماعي العالمية بالحصول على ترخيص للوصول إلى مستخدمي الهواتف المحمولة في مصر موضحا أن التشريع الجديد يهدف إلى حماية المواطنين، خاصة الأطفال، من أي أفكار خطيرة تروج لها هذه المنصات مشيرا أن " ألعاب الفيديو" ، أسلحة ذات حدين لما لها من استخدامات ضارة ومفيدة في آن واحد وعلينا كحهاز تنظيمى ان زيادة الفوائد من هذه الالعاب والتقليل من مخاطرها وأضرارها خاصة مع التزايد الكبير فى عدد المستخدمين وهو ما دفع العديد من الدول لتنظيم استخدام منصات التواصل الاجتماعي ولعب ألعاب الفيديو .

    هذا فى اعتقادي ما يمكن ان يشكل بداية قوية لوضع نوع من التقنين وتنظيم عمل منصات التواصل الاجتماعي فى السوق المصري وضرورة التزامها بتقاليد وأعراف المجتمع وعدم الخروج عن هذه القواعد .

    وهذا ما ينسجم ايضا مع دعوة أعضاء مجلس الشيوخ المصرى إلى فرض ضوابط على منصات التواصل الاجتماعي العالمية ، وخاصة تيك توك، بسبب المخاوف من أنها تنشر العنف والتطرف والمثلية الجنسية حيث اكد محمد عمار ـ عضو مجلس الشيوخ ، إن الأفكار والأفكار التي تنتشر عبر هذه المنصات تعتبر مدمرة للمجتمع المصري، وحث الحكومة على حظر تيك توك في مصر.

    وإذا كنا نتفق على معارضتنا لنمط الاستخدام السيئ من قبل بعض مستخدمي الإنترنت ، والدخول للمواقع الإباحية أو استغلال الأطفال أو حتى نشر المعلومات المغلوطة والمضللة  إلا أننا يجب أن نناقش أسلوب المنع والحجب والرقابة القهرية حيث إنه لم يعد الأسلوب الأمثل للتعامل مع أدوات عصر المعلومات ، فما يمكن أن نقوم بغلقه هذه الساعة يمكن أن يظهر غيره في الساعة التالية – إن لم يكن في نفس الساعة - ومن ثمة لا يعقل أن نظل مستمرين في لعبة القط والفأر والتي لم تنته طالما كان هناك انحدار أخلاقي، ونقص كبير في التوعية في نمط الاستفادة من مزايا وإيجابيات شبكة الإنترنت .

     

    فنحن ضد لجوء بعض مستخدمى الانترنت إلى القانون واستغلاله بشكل سلبي لفرض آرائهم وتصوراتهم على جميع المستخدمين وكأنهم أوصياء عليهم؛ الأمر الذي يتسبب في تحقيق الكثير من الأضرار لغالبية المستخدمين، سواء شركات أو أفراد ، ولعل أهمها أن مواقع التواصل الاجتماعى العالمية،  رأسها موقع الفيسبوك وتوتير واليوتيوب ، أصبحت إحدى الأدوات المهمة للتعبير عن حرية الرأي ونقل وقائع الشارع المصري ناهيك عن التكلفة المالية لحجب هذه الموقع.

     

    نؤكد أن غياب التوعية الفعالة والرشيدة أثناء اتصالهم بشبكة الإنترنت هو حجر الزاوية الرئيسي عند الرغبة في تحجيم ظاهرة الانحراف الأخلاقي ، لبعض مستخدمي ،  شبكة الإنترنت خاصة أن الفضائيات التليفزيونية وسهولة الوصول إليها باتت مليئة بما يفوق الإنترنت من مخاطر على مجتمعنا، وبالتالي فإذا كنا نظن أن إصدار حكم بالمنع أو الحجب سيكفي للقضاء على هذا التدهور الأخلاقي .. فإن هذا للأسف لا يمكن أن يندرج تحت قائمة الوهم أو كمن يريد أن يضع رأسه في الرمال .

     

    فى النهاية نود التأكيد أن التجارب التي سبقتنا في هذا المجال كشفت أن ممارسة هذا النوع من الرقابة على الإنترنت على المواقع الإباحية  منصات الالعاب الالكترونية او شبكات التواصل الاجتماعى يمثل نوعا من الحافز لدى البعض لابتكار أساليب وتقنيات جديدة تسهل الوصول لهذه المواقع بصورة أكبر وأكثر ، تحت شعار "الممنوع مرغوب" ، وتجربة انتشار البروكسي في العديد من دول الجوار خير دليل على ذلك ، والخبراء والمبتدئون يعلمون الأساليب التي يمكن من خلالها جعل هذه الرقابة بمثابة حاجز وهمي لا فائدة منه، فالعالم لا توجد فيه ـ حتى الآن ـ التقنية التي يمكن أن تحجب جميع المواقع من نوع معين بسبب تشعبها وتفاوت الأهداف منها والتغيير الذي يطرأ باستمرار على عناوينها ومضامينها .

     



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن