صناعة التكنولوجيا وتوظيفها لخدمة الإنسانية

  •  

    بقلم : توماس جنسن

     الرئيس التنفيذي لشركة مايلستون سيستمز

    تشهد الثورة التقنية اليوم نمواً لافتاً وتقدم ابتكارات جديدة بشكل مستمر لتخط بذلك صوراً نموذجية عن المستقبل، مما سيستدعي الشركات العاملة في قطاع التكنولوجيا  على التركيز بشكل أكبر على الشفافية وإبراز مسئوليتها بتقديم حلول تقنية مبتكرة وفريدة من نوعها.

    وهذا سيحمل الرؤساء التنفيذيين وقادة الأعمال التجارية في الشركات  مسئوليات أكبر في قيادة الطريق نحو الاستخدام المسئول للتكنولوجيا، فخلال العقدين الماضيين، أصبحت المؤسسات والشركات العاملة في المجال التقني أكثر قوة، مما زاد من توقعات الناس من تلك الشركات، أي أنه على الرغم من القدرات والقوى الكبيرة، إلا أنه يوجد مسئولية كبيرة مقابل تلك القدرات، وتلك المئئولية تقع على عاتق شركات التكنولوجيا.

    كنتيجة لزيادة التأثير الكبير لشركات التكنولوجيا، تم تسليط الضوء على مفاهيم مثل “techlash”، على أن لها آثارا سلبية على الشركات الكبرى في المجال، وفي حقيقة الأمر، أظهر استبيان Best Countries Survey أن 74% من الناس قالوا إنه يجب تحجيم قوة وقدرات شركات التكنولوجيا.

    وكنتيجة لهذا الاستفتاء، قام العديد من الدول بصُنع أطر عمل لتأسيس القواعد التي يتوقعوا أن تحد من قوة الشركات التقنية الكُبرى. وأصدرت دولة الإمارات العربية المتحدة قانونًا اتحاديًا لحماية البيانات الشخصية، أو Personal Data Protection Law، PDP، والذي يقدم إطار عمل قانوني لضمان سلامة وخصوصية المعلومات الشخصية للأفراد.

    نتج عن مفهوم “تك لاش” وجود متطلبات كبيرة لدى شركات التكنولوجيا لإبراز مسئوليتها، حيث يتم الاستفادة منها لخدمة البشرية وليس العكس، ولتحقيق ذلك، يجب أن يتم وضع الناس واحتياجاتهم في الأولوية للصناعة التقنية، وتطويرها وفقًا لذلك.

    وهذا الأمر يتجاوز مخاوف الخصوصية، فمن الضروري للغاية ضمان استخدام التكنولوجيا على نحو مسئول، خاصة ونحن نمضي قدماً في القرن الواحد والعشرين. ونعتقد أن التكنولوجيا التي تتسم بالمسئولية ستصبح شرطاً أساسياً لتحقيق النمو في المستقبل وحتى للحصول على رخصة لممارسة أنشطة الأعمال. لم يعد الحفاظ على الوضع الراهن قابلاً للتطبيق، وقد تلاحظ الشركات التي تتبع هذا المسار أن عملاءها ينسحبون منها.

    مع انتشار الجيل الجديد الذي يعتمد على الحلول التقنية، زادت توقعات الناس حول التكنولوجيا مقارنة بأي وقت مضى، وأدركت العديد من الشركات أهمية هذا التحول والتغيير وبدأت في القيام بالعديد من التدابير للتكيف مع دورها الجديد.

    وعلى الرغم من أن الهدف الأساسي لشركات التكنولوجيا هو تحقيق المكاسب المادية، إلا أنه بالمقابل يتعين عليهم اعتماد نهج يتسم بالمسئولية حول كيف سيقومون بتطوير خدماتهم التقنية، وكيف سيقوم شركائهم ببيعها وكيف يقوم المستهلكون باستخدامها. ويعتبر هذا الأسلوب مهما بما أنه هناك دليل قوي أن الممارسات التكنولوجية التي تتسم بالمسئولية أصبحت ضرورة قصوى وإحدى السبل لضمان تحقيق النجاح في المستقبل.

    بدلاً من الاعتماد على أسلوب رد الفعل، سوف تتطلب تلبية توقعات الجيل القادم أن تعمل شركات التكنولوجيا كشركاء متعاونين مع صانعي السياسات، ويتطلب هذا العمل مع هيئات حكومية لوضع تشريعات فعالة لحماية حقوق الانسان الأساسية وفي نفس الوقت تعزيز الابتكارات وتقديم فوائد التكنولوجيا للأجيال الحالية والمستقبلية.

    يجب أن يسعى قادة الصناعة للقيام بأكثر من التوجه للوم الشركاء والعملاء، والالتزام بتخصيص فريق عمل بمهمة تطوير أطر العمل والتعاون مع صناع السياسات للمساعدة في تأسيس تشريعات فعالة تحافظ على مصالح الناس والمجتمع.

    بدأت تحديات الاتسام بالمسئولية في الظهور في عالم التكنولوجيا في الوقت الحالي، ولكن التكنولوجيا تتطور وتتغير على نحو شديد السرعة، حيث تتطور مبادئ التكنولوجيا المسئولة باستمرار. وشهدنا العواقب التي أدت إلى ظهور مفاهيم مثل تك لاش، ولكي نتجنب تكرار هذا، فمن الضروري أن نتعلم ونتكيف وننمو باستمرار.

    وتتمسك بعض الشركات بمعتقداتها وهي الالتزام بأسلوب أنشطة أعمال على نحو اعتيادي، والتحدث عن المسئولية مع استمرار إعطاء الأولوية لتحقيق الربح على المدى القصير، ولكن التاريخ أظهر أنه عندما يتم تجاهل مصالح المجتمع، ويتبع ذلك احتجاجات الناس وبعدها يبدأ الناس في الابتعاد.

    عندما ننظر حولنا، نلاحظ أن التكنولوجيا المسئولة أصبحت أمراً ضرورياً للشركات من أجل مزاولة أنشطة أعمالها، وبدأت تفضيلات المستهلكين تتجه نحو هذا التوجه، ويجب يكون لدى شركات التكنولوجيا القوة والقدرة لقيادة تلك الرحلة لإحداث الفارق ومن الضروري كذلك البدء في القيام بتلك التصرفات الآن.

    ولإجراء الخطوات الأولى، يجب على الشركات الالتزام بالمبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان، (UNGP)  وقد يتضمن هذا تأسيس برنامج للابتكارات التي تتسم بالمسئولية لتطوير المنتجات وتقديم التدريبات للشركات العاملة في المبيعات والشركاء في الأعمال حول مبادئ التكنولوجيا التي تتسم بالمسئولية، ودمج مبادئ التكنولوجيا المسئولة في عملية الرعاية الواجبة للمعاملات التجارية.

    &

     

     



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن