كتب : نهله مقلد
اختار مجلس إدارة " فودافون جروب " "، مارجريتا ديلا فالي، المخضرمة التي تعمل في الشركة منذ 29 عاماً لتكون الرئيس التنفيذي التالي، مخالفة التكهنات بأن شركة الاتصالات العملاقة المحاصرة بالتحديات ستختار، لأول مرة، شخصاً من خارج الشركة.
لم تكن "ديلا فالي" دوماً من العاملين في الشركة بل ترقت عبر الرتب بعد أن كانت واحدة من أول ثلاثين موظفًا أو نحو ذلك في شركة الاتصالات الإيطالية الناشئة "أومني تيل" (Omnitel)، حيث ساعدت في تحديد موقع أبراج الراديو لشبكة الهاتف المحمول الجديدة للشركة، وفقاً لما قاله أحد زملائها، ثم استحوذت "فودافون" على "أومني تيل"، وفي 2001، تحول الاسم إلى "فودافون إيطاليا".
مع ذلك، على مر السنوات أصبحت "ديلا فالي" من أهم العاملين في "فودافون"، وتقلدت مناصب مثل المديرة المالية في أوروبا، والمراقبة المالية للمجموعة، ونائبة المدير المالي، والمديرة المالية، وطبقت تدابير لخفض التكاليف بمليارات اليورو، وأشرفت على فصل وإدراج وبيع وحدة أبراج الهاتف المحمول للشركة "فانتاج تاورز" (Vantage Towers).
في يناير، أكدت في مكالمة بعد توليها زمام القيادة خلفاً لنيك ريد، الذي أطيح به في ديسمبر دون بديل: "أنا أعرف ما يجب تغييره، ونحن نعمل عليه"، بعدها تم حذف كلمة "مؤقت" من لقبها الرسمي على الفور.
منذ ذلك الشهر، خفضت "ديلا فالي" مئات الوظائف في المقر الرئيسي للشركة بلندن، وعينت مديراً تجارياً رئيسياً، وفوضت الوحدات المحلية في اتخاذ القرارات التجارية. بينما تبحث شركة "فودافون" عن خليفة خارجي، لا تزال "ديلا فالي" المديرة المالية لشركة الاتصالات، وعيّنت مديرة "فوداكوم" (Vodacom)، آنا ديميتروفا، كمراقبة مالية للمجموعة.
في المؤتمر العالمي للهاتف المحمول في مارس، اجتمع قادة القطاع في برشلونة، شوهدت "ديلا فالي" وهي تلتقي بزملائها التنفيذيين في مجال الاتصالات وتتجول في جناح "هواوي تكنولوجيز"، وأثناء أحاديث العاملين في القطاع عن الخلافة في "فودافون"، بينما كانوا يتناولون القهوة والمُقبلات الإسبانية مدحها أكثر من منافس لها.
تعيين "ديلا فالي" يجعلها أول امرأة تقود "فودافون"، التي كان 60% من قوتها العاملة من الذكور حتى العام الماضي، وهي الآن واحدة بين عدد قليل من المديرات التنفيذيات في مؤشر "فوتسي 100" لأكبر الشركات البريطانية.
ولدت "ديلا فالي" في روما، وتتحدث الفرنسية والإيطالية والإنجليزية، وحصلت على درجة الماجستير في الاقتصاد من جامعة بوكوني، وهي جامعة خاصة نخبوية في ميلانو بين خريجيها الآخرين رئيس الوزراء السابق، ماريو مونتي، والاقتصادي نورييل روبيني، ورئيس نادي يوفنتوس، أندريا أنيلي، والرئيس التنفيذي المعين حديثاً، لشركة "سيلنكس تيليكوم" (Cellnex Telecom)، ماركو بوتوانو، والرئيس التنفيذي "إيسيلور لوكسوتيكا" (EssilorLuxottica)، فرانشيسكو ميليري.
مؤخراً، انضمت إلى مجلس إدارة الجامعة، ما أعاد لم شملها مهنياً مع الوزير الرقمي الإيطالي السابق، فيتوريو كولاو، الذي أدار أيضاً شركة "فودافون" من 2008 حتى 2018. عمل "كولاو"، الذي اعترف "بإعجابه الشديد" بـ"ديلا فالي"، معها في "فودافون" مع باولو بيرتولوتزو، الذي يتولى حالياً منصب الرئيس التنفيذي لشركة معالجة المدفوعات "نيكسي" (Nexi).
قالت "ديلا فالي"، وهي قارئة شغوفة، لأصدقائها إن أحد مصادر إلهامها هو استكشاف القطبين الشمالي والجنوبي للمستكشف الأسطوري، إرنست شاكلتون، الذي أنقذ فريقها المحاصر خلال رحلة شبه كارثية في القارة القطبية الجنوبية، ورغم أن الظروف التي تواجهها أقل قسوة إلى حد ما، إذ ينتظرها في الأشهر المقبلة التفاوض على مجموعة كبيرة من الصفقات المعقدة ونشاطٍ محتمل من المساهمين، فقد تكون قيادته ومرونته مصدر إلهام مفيد لها.
في مذكرة الخميس الماضي، قال جيمس راتزر، المحلل في نيو ستريت ريسيرتش (New Street Research): "الإعلان عن رئيس تنفيذي دائم يُفترض أن يساعد في تحرير (فودافون) للمضي قدماً في عدد من المبادرات الاستراتيجية التي تبدو أنها مصابة بالجمود"، مشيراً إلى مجموعة الصفقات التي أعلنت عنها الشركة ولم تستكملها".
أضاف مع ذلك، في الوقت ذاته، نعتقد أن الكثير من الناس قد يرون في هذا التعيين فرصة ضائعة لتحقيق التغيير. بدأت أعمال فودافون مؤخراً تتراجع في أدائها عن مستوى أقرانها في جميع المجالات".