كتب : أمين قدري

تستغل شركات الاستشارات العالمية النمو الفائق في الطلب على خدمات الذكاء الاصطناعي، الذي يعتبر منجما جديدا لها.

وفي أروقة الشركات في جميع أنحاء العالم، يؤدي السباق المحموم، الذي يشارك فيه عمالقة التكنولوجيا والمتعلق بالذكاء الاصطناعي التوليدي، إلى إثارة كل الأوهام والأحلام المرتبطة بالنمو القوي .

وبغض النظرعن الشعور بالقوة الذي اجتاح وسائل الإعلام والأسواق المالية، تمكن القادة من مواجهة إمكانات هذه التقنيات الثورية بفضل إضفاء الطابع الشعبي في الخريف الماضي، على أدوات مثل "شات جي بي تي".

وقال أوليفييه لينيل، المدير العام ورئيس مجلس إدارة شركة مازارز في فرنسا، لصحيفة لوفيغارو :"لا شك في أن زبائننا تحمسوا بشأن الذكاء الاصطناعي وكانوا يتصلون بنا باستمرار".

فعلى الرغم من أن لدى جميع الشركات الكبرى الآن قسم رقمي، إلا أن معظمها ليس لديه حتى الآن علماء بيانات قادرون على التعاطي مع نماذج الذكاء الاصطناعي ونشرها وتكييف مؤسساتهم.

وفي هذا السياق، تظهر الشركات الاستشارية كشركاء متميزين. وقال جيانماركو مونسيلاتو، رئيس شركة ديلويت فرنسا: "لقد كان نمونا مدفوعا دائماً بالتطورات الاقتصادية".

وبشكل عام، تمكنت الشركات العملاقة في قطاع الذكاء اإصطناعي، من الحفاظ على نمو الإيرادات برقم مزدوج في عام 2023، وهي السنة المالية المتعثرة، على الرغم من البيئة الاقتصادية العالمية التي تعطلت بسبب ارتفاع أسعار الفائدة والتضخم والتوترات الجيوسياسية.

وتمثل المهام المتعلقة بالذكاء الاصطناعي بالنسبة للكثيرين، الرافعة الثانية للنمو، بعد القضايا البيئية والاجتماعية والحوكمة، التي جلبها التوجيه الأوروبي الجديد.

وقال نيكولاس دي بيلفوندز، المدير المساعد الأول لمجموعة "بي سي جي": "كنا ندعم منذ الخريف، ما يقرب من ثلث الشركات الكبرى فيما يتعلق بموضوع الذكاء الاصطناعي التوليدي، وقبل هذه الموجة الجديدة، كان الذكاء الاصطناعي يمثل بالفعل 20% من حجم الأعمال الاستشارية لهذه الشركة".

أما بالنسبة لقسم الاستشارات في شركة برايس ووترهاوس كوبرز، فقد كان الموضوع يمثل ما بين 18% و20% من الإيرادات الناتجة منذ الخريف.

وعلّق أحد الخبراء بقوله:"أولاً، هناك موضوع التثقيف، حيث يتم الاتصال بنا لتوعية اللجان التنفيذية بشأن ماهية الذكاء الاصطناعي.

أضاف إن المدير يشعر بقلق بالغ بشأن عدم تحقيق نقطة التحول هذه، واكد أنه ضاعف نشاطه الاستشاري ثلاث مرات حول موضوعات الذكاء الاصطناعي على مدى الأشهر العشرة الماضية.

 وفي فرنسا، حيث لم يتجاوز نمو هذه الخدمات 1% عام 2020 وفقا لبيانات شركة "سينتيك"، أصبحت عروض  العطاءات من القطاع الخاص يومياً تقريباً.

وبعيداً عن تحديد حالات الاستخدام، تسعى الشركات الآن إلى بناء نموذج لغة كبير خاص بها، وتدريبه باستخدام البيانات الخاصة، وفي بعض الحالات، بيانات عملائها.

وتعد الخدمات المصرفية والتأمين والاتصالات والتوزيع الشامل والصيدلة اليوم، من بين القطاعات الأكثر تقدما في تطوير الذكاء الاصطناعي في خدماتها.

والمثال الأكثر شيوعاً هو حالة علاقات العملاء، ففي المستقبل سنكون قادرين على الحصول على روبوتات الدردشة، على جميع الواجهات الرقمية، والتي يمكننا من خلالها التفاعل باللغة الطبيعية"، وفقاً لأحد خبراء التسويق.

وتدعو الشركات أيضاً المتخصصين الاستشاريين إلى تقييم العواقب المحتملة للذكاء الاصطناعي، على كشوف المرتبات الخاصة بهم، من أجل توقع جهودهم في إدارة الموارد البشرية.