ابتكر الدكتور محمود حافظ أسلوبًا متقدمًا لضبط زوايا مفصل الركبة التالف خلال عملية استبداله بمفصل اصطناعي. ويستغني الأسلوب الجديد عن نحو 300 أداة تستخدم بالطرق التقليدية، ويعتمد على استخدام الحاسوب لتصميم نموذج قالب أداة تناسب المريض تمامًا لضبط الركبة، ثم استخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد لإنتاج القالب ماديًا.
وكشف حافظ، استشاري العظام والمفاصل الصناعية في إنجلترا ورئيس قسم جراحة العظام في جامعة 6 أكتوبر في مصر، أن ابتكاره ساهم في إجراء العديد من العمليات الجراحية بنجاح دون مضاعفات تُذكر.
تعتمد التقنية الجديدة على إجراء أشعة مقطعية ثلاثية الأبعاد على مفصل الركبة، وتُستخدم نتائج الأشعة في إجراء تخطيط مسبق للعملية الجراحية باستخدام الحاسوب مع توقع للنتيجة، ثم تصمم القوالب التي تناسب تشخيص المريض، لتطبع لاحقًا باستخدام طابعة ثلاثية الأبعاد.
وقال حافظ في حوار خاص لمرصد المستقبل «نستخدم قطعتين فقط من القوالب الإلكترونية لإجراء العملية الجراحية بهذه التقنية، فنستغني بذلك عن أكثر من 300 قطعة كنا نعتمد عليها في جراحات الاستبدال التقليدية، ما يختصر الوقت اللازم للعملية، ويقلل جرعة التخدير المطلوبة لإجرائها، وهي بذلك الخيار الأفضل لحالات مرضية كثيرة لا تتحمل التعرض لجرعات تخدير عالية، بالإضافة إلى أنها تحول دون اختراق القناة النخاعية للعظم، فتجنب المريض مضاعفات كثيرة كانت شائعة في جراحات الاستبدال التقليدية، مثل تكون الجلطات الدهنية أو حدوث نزيف أو الحاجة إلى نقل الدم.»
وأضاف «هذه التقنية هي الأنسب للحالات المعقدة، التي لا يمكن تنفيذها بالطرائق التقليدية، مثل حالات الاعوجاج الشديدة والتشوهات والكسور القديمة، وكذلك في بعض الأمراض المزمنة كأمراض القلب والسكر والكبد، وأمراض سيولة الدم، أو في حال وجود شرائح ومسامير قديمة، وذلك لاعتماد التقنية على التخطيط المسبق للعملية الجراحية.»
تتلخص التقنية الجديدة في استخدام قالبين مطبوعين يثبت أحدهما على قصبة الساق ويثبت الآخر على عظمة الفخذ، فيسهمان في ضبط محور الارتكاز بسهولة. وتسهل تقنية القوالب الإلكترونية فرصة استبدال مفصلي الركبة في عملية جراحية واحدة، وهي عملية خطيرة إن اعتمد على الجراحات التقليدية نظرًا لزيادة خطر حدوث الجلطات الدهنية.
والجدير بالذكر أن المريض الذي يخضع لاستبدال مفصل الركبة بتقنية القوالب المطبوعة يمكنه الحركة بعد ثلاث ساعات من إجراء العملية الجراحية، خلافًا لجراحات الاستبدال التقليدية، التي يظل فيها المريض مقيدًا وغير قادر على الحركة لما يقارب ثلاثة أشهر، وتمتاز هذه التقنية بانخفاض تكلفتها إذا ما قورنت بالجراحات التقليدية وفقًا لتصريحات حافظ.
برع حافظ في استخدام تقنية القوالب المطبوعة لاستبدال مفصل الركبة التالف بمفصل اصطناعي، إذ أجرى هذه العملية لأكثر من 500 مريض في مختلف أنحاء العالم. ويستخدم الطبيب المصري تقنية القوالب المطبوعة في استبدال العديد من المفاصل التالفة، ومنها مفصلي الورك والكتف.
ومؤخرًا استخدم التقنية ذاتها في استبدال مفصلي الورك لمريض كان قد تعرض لحادث فقد على إثره قدرته على الحركة لما يزيد عن 27 عامًا، لكنه استرد قدرته على الحركة مجددًا بفضل الجراحة التي أجراها له حافظ.
سجل حافظ براءة اختراع عن هذه التقنية في مكتب براءات الاختراع المصري، وفاز عنها بميدالية ذهبية مع تقدير لجنة الحكام من معرض جنيف الدولي للابتكارات.
حصل الدكتور حافظ على درجتي البكالوريوس والماجستير في الطب والجراحة من جامعة القاهرة (القصر العيني) في مصر، ثم حصل على دكتوراة في جراحة العظام من جامعة ليدز في المملكة المتحدة، وعلى دبلوم جراحة العظام والإصابات من الجمعية العالمية للعظام في بلجيكا، وحاز على زمالة الكلية الملكية للجراحين أدنبرة في المملكة المتحدة، وحصل على دكتوراة فخرية من جامعة ديلوير في أمريكا.
ونال درجة أستاذ في جراحة العظام من المجلس الأعلى للجامعات في مصر، ويعمل حاليًا بروفيسور زائر في جامعة نيوفيجن في جورجيا، ومشرف زائر على برنامج دكتوراه في جامعة كارديف في ويلز في المملكة المتحدة، ومدرب في الدورة التدريبية للإصابات والحوادث في الكلية الملكية للجراحين في الولايات المتحدة الأمريكية.
أجرى حافظ عمليات جراحية في مستشفيات كبرى في أكثر من عشر دول في أوروبا وأمريكا وآسيا وإفريقيا.
يشغل حاليًا منصب رئيس برنامج الزمالة بالجمعية الدولية لجراحة العظام بالحاسوب في غلاسكو في المملكة المتحدة، وشارك كمتحدث رئيس في الجلسة العامة بالمؤتمر الدولي للمنظمة العالمية لجراحة العظام والذي عقد حديثًا في عُمان، كما يشغل منصب عضو مجلس إدارة بالجمعية الدولية للمخترعين في جينيف بسويسرا وعضو في لجنة الخبراء في الطباعة ثلاثية الأبعاد في جمعية شنغهاي للتصنيع المتقدمة في شنغهاي في الصين، ونائب رئيس الجمعية الدولية للتصنيع الإلكتروني (واما) في شنغهاي في الصين، وعضو في لجنة تحكيم جوائز المملكة المتحدة للخريجين، وعمل سابقًا كنائب لرئيس جمعية الكسور إلينوي في الولايات المتحدة الأمريكية.
أنشأ حافظ أول سجل للمفاصل الصناعية في مصر عام 2007 وعليه قبلت مصر كعضو في الجمعية الدولية لسجلات المفاصل الصناعية ضمن 29 دولة من أوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا، وهو أول من استخدم القوالب
الإلكترونية في تركيب المفصل الصناعي للركبة وسجل 18 براءة اختراع إذ تبنت إحداهما شركة كونفورمز واحدة من كبريات الشركات الأمريكية المتخصصة في استبدال المفاصل التالفة، وحصد ميداليتين ذهبيتين مع تقدير لجنة الحكم من معرض جنيف الدولي للابتكارات في سويسرا لعام 2014 وعام 2016 عن ابتكاراته الخاصة باستخدام القوالب الإلكترونية، وحصد ميدالية أخرى فضية من المعرض ذاته عن ابتكاره مفصل ركبة اصطناعي للكلاب، ونشر أكثر من 100 بحث ومقالة في الدوريات العلمية العالمية.
نال حافظ على جائزة هاب بول من الجمعية الدولية للتكنولوجيا في جراحة المفاصل في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2010، وحاز على جائزة الجراح المثالي لعام 2009 من وزارة الصحة المصرية، وجائزة فايزر الأكاديمية من المملكة المتحدة في عام 2004، وجائزة الزمالة البريطانية لجراحة العظام لعام 2004.