"معلومات الوزراء : 521.9 مليار دولار حجم سوق تكنولوجيا الهندسة الحيوية بحلول عام 2028
Monday 24 June 2024 15:07 - الإثنين ١٨ ذو الحجة ١٤٤٥
"معلومات الوزراء" يستعرض في تقرير جديد موضوع الطب الحيوي وأهم ابتكاراته الحديثة والتحديات الرئيسية والمتوقعة له
كتب : ساره نور الدين
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تقريراً جديداً حول موضوع "الطب الحيوي"، يتناول ماهية الطب الحيوي وابتكاراته الحديثة والتحديات الرئيسية والمتوقعة له، مؤكداً أن هذا التقرير يكتسب أهمية خاصة نتيجة مما يتوقع أن يشهده العالم من نمو كبير في سوق تكنولوجيا الهندسة الحيوية والتي يقدر أن تبلغ 521.98 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2028، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 13.0%، ويمكن أن يعزى النمو في الفترة المتوقعة إلى زيادة التركيز على عدة مجالات، أبرزها علاجات الخلايا، والنمو السريع للبيولوجيا التركيبية، والتقدم في الطب الدقيق.
وأشار تقرير المركز إلى أن العلوم الطبية الحيوية هي مجال موضوعي متنوع ويدعم الكثير من الطب الحديث -بدءًا من تحديد متطلبات الدم للمرضى المصابين بأمراض خطيرة وحتى تحديد تفشي الأمراض المعدية إلى مراقبة المؤشرات الحيوية في مرض السرطان. كما تغطي العلوم الطبية الحيوية مجموعة من الموضوعات بدءًا من بيولوجيا الخلية والكيمياء الحيوية وحتى علم الوراثة وعلم الأحياء الدقيقة وعلم الصيدلة. ويكتسب الطلاب الحاصلون على درجة علمية في العلوم الطبية الحيوية معرفة أعمق بموضوعات؛ مثل: علم المناعة والأمراض المعدية والتكنولوجيا الحيوية.
كما أشار التقرير إلى معاناة أكثر من مليار شخص في جميع أنحاء العالم من معدل مرتفع من الأمراض مفقودة التشخيص، وتشير تقديرات "منظمة الصحة العالمية" إلى أن أقل من 30% من البلدان المنخفضة الدخل لديها إمكانية الوصول إلى مرافق التشخيص المتاحة بشكل عام، وأن 70% من الوفيات المرتبطة بالسرطان في جميع أنحاء العالم تحدث في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل؛ مما يدل على الحاجة إلى اختبارات دقيقة وبأسعار معقولة.
وقد أبرز التقرير الاتجاهات الأكثر تأثيرًا في الهندسة الحيوية خلال عام 2024 والتي تشمل، تحرير الجينات وتعديلها والذي يسهم بدقة في تغيير الحمض النووي لعلاج الأمراض (33%)، وتكنولوجيا البروتينات البديلة (19%) والتي توفر استدامة الغذاء، ويتيح الطب التجديدي (16%) تجديد الأعضاء، هندسة الأنسجة (13%)، ويشهد الطب الشخصي (6%) تحولًا من خلال التشخيص المعتمد على الذكاء الاصطناعي، وتصميم العلاجات وفقًا للملفات الجينية الفردية. من جهة أخرى، أصبحت أجهزة الاستشعار الحيوية (5%) الآن أكثر قدرة على مراقبة المعايير الصحية بشكل غير جراحي، وتعمل جنبًا إلى جنب مع المواد النشطة بيولوجيًا (4%)، على تعزيز رعاية صحية أفضل، كما يعد التخمر الميكروبي (2%) أمرًا بالغ الأهمية في إعداد المستحضرات الصيدلانية بشكل أكثر استدامة، وتعمل الطباعة الحيوية (1%) على تسريع إنشاء نماذج الأنسجة المعقدة للبحث، كما تعمل المعلوماتية الحيوية (1%)، على فك تشفير البيانات البيولوجية الهائلة، مما يعزز ابتكار الأدوية.
وعن توقعات السوق العالمية للأجهزة الطبية ما بين عامي (2023-2030)، فقُدر حجم السوق العالمية للأجهزة الطبية الذكية بـ 44.2 مليار دولار في عام 2023، ومن المتوقع أن يصل إلى 134.25 مليار دولار بحلول عام 2030، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 17.2%، وتعد الأجهزة الطبية الذكية منتجات رعاية صحية مبتكرة ومتقدمة تقنيًا، وتشمل أجهزة استشعار واتصال وتحليل بيانات لتوفير حلول للمراقبة الصحية وتشخيص وعلاج، وهي تساعد المرضى الذين تم تشخيص إصابتهم بأمراض مزمنة في الرعاية اليومية وإدارة مرضهم، مما يحسن نوعية الحياة.
وأشار التقرير إلى أن توقعات سوق المعلوماتية الحيوية خلال الفترة (2023- 2030) حيث بلغ حجم السوق 11.12 مليار دولار في عام 2023، وسط توقعات بأن تصل إلى 24.98 مليار دولار بحلول عام 2030، وذلك بمعدل نمو سنوي مركب قدره 13.2٪، وقد استحوذت أمريكا الشمالية على أكبر حصة سوقية للمعلوماتية الحيوية في عام 2023، وتعد المعلوماتية الحيوية هي مجال متعدد التخصصات يدمج علوم الكمبيوتر وعلم الأحياء؛ بهدف فهم العمليات البيولوجية المعقدة، وذلك باستخدام علوم الحاسب الحديثة التي تشمل الحوسبة السحابية، والإحصاء، والرياضيات، ويقوم على تطوير العديد من المجالات من بينها الطب الشخصي الجديد، واكتشاف الأدوية.
واستعرض التقرير الابتكارات المتوقعة في مجال الهندسة الطبية الحيوية وهي: المثبت الحراري لمفصل الركبة، وخوذة المراقبة، والتحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة، الضمادة الذكية اللاسلكية، كما استعرض أحدث الابتكارات في مجال الطب الحيوي ومنها: جهاز استشعار ديرما، وأجهزة الجراحة الروبوتية، والعيون الإلكترونية، والذكاء الاصطناعي في طب العيون.
وأبرز التقرير أهم الاتجاهات الحديثة في الهندسة الحيوية وهي: أجهزة مراقبة الصحة القابلة للارتداء، وتقنية تحرير الجينات، والطباعة الحيوية، والروبوتات النانونية، وهندسة الأنسجة، واللاصقة الجلدية، والجراحون الآليون وإعادة التأهيل، والواقع الافتراضي، وميكروبابلز (الفقاعات الدقيقة)، والتحرير الأولى، والأعضاء البشرية على الرقائق، والمفاعلات الحيوية الصغيرة.
وأشار مركز المعلومات أنه وبرغم أن الهندسة الطبية الحيوية هي مجال جديد نسبيًّا يجمع بين تخصصات متعددة، بما في ذلك علم الأحياء والطب والهندسة وعلوم الكمبيوتر، فإن هناك معلومات عدة تشير إلى أن بداية ظهورها كان مع الحرب العالمية الثانية، حيث تم تصميم أول الأجهزة الطبية وهي آلة غسيل الكلى وصمام القلب الاصطناعي.
وأضاف التقرير أن عام 1993 شهد إنشاء أول ذراع إلكترونية وظيفية، عُرفت لاحقًا باسم نظام ذراع إدنبرة المعياري، وفي هذه الذراع الإلكترونية، كانت هناك تروس، ومحركات مصغرة، ورقاقات دقيقة، وبكرات، ودائرة للتحكم في الموضع، واشتملت هذه الذراع أيضًا على أصابع صناعية حتى تتمكن من حمل الأشياء، ومعصم يمكن لفه، وكتف دوارة ومرفقة قابلة للانحناء، وفي عام 1998 كان هناك ابتكار أكثر تقدمًا؛ حيث نجح الأطباء في تركيب الذراع على المريض. وفي ذلك الوقت، كان المريض يرتدي قبعة مجهزة بأجهزة استشعار متعددة لاستقبال نبضات الدماغ في شكل إلكتروني، مما ساعد في النهاية في حركة الذراع. ولم يكتف مهندسو الطب الحيوي بصنع ذراع اصطناعية أو إلكترونية، بل قاموا بالعديد من الاختراعات الأخرى؛ والتي تضمنت العديد من الأعضاء الاصطناعية مثل القلوب والكلى وأجهزة السمع وأجهزة تنظيم ضربات القلب.
بالإضافة إلى ذلك، عمد مهندسو الطب الحيوي أيضًا إلى إنشاء مفاصل وأرجل وأوعية صناعية، ومن خلال الهندسة الطبية الحيوية بات من الممكن إجراء عمليات العيون من خلال الليزر، كما أصبح هناك برامج كمبيوتر يمكنها تحليل أي مرض في جسم الإنسان.
وأوضح التقرير أنه على الرغم من الابتكارات العديدة، وخاصة المتعلقة بالأعضاء الاصطناعية، فالواقع أن مهندسي الطب الحيوي يتطلعون إلى ابتكار طرق جديدة لتطوير أقراص العمود الفقري، فعندما يتقدم الناس في السن، يكون انحطاط الأقراص الخلفية أمرًا شائعًا جدًا. ونتيجة لذلك، تتدهور ممتصات الصدمات في العمود الفقري، مما يسبب ألمًا شديدًا، ويمكن أن يؤدي حتى إلى هشاشة العظام، وتضيق العمود الفقري، وفي هذا الصدد، ابتكر فريق من مهندسي الطب الحيوي ذوي الكفاءة العالية سائلًا تم حقنه في مساحة القرص الفقري للمريض، حيث سيتحول هذا السائل إلى وسادة هلامية قادرة على تخفيف آلام الظهر كما أنه يوزع الضغط بطريقة مناسبة في الظهر.
وأشار التقرير إلى توقعات "مكتب إحصاءات العمل" (Bureau of Labor Statistics, BLS) أن تنمو وظائف الهندسة الطبية الحيوية بنسبة 6% بين عامي 2020 و2030، وهو أقل بقليل من المعدل الوطني البالغ 8% لجميع الفئات المهنية، وفي المتوسط، يجب أن تشهد المهنة حوالي 1400 فرصة عمل كل عام، وسيكون الطلب مدفوعًا جزئيًا بالعدد الكبير من السكان من جيل طفرة المواليد المتقدمين في السن الذين يبحثون عن مفاصل الركبة الاصطناعية الآمنة والفعالة، والدعامات، وأجهزة تنظيم ضربات القلب، ومعدات التمارين التأهيلية.
أشار التقرير إلى أنه على مدى العقدين الماضيين، برزت "الهندسة الطبية الحيوية" كتخصص رئيس يربط الاحتياجات المجتمعية للرعاية الصحية البشرية بالتقنيات المتطورة الجديدة، التي أدت إلى نقلة نوعية في صحة الإنسان والطب؛ حيث أدت هندسة الأجهزة وتقنيات الاستشعار إلى ظهور فهم أعمق "لعلم وظائف الأعضاء البشرية" و"علم وظائف الأعضاء المرضي". ورغم ذلك التطور الطبي الهائل، تبرز العديد من التحديات الكبرى التي تواجه تقدم "الهندسة الطبية الحيوية"، وقد تم استعراضها على النحو التالي:
-أولًا، تطوير مجال "الطب الدقيق": فرغم التطور العلمي الكبير لتقنيات ووسائل تشخيص الأمراض، لا يزال التشخيص الخاطئ سائدًا حتى بالنسبة للحالات الشائعة، مما قد يؤدي إلى الإصابة بالأمراض والوفيات. بالإضافة إلى ذلك، يتطلب عدد من الأمراض، بما في ذلك السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية نهجًا مختلفًا وفرديًا إلى حد كبير في العلاج، مما يتطلب اتباع أساليب علاج خاصة بكل مريض على حدة، وفي هذا الصدد، تبرز أهمية "الطب الدقيق" الذي يركز على تحديد الأساليب الفعالة لعلاج كل مريض، بناءً على الأمراض المصاحبة، والعوامل الوراثية والبيئية، ونمط الحياة، من خلال العمل على ربط بيانات المريض الفردية بالتشخيص، وطرق العلاج الأمثل، بالإضافة إلى إجراء فحوصات عالية الإنتاجية تستكشف الوظيفة البيولوجية للفرد على المستوى الجزيئي، والخلوي، والعضوي بالاعتماد على البيانات الجينومية والنسخية واللاجينية والأيضية والبروتينية عالية الإنتاجية، لتشخيص الأمراض والتنبؤ بمخاطرها وعلاجها.
-ثانيًا، تطوير أجهزة ذكية وسريعة الاستجابة لتعزيز الوظائف البشرية: لا تزال عمليات زراعة الأعضاء محدودة بسبب عدد الأعضاء المتاحة من المتبرعين، وضرورة تثبيط المناعة مدى الحياة لمنع رفض الجسم للأعضاء التي تمت زراعتها. ومن ناحية أخرى، فإن الأجهزة الاصطناعية، كأجهزة غسيل الكلى أو أجهزة دعم الرئة، لا تحل محل وظيفة العضو الطبيعي بالكامل، كما تكون صعبة للغاية على المريض، لا سيما على مدى فترات طويلة من الزمن. وفي الوقت الحالي، أصبحت هندسة الأنسجة والأعضاء حسب الطلب جاهزة لدعم صحة الإنسان ورفاهيته، من خلال ظهور تقنيات "الخلايا الجذعية المستحثة متعددة القدرات"، وتحرير الجينات وأدوات هندسة الأنسجة المتطورة كـ"سقالات المواد الحيوية"، والمفاعلات الحيوية، وأجهزة الاستشعار، وتكنولوجيا النانو)، و"الأعضاء البشرية على الرقائق". ومع ذلك، يصطدم تطبيق تلك التقنيات المتطورة بعدد من التحديات يأتي في مقدمتها الحاجة إلى تطوير الأساليب والتقنيات التي من شأنها تسهيل العلاج القائم على الخلايا الجذعية، ليكون متاحًا بسهولة وفي متناول الجميع.
-ثالثًا، تقنيات هندسة الدماغ وأسس الدماغ الخارجي لفهم وظائف العقل وعلاج الأمراض العصبية: فرغم التقدم الكبير لتقنيات التقاط المعلومات حول هياكل الدماغ ووظائفه كالتصوير بالرنين المغناطيسي، وتخطيط كهربية الدماغ، التي أصبحت شائعة الاستخدام في المستشفيات، لا يزال تحدي هندسة الأنظمة التي ستتفاعل مع الدماغ وتسمح بالتدخل لجعل الدماغ يعمل بشكل طبيعي قائمًا بقوة في الأوساط الطبية الحيوية. يأتي ذلك نتيجة لصعوبة إجراء قياسات متعددة النطاق لوظائف الدماغ الطبيعية والمرضية، فضلًا عن تحدي "هندسة القشرة الخارجية البشرية"، والذي يُقصد به أن تكون واجهات الدماغ عبارة عن أجهزة غير جراحية و/أو جراحية تتواصل مع أنظمة الذكاء الاصطناعي مثل الشبكات العصبية الاصطناعية التي ستكون بمثابة امتداد للدماغ البشري، بما يسهل قياس المدخلات الحسية في الدماغ البشري خارج الجسم الحي.
-رابعًا، الهندسة المناعية وتسخير الجهاز المناعي البشري لتحسين الصحة والعافية: يعمل مجال "الهندسة المناعية" المزدهر على فهم المبادئ الأساسية التي تحرك الاستجابات المناعية وارتباطاتها بالأنظمة البشرية الأخرى. بما يسهم في تطوير القدرة على تعديل الجهاز المناعي باستخدام المواد والعلاجات الهندسية (الاصطناعية والبيولوجية)، والأجهزة التي تحسن القدرة على تلبية الاحتياجات الصحية وتحسين نوعية الحياة. علاوة على ذلك، يجلب العلاج المناعي مجموعة من التحديات، بما في ذلك المقاومة السريعة للأمراض وتعزيز أمراض المناعة الذاتية. بالإضافة إلى ذلك، تشير الأدلة المتزايدة إلى وجود صلة بين الخلايا والجزيئات التي تحرك المناعة والأنظمة البشرية الأخرى في سياق الشيخوخة، أو الأمراض العصبية كمرض الزهايمر، الأمر الذي يتطلب فهم التغييرات التي تحدث خلال تلك الحالات المرضية، وتطوير تدخلات علاجية فعالة.