لا تبخسوا الابتكارات الفاشله حقها!

  •  

    بقلم :د/ غادة عامر

     

    أن مخرجات الابتكار يصعب التنبأ بنجاحها بل غالبا ما تفشل في اول محاوله لتنفيذها ، حتي في المجتمعات التي تعيش في بيئات مؤسسية ثابتة واضحت الانظمه، و التي يكون تقيم النجاح فيها يعتمد علي تحقيق أهداف اقتصادية قابلة للقياس، اما المجتمعات النامية و التي تقوم علي الافكار و التقاليد و العادات المعرقله بل احيانا تكون القاتله للابداع فالامر اصعب بكثير، في هذة المجتمعات يجد المبتكر نفسه يحارب ليحقق التوازن بين تنفيذ ابتكاره و اقناع المجتمع بفكرته و بنفسه. إن أساس نجاح الابتكار يعتمد اعتمادا كبيرا على التجربة والخطأ والتعلم التنظيمي. وعلى الرغم من ارتفاع معدلات الخطأ وتأثيرهالإيجابي الضئيل على المدى الطويل، فان فشل  الابتكار عند بداية تنفيذة غالبا ما يكون شرطا أساسيا لا بد منه لنجاح الابتكار و استمراره

     

    أن بطل قصة نجاح المخترع البريطاني ومؤسس شركة دايسون، جيمس دايسون ، هو الفشل ، فقد امضي دايسون حوالي 15 عام نفذ فيها 5126 محاوله لتنفيذ مكنسة كهربائية مزدوجة الاعصار، الي ان نجح ابتكاره و اجتاح الاسواق بقوه و كان العائد منه هو شركة بمليارات الدولارات.و أكيو موريتا الذي قد لا تكون قد سمعت عنه من قبل ولكن بالتأكيد أنك قد سمعت بلا شك عن شركته، شركة سوني،لقد كان أول منتج له هو طباخ الأرز الذي لم يطبخ الأرز بشكل المطلوب بل حرقه، فحاول عدة مرات لكن بطرق مختلفة لينجح ابتكاره، و كل مره كان يلجئ الي اسلوب مختلف سواء في التصميم او التسويق او ادراة المنتج، الي ان استعان بشركاء حتي يدعموا نجاح افكاره، و ايضا فشلوا في اول الامر، لكنكان الفشل سببا ليدفع موريتا وشركائه لإنشاء شركة تبلغ قيمتها مليارات الدولارات الان.وأيضا سويتشيرو هوندا،المهندس و الصناعي الياباني و صاحب مصانع و شركات هوندا الذي بدأت خطواته الي النجاح بسلسلة من الفشل المتتالي و الصعاب علي المستوي الشخصي او علي مستوي وطنه، يعتبر هوندا مثالا للناس الذين كانوا يقبعون في الفقر المدقع و تحولوا بفضل طموحهم الكبير جداً و تعلمهم من فشلهم إلى أغني أغنياء العالم. فقد تم رفض هوندا من قبل شركة تويوتا موتور للحصول على وظيفة، وبقي عاطل عن العمل لبعض الوقت و لكنه لم يجلس يولول "كما يفعل الكثير منا الان"، بل حاول و بدأ بصنع الدراجات البخارية، و فشل و حاول و تعلم الي ان نجح وبني مصنع كبير ، و لكن المصنع قصف ، فجمع الركام و بني مصنع أخر، لم يكن أحد يتخيل أن الطفل الفقير المعدم المريض والآتي من قرى اليابان البعيدة، والمسلح بالطموح والأحلام والعزيمة والإصرار، يمكنه أن يغزو العالم بأفكاره وابتكاراته ومنتجاته، والتي غيرت العالم إلى الأفضل، وجعلت اسم هوندا المغمور وغير المعروف اسماً يعرفه كل الناس في كل أرجاء الكرة الأرضية

     كل هؤلاء و غيرهم الكثيرين تظهر قصصهم أن الفشل يمكن أن يكون آلية رئيسية للتقدم. على الرغم من أن معدل الخطأ في تنفيذ الابتكارعادة ما يكون مرتفع، يكون التجريب حتي لو فشل جزء اساسي من التعلم الذي يؤدي إلى النجاح، حيث انه  يمكن أن يحسن حتي لو ببطء فهم كيفية تطوير الابتكار ليكون منتج ناجح. ويمكن للتجارب أن تمكن المبتكر من إيجاد سبل لإزالة العقبات أو التغلب عليها وإحداث تقدم بطيء ولكنه مستمر وحاسم.لذلك ليس شرطا ان يكون ناتج الابتكار المباشر المنتج المنشود ، لكن ممكن ان يكون تعلم منهجي و بناء قاعدة معلومات عن كيف يمكن ان ينجح الابتكار، و كلما قللنا خوفنا من الفشل و تعلقنا بالنجاح، كلما كانت نسبة نجاح المنتج أكبر و أسرع، و هناك تقنية يعرفها رجال الاعمال الناجحين تسمي " صناعة الاخطاء الانتاجية" -“productive mistake- making.”- و تعتمد هذة التقنيه علي ان التعلم  من النجاح و الفشل و ليس الفرح بالنجاح و الانهزام من الفشل كما يفعل جميعنا  !

    ان الانهزامية و السلبية في التعامل مع الافكار التي لا تنجح من اول مره و السخرية منها ، يضيع علي الشخص و المجتمع القيمة المضافة التي نتجت من تنفيذ الفكرة، بل و تتعدي الي ان تخلق داخل المبتكر شعور ممكن ان يقتل قدرته علي الابداع مره اخري، نحن نعاني حقيقي في منطقتنا العربيه من هذة المشكلة ، دائما لا نصبر علي الفشل و نبحث عن النجاح السريع ، و نؤمن ايمان كلي سواء افراد او حكومات بأن التقدم يأتي من اتباع وصفات وضعت في العالم الغربي، و بعدها نبقي نأسف علي حالنا انه لا يوجد من ينفذ افكارنا و ان مجتمعنا ظالم، و انه لا نجاح الا في خارج اوطاننا!!

     نعم هناك مشاكل، نعم هناك ظروف صعبة ، لكن المشكلة الرئيسية هي عقولنا و ما زرع فيها من الخوف من الفشل، و ان كل ما عندنا سيئ و كل ما عند الغرب جيد، اذا نحن كأفراد نتطلع الي الغرب هكذا ، فلماذا نتوقع ان المجتمع او الحكومه الذي هو افراد مثلنا ممكن ان يؤمنوا بنا و نحن منهم و لسنا من الغرب الناجح !!! 

     



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن