أذاع تليفزيون كوريا الجنوبية مؤخرا برنامجاً تليفزيونياً يتضمن لم شمل أم بابنتها المتوفاة منذ عام 2016 باستخدام تقنية الواقع الافتراضي، مما حقق عددا هائلا من المشاهدات على الإنترنت، وأثار جدلا حادا حول إمكانية استغلال مشاعر الأم المنكوبة في لقاء ابنتها المتوفاة مرة أخرى.
وبدأت اللقطات الأولى من الفيلم، حسب ما أوردت جريدة اليابان تايمز للأخبار، بخروج الطفلة من وراء كومة من الخشب فى حديقة في العالم الافتراضي لتفاجئ، فى مشهد مؤثر، الام التي تقف مشدوهة وتبدأ فى البكاء بمجرد أن رأت ابنتها تتحرك تجاهها و تسألها "أمى.. أين كنت؟ لقد اشتقت لك كثيراً.. هل اشتقت لي؟"، وتجيب الأم، وهى تنطق اسمها وعيناها تفيضان بالدموع، لقد "اشتقت إليك يا نيون، أريد أن ألمسك وأن أحتضنك".
وفي العالم الواقعي، كانت الأم جانج تقف أمام شاشة خضراء في استديو التصوير، مرتدية نظارات، سماعات، وقفازات حساسة للمس للتعامل بهم فى الواقع الافتراضي أو "الفيلم غير الواقعي"، الذي سترى وتتعامل فيه مع ابنتها.
وكان الحوار مؤثرا بشكل كبير حتى أن العاملين بالاستوديو تأثروا بتأثر الأم وبكى معظمهم، كما حضر البرنامج والد نيون وأخوتها الثلاثة الأحياء، الذين تأثروا وبكوا بسبب المشهد والحوار الدائر بين الأم وابنتها.
وصور الفيلم الوثائقي فى مقطع فيديو مدته تسع دقائق، وحظي بـ 13 مليون مشاهدة في أسبوعه الأول، وبعد عرضه أبدى العديد من المشاهدين تعاطفهم مع الأم جانج دعما لموقفها، وعلق أحدهم "لقد توفت أمى فجأة، وأتمنى أن ألتقي بها فى عالم الواقع الافتراضي".
وقال الكاتب الصحفي سانج هيون "إن الفيلم الوثائقي عمل على استغلال الألم الشخصي الذي عانته الأم، فمن المفهوم أن ترغب الأم المصابة بالحزن فى مقابلة ابنتها الراحلة".
وأضاف "لو كنت مكانها سأفعل نفس الشيء"، وانتقد استفادة المذيع من آلام الأم، المستضعفة التي فقدت طفلاً، لكسب عدد اكبر من المشاهدات وتقييم المشاهدين على السوشيال ميديا، وعلق ساخراً "إذا كانت قد تمت استشارة الأم قبل التصوير، فأنا أتساءل عن نوع الطبيب النفسي الذي سيوافق على ذلك".
واستغرق الفيلم ثمانية أشهر من التصوير والبرمجة لإنشاء برنامج "نيون /Na-yeon" الافتراضي، ورداً على الانتقادات التي قابلت الفيلم، أصر طاقم العمل على أن الفيلم كان يهدف إلى "تعزية الأسرة" بدلا من الترويج للواقع الافتراضي فى كوريا الجنوبية.
وفي أحد مشاهد الفيلم الافتراضي، جلست الأم وطفلتها على طاولة وأمامهما كعكة للاحتفال بعيد ميلادها، وعندما أطفأت الطفلة شموع عيد الميلاد قالت "أتمنى أن تتوقف أمي عن البكاء".
وقال أحد المنتجين للصحافيين إن هذه التقنية "توفر طريقة جديدة لإبقاء الأحباء في الذاكرة"، فيما أعربت جانج، الأم التي تحمل اسم ابنتها وتاريخ ميلادها وشمًا على ذراعها، عن أملها في أن يتمكن البرنامج من تعزية الآخرين الذين فقدوا أحباءهم، وكتبت على مدونتها التي حولتها إلى مدونة خاصة منذ ذلك الحين "كنت سعيدةً حقًا في هذه اللحظة".