نبضات
بقلم: خالد حسن
منذ نحو 5 سنوات تقريبا تسعي وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وضع مصر على الخريطة العالمية للدولة المستفيدة والمفيدة من تقنيات الذكاء الاصطناعي وتعزيز قدرات شركات التكنولوجيا المصرية لتطوير حلولها التكنولوجية وزيادة عدد الشركات العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي .
وبالفعل تم إنشاء المجلس الوطني للذكاء الاصطناعي برئاسة الدكتور عمرو طلعت ـ وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وفقا لقرار الدكتور مصطفى مدبولي ـ رئيس مجلس الوزراء في نوفمبر 2019، بهدف وضع وحوكمة الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي من خلال التنسيق بين الجهات ذات الصلة للخروج باستراتيجية موحدة تعكس أولويات الحكومة وكل الجهات المعنية باستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي، كما يختص المجلس بالإشراف على تنفيذ هذه الاستراتيجية ومتابعتها وتحديثها بما يتماشى مع التطورات العالمية.
ومؤخرا أكد الدكتور عمرو طلعت ـ وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، خلال اجتماع المجلس الوطنى للذكاء الاصطناعي أن الوزارة عملت على وضع استراتيجية وطنية متكاملة للذكاء الاصطناعي ، والتنسيق مع كل الجهات الحكومية المعنية ، وذلك على مدار السنوات الخمسة الماضية حيث كانت تهدف للعمل على توفير وتهيئة بيئة ملائمة لنمو مجتمع أعمال الشركات العاملة في هذا المجال؛ وبما يتسق مع الجهود التي تبذلها الدولة للحاق بركب الثورة الصناعية الرابعة والتي تعد من أبرز تجلياتها استخدام الذكاء الاصطناعي.
وكشف أن المرحلة الثانية من الاستراتيجية تستهدف تحسين مؤشر الذكاء الاصطناعى الوطني من خلال تنفيذ عدة مبادرات عبر 6 ركائز محورية هى الحوكمة، والنظام البيئي، والبنية المعلوماتية، والبيانات، والموارد البشرية، والتكنولوجيا؛ مشيرا لاعتماد المرحلة الثانية من الاستراتيجية لعدد من المبادرات ذات الأولوية ضمن هذه المحاور وهى تعزيز نطاق الاستثمار، ورفع مستوى الوعي العام بالذكاء الاصطناعي، وجذب الاستثمارات في مجال مراكز البيانات، وتمكين إدارة مراحل دورة حياة البيانات المحلية، والاستمرار في تنمية القدرات في مجال الذكاء الاصطناعي، وبناء منصة تكنولوجية اعتماداً على تطوير تكنولوجيا نماذج البيانات الكبيرة.
وشهد الاجتماع استعراض ما تتضمنه المرحلة الثانية من الاستراتيجية من جوانب بشأن حالات استخدام نماذج البيانات الكبيرة في الخدمات الحكومية وقطاعات السياحة والصحة والزراعة والصناعة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات بهدف زيادة الناتج المحلي الإجمالي اعتماداً على مساهمة نماذج البيانات الكبيرة وباقي تقنيات الذكاء الاصطناعي الواعدة.
كما استعرض المجلس التوجه المعني بوضع قانون خاص للذكاء الاصطناعي؛ خاصة مقترح قانون المفوضية الأوروبية الذي يتبنى نموذجا ثلاثى المستوى لمخاطر الذكاء الاصطناعي، ويحدد مخاطر الأنظمة من نواحي التأثير على الحقوق الأساسية والسلامة للمستخدم إلى أنظمة ذات مخاطر محظورة وأنظمة ذات مخاطر عالية وأنظمة ذات مخاطر منخفضة، وكذلك يحدد المتطلبات الواجب استيفائها لأنواع الأنظمة المختلفة كذلك تطرق الاجتماع إلى الميثاق المصري للذكاء الاصطناعي المسئول الذي أطلقه المجلس الوطني للذكاء الاصطناعي في أبريل الماضي.
وبالطبع من المهم الإشارة إلى أن بناء قدرات الشباب في مجالات علوم البيانات والذكاء الاصطناعي وبناء قاعدة كبيرة من المطورين والكوادر البشرية المؤهلة في هذا المجال ، وتشجيع القطاع الخاص للعمل في سوق الذكاء الاصطناعي؛ وزيادة أعداد الشركات العاملة في هذا المجال كانت تمثل أبرز التحديات للدخول بقوة إلى مجال تقنيات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة لاسيما في ظل حديثنا عن مضاعفة مشروعات التحول الرقمي في مختلف الجهات والوزارات الحكومية وتبني مفهوم المدن الذكية الأمر الذي يمثل فرصة كبيرة لنمو الأعمال الخاصة بكل من "الذكاء الاصطناعي "و"تحليل البيانات الضخمة" و" تعلم الآلة" و" التعلم العميق " .
ومن ثمة كان على وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات التوصل الى حلول فعالة وايجابية لمضاهفة اهتمامها وجهودها في محور التعليم والتدريب لمواجهة نقص المطوريين والعمالة المدربة في مجال الذكاء الاصطناعي، وايضا البحث فى كيفية فتح المجال واعطاء الفرصة للشركات الناشئة للاشتراك في مشروعات مع جهات الدولة المختلفة في مجال الذكاء الاصطناعي .
وفي هذا الإطار كانت وزارة الاتصالات قد أبرمت اتفاقية تعاون مع عدد من شركات التكنولوجيا العالمية لتصميم وإطلاق برنامج لتدريب العاملين في الشركات الصغيرة والمتوسطة في مجال الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة والتعلم العميق باستخدام تقنيات الحوسبة السحابية اطلاقا من آليات تفعيل وتنفيذ مبادرة "فرصتنا.. رقمية" التى تهدف إلى تنمية الشركات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر العاملة في قطاع الاتصالات والتكنولوجيا وتفعيل دورها في منظومة التحول الرقمي والخاص بالذكاء الاصطناعى مع إطلاق المبادرات والبرامج التي تهدف إلى صقل المهارات التكنولوجية للشباب، ومن ذلك إطلاق مبادرة " شباب مصر الرقمية " من قبل المعهد القومي للاتصالات، وكذا دورة تدريبية مجانية حول "إتقان البرمجة الشيئية بلغة ++C"، يُقدمها معهد تكنولوجيا المعلومات، فضلًا عن "مبادرة رواد مصر الرقمية"، وغيرها من البرامج والتي تهدف كلها لتوسيع فرص أعمالها وتعزيز تنافسيتها في الأسواق الإقليمية والعالمية، كما يعد استكمالا للبرامج التي تطلقها الوزارة لبناء الإنسان المصري وخلق أجيال تمتلك المهارات اللازمة لبناء مصر الرقمية.
وفي تصوري أنه من المهم ان نعرف ما هو المقصود يكل من " الذكاء الاصطناعي " ، " تعلم الآلة "، و" التعلم العميق" ولكن، كيف نميز بين هذه المصطلحات الثلاث المبهمة نوعاً ما، وكيف ترتبط ببعضها البعض؟
فالذكاء الاصطناعي (AI) كما تعرفه بعض الدراسات المتخصصة هو المجال العام الذي يغطّي كل ما يتعلق بإكساب الآلات صفة "الذكاء"، وذلك بهدف محاكاة قدرات التفكير المنطقي الفريدة عند الإنسان في حين يمثل " التعلم الآلي" فئة ضمن المجال الأوسع للذكاء الاصطناعي، وهو يختص بمنح الآلات القدرة على "التعلم". يتحقق ذلك عن طريق استخدام خوارزميات يمكنها أن تكتشف الأنماط، وتولد الأفكار انطلاقاً من البيانات التي تعرض عليها، لتطبيقها على عمليات اتخاذ القرار والتنبؤات المستقبلية، وهي عملية تتجنب الحاجة إلى برمجة الخطوات بطريقة مخصصة لكل إجراء ممكن بمفرده.
من الناحية الأخرى، يمثل "التعلم العميق" مجموعة جزئية من التعلم الآلي: إنه الفرع الأكثر تطوراً في الذكاء الاصطناعي، والذي يقرب الذكاء الاصطناعي أكثر من أي وقت مضى من الهدف المتعلق بتمكين الآلات من التعلم والتفكير مثل الإنسان قدر ما يمكن. بمعنى آخر ، "التعلم العميق" هو مجموعة جزئية من التعلم الآلي، حيث ينتمي التعلم الآلي إلى الذكاء الاصطناعي مع الأخذ في الاعتبار أن "التعلم العميق " يطلب بنية معقدة تحاكي الشبكات العصبونية للدماغ البشري، وذلك بهدف فهم الأنماط، حتى مع وجود ضجيج، وتفاصيل مفقودة، وغيرها من مصادر التشويش. رغم أن إمكانيات التعلم العميق واسعة جداً، إلا أن متطلباتها كثيرة أيضاً، فأنت بحاجة لكمية كبيرة من البيانات، وقدرات حسابية هائلة.
وبالطبع تعد هذه الاتقاقية خطوة نوعية ايجابية جدا من خلال ما تتضمنه من برنامج تأهيلي سيتيح فرصا حقيقة لتدريب العاملين في الشركات الصغيرة والمتوسطة بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لصقل مهاراتهم في مجالات عديدة وأهمها الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة من خلال الاستفادة من خبرات والحلول التى تقدمها واحدة من أكبر الشركات العالمية المتخصصة في مجال تطوير تطبيقات والاستفادة من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة إذ ستتحمل الشركة تكاليف التدريب بالكامل ، بهدف إتاحتها للمتدربين بالمجان، وبالتالي فإن البرنامج يمثل نواة لتخريج شباب من المتخصصين في هذه المجالات بما يساهم في نقل الخبرات وتنفيذ المشروعات التي تتطلب هذه الخبرات ناهيك عن حصول المتدربين على شهادات عالمية معتمدة للحاصلين على التدريب ونتطلع أن تستطيع مواردنا البشرية الاستفادة من هذا البرنامج التدريبي .
في اعتقادي أننا في حاجة ماسة إلى تكرار مثل هذه المبادرات والبرامج من خلال تفعيل الشراكة مع العديد من الشركات المتخصصة في مجال تطوير وتوظيف تطبيقات "الذكاء الاصطناعي" و"تعلم الآلة" في مختلف المحالات الصحية والتعليم والنقل لاسيما في ظل الاهتمام الكبير الذي توليه وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لتنفيذ المرحلة الثانية للاستراتيجية الوطنية لـ " الذكاء الاصطناعي ".
&