أخر الأخبار

تصنيع الالكترونيات ... والامن القومى .

  •  

     

        بقلم : خالد حسن

    غيرت الالكترونيات حياة الكثير من الناس اذ يتم الاعتماد عليها فى الكثير من المنتجات الاساسية فى محتلف نواحى الجياة بداية من المحمول واجهزة الكمبيوتر والروبوت مررورا بالاجهزة المستخدم فى مجال الصحة والترفيه والتغذية ووصولا الى السيارات والطائرات والصاورخ العابرة للقارات والمركبات الفضائيه .

    وبالتالى فان صناعة الالكترونيات اصبحت تشكل عنصر مهما واستراتيجيا عند الحديث عن تطوير اى صناعة وبدون صناعة محلية قوية للالكترونيات فانه من الصعب ان تواكب الصناعة المحلية القفزات الهائله فى المنافسة بالاسواق العالمية .

    ولاشك ان عملية القرصنة أو الهجوم الالكترونى الذى تعرض له ، الاسبوع الماضي فى صورة موجتين على مدار يومين، مستخدمى جهاز الاتصالات " البيجر " و " أيكوم " اللاسلكية وأجهزة اتصالات لاسلكية أخرى فى لبنان والتسبب فى قتل العشرات من المستخدمين واصابة الالاف بجروح متنوعة وانفجار نحو 4000 الاف جهاز بنفس الطريقة وهو ما يمكن وصفه بانه محاولة " إبادة جماعية " ناهيك عن حدوث شلل فى خدمات القطاع الصحي ، وفقا لتصريحات المدير العام لمنظمة الصحة العالمية ، يؤكد مدى خطورة الاجهزة الالكترونية التى نستخدمها جميعا وأنها يمكن فى اى لحظة تتحول الى أداة قتل فتاكة اذا لم نقوم باتخاذ كافة الاحتياجات الامنية والاجراءات الرقابية على هذه الأجهزة ، والتى يتم استيرادها كاملة الصنع من الاسواق الخارجية ، حيث يمكن ان نكون جميعا ضحايا لعمليات قرصنة دولية او عمليات تجسس الكترونى سواء محلية او عالمية لاسيما مع نفى وتنكر الشركات المصنعة لهذه الاجهزة علمها او تصنيعها لهذه الاجهزة !.   

    ومن هنا تأتى أهمية إطلاق مصر ، منذ نحو 6 سنوات ، لمبادرة " مصر تصنع الالكترونيات ، والتى تسهتدف توطين صناعة الالكترونيات وانها اصبحت بات بمثابة مشروع قومى بدعم ورعاية من مؤسسة الرئاسة بهدف تنمية قدراتنا فى هذه الصناعة الاستراتيجية وانه كانت باكورة المشروعات التى تم اقامتها فى المناطق التكنولوجية التى تم انشاءها بالفعل فى عدد من المحافظات اذ تتضمن المنتجات الإلكترونية الواعدة المستهدف تصنيعها: أجهزة المحمول والحاسبات اللوحية وأجهزة الملاحة والصناعات المُغذية لها مثل بطاريات الليثيوم والشواحن الكهربائية ومنتجات إضاءة وتليفزيونات وشاشات مزودة بوحدات العرض البلورية السائلة (LED) والعدادات الذكية وأنظمة الطاقة الشمسية كالخلايا الشمسية ومحولات الطاقة ووحدات التحكم وبطاريات تخزين الطاقة.

    وتستهدف المبادرة جعل مصر المركز والمصنع الإقليمى للسوق الأوروبية والشرق أوسطية والأفريقية لتصميم وتصنيع الإلكترونيات، وجعل صناعة الإلكترونيات أحد أكبر دعائم الاقتصاد المصرى، والمساهمة فى مضاعفة الصادرات وتقليل الواردات وتوفير مئات الآلاف من فرص العمل.

    وتقوم المبادرة على محورين رئيسيين وهما، تصميم وتطوير الدوائر والنُظم الإلكترونية ذات القيمة المضافة العالية، وتصنيع الإلكترونيات ذات العمالة الكثيفة، بالإضافة إلى 5 ركائز أساسية وهى، تحفيز الاستثمارات لتصنيع منتجات إلكترونية واعدة، وتمكين البحث والتطوير والإبداع، وتشجيع الصادرات وتعظيم الاتفاقيات التجارية، وتنمية قدرات الموارد البشرية، والترويج لمصر وتحسين البيئة التشريعية والتحفيزية.

    وستقوم الحكومة بتنفيذ 9 برامج رئيسية فى إطار تفعيل مبادرة «مصر تصنع الإلكترونيات»، خلال المرحلة الاولى للمبادرة أولها الاستثمار المباشر فى المناطق التكنولوجية عبر إنشاء مجمعات متخصصة لتصميم وتصنيع الإلكترونيات، والاستثمار بشراكات فى رأس المال مع الشركات صاحبة التكنولوجيا وتعميق المنتج المحلى بالإضافة إلى تنفيذ برنامج جذب رأس المال فى المناطق التكنولوجية والقرى الذكية، وجذب عدد من المصنعين العالميين للمنتجات الإلكترونية بسلاسل الإمداد الخاصة بها لجعل مصر قاعدة صناعية إقليمية، وتنفيذ برنامج تمكين البحث والتطوير والإبداع عبر تمويل مشروعات بحث وتطوير وإبداع لتصميم منتجات ومكونات إلكترونية تنافسية.

    كما تسعى الحكومة لتنفيذ برنامج تطوير وتصنيع التصميمات المحلية عبر تمويل مشروعات تطوير وتصنيع تصميمات محلية لمنتجات ومكونات إلكترونية تنافسية للصناعات الإلكترونية وتمويل التصنيع التجريبى محليا وتتضمن مجموعة البرامج التى تهدف الحكومة إلى تنفيذها خلال العام، برنامج تنمية شركات التصميم بالمناطق التكنولوجية والقرى الذكية عبر تمويل إنشاء معامل تصنيع نماذج أولية فى المجالات الحديثة، وتمويل أولى للشركات الناشئة، وإتاحة برامج التصميم الإلكترونى.

    وربما نتفق جميعا على أننا بدأنا بالفعل فى وضع بصمات لمنتجات مصرية فى العديد من المنتجات والصناعات التقليدية " السيراميك – الحديد – الاسمنت والبتروكيماويات.." إلا إننا نختلف فى عدم نجاحنا حتى الأن بالقدر الكافى فى الدخول بقوة الى الصناعات وربما يعود ذلك لعدم ادركنا لاهمية وخطوة هذه الصناعة وصعوبة المنافسة مع دول أخرى تمتلك مزايا تنافسية ربما لا تتوافر لدينا سواء من ناحية حجم الإنتاج أو السعر وبالطبع فان وجود صناعة قوية للمكونات الالكترونية تقتح الباب اماما العديد من الصناعات التقليدية للتطور وزيادة قدراتها التافسية ولعل صناعة السيارات والهواتف المحلية ، والتى تبلغ حجم وارداتنا منهما نحو 6 مليار دولار سنويا ، تأتى على رأس هذه الصناعات التى يمكن ان تشهد قفزة نوعية مع تطور قدراتنا المحلية فى مجال الالكترونيات .

    وفى الحقيقة تعد صناعة السيارات واحدة من اكثر الصناعات التى تعتمد بقوة على صناعة الالكترونيات ، اذ ان 50 % من مكوناتها تعتمد على الالكترونيات ومنها أجهزة أستشعار أو شاشات عرض أو كاميرات ومنظومة  الدائرة الكهرباء الخ الخ  ، ومنذ سنوات ونحن نتساءال عن عدم وجود سيارة مصرية بتكنولوجيا مصرية 100 % رغم امتلاكنا كافة المقومات واهمها السوق والكوادر البشرية المؤهله والبنية التحتية ، اذ نستضيف العشرات من شركات تجميع السيارات الاجنبية فى مصر ،

    والسؤال الذى نحتاج لاجابة سريعة من الحكومة هل ستظل هذه الصناعة الكبيرة تعتمد فقط على مفهوم التجميع أم أننا لدينا استراتيجية قومية للتحول من مفهوم التجميع إلى التصنيع بهدف توطين هذه الصناعة ويكفى ما تحمله المواطن طوال العقود الزمنية الماضية – منذ ستينات القرن الماضى - من أعباء مالية نتيجة فشل هذه الصناعة فى تقديم نموذج مصرى لسيارة محلية التصنيع وبأسعار مناسبة ناهيك عن تحمل هذا المستهلك للرسوم الجمركية المرتفعة والتى تفرض على السيارات المستوردة تحت بند حماية الصناعة الوطنية للسيارات !

    فى اعتقادى أهم ما تحتاج إليه قطاع تصميم الدوائر الالكترونية - للقيام بدورها فى تنمية صناعة السيارات - هو وجود برنامج قومى تشارك فى صياغته كافة الجهات المعنية بهذا القطاع" حكومية أو خاصة " على أن يرتكز هذا البرنامج على مجموعة من الآليات التى يتم الاعتماد عليها بشكل كبير فى تدعيم القدرات التصديرية لهذه الصناعات وأولها أن نعمل على تشجيع حجم الطلب المحلى فى مجال الاعتماد على صناعة تصميم الدوائر الالكترونية – من خلال تقديم دعم مالى وفنى أو منح تخفيضات ضريبية -  بما يسمح للمؤسسات المحلية لتجميع السيارات بوجود حافز يساعدها على القيام تطوير منتجاتها بصورة دائمة وفقا لاحتياجات المستخدمين "سواء بالسوق المحلى أو العالمى" ولاسيما أن فشل تجربة شركة "النصر للسيارات " مع شركة "فيات"  حتى الأن يؤكد أننا لم نستطيع مواكبة التغيرات العالمية فى صناعة السيارات ولم نستفيد مطلقا من عملية تجميع المكونات المستوردة من الخارج وان علينا زيادة نسبة التصنبع المحلى للمكونات وبصفة خاصة الالكترونية .

    فى تصورى أيضا أنه من الضرورى أن يكون لدى مؤسساتنا الخاصة - العاملة فى إنتاج السيارات والهواتف المحمولة - القناعة بأهمية انتقال هذه الصناعة من مرحلة التجميع لمرحلة التصميم كخطوة أولى نحو التميز وخلق اسم تجارى مصرى يستطيع المنافسة بالخارج كما نعتقد انه من المهم أن نحاول دراسة تجارب الدول التى سبقتنا فى هذه توطين هذه الصناعات وتعظيم الاستفادة وهنا أود الإشارة لنجاح شركة " تاتا " الهندية ، فى طرح أول سيارة " أيه. ستار" تم إنتاجها بنسبة 100 % بالهند بمواصفات عالية الجودة وهى سيارة صغيرة الحجم - خمسة أبواب - وتمكنت التكنولوجيا الهندية من تصميم هذا الطراز على محرك مصنوع من الألمنيوم ومتوافق مع المواصفات الأوروبية فضلاً عن استهلاكها المنخفض للوقود ناهيك عن تجارب العديد من الشركات الصينية فى تصنيع تطوير وتصنيهع سيارات الكهرباء بالكامل والسيطرة على هذه النوعية من السيارات على مستوى العالم.

    وعلى ضوء نجاح التجربة الصينية لتوطين صناعة السيارات فأن السؤال الذى يفرض نفسه لماذا لم تنجح الشركات المصرية لتصنيع السيارات حتى الأن فى إنتاج سيارة بتكنولوجيا محلية رغم أننا دخلنا إلى هذه الصناعة منذ ستينات القرن الماضى ؟ فهل هيكل الحماية الجمركية المتوفرة لهذه الصناعة هى السبب ؟ أم أننا لا نمتلك استراتيجية طويلة الأمد لتوطين هذه الصناعة ؟ أم أن مفهوم البحث والتطوير ليس قائم على أجندة الشركات المصرية لتجارة السيارات ؟ أم أن تكلفة الإنتاج ونقص الكوادر المؤهلة يمثل حجر العثرة أمام هذه الصناعة ؟

    نتطلع فى ظل ما شهدناه ، مؤخرا ، من عملية قرصنة على اجهزة الاتصالات ان تضاعف الحكومة جهودها من ، خلال وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ، بالشراكة مع القطاع الخاص لدعمها لتوطين صناعة الالكترونيات ومع حرص هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات " ايتيدا " على تطوير القدرات الابتكارية والحلول التكنولوجية للشركات المحلية وبناء براند نيم لمنتجات نهائيه مصممة ومصنعة بايدى مصرية أن يتم تشجيع شركات الالكترونيات المحلية للتواجد بقوة فى مجال تطوير مستلزمات صناعة السيارات  والهواتف المحمولة والتى باتت تعتمد بصورة كبيرة جدا فى تطويرها على صناعة تكنولوجيا الالكترونيات . 

     

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن