بقلم : فريد شوقى
على مر العقد او ربما العقدين الماضين من الزمن كنا نسمع الكثير عن مفاهيم الذكاء الاصطناعي " Artificial Intelligence " ، والتعلم الآلي " learn Machine" ، والتعلم العميق " Deep Learning " ولكن، كيف نميز بين هذه المصطلحات الثلاثة المبهمة نوعاً ما بالنسبة للكثير من غير المتخصصين ، وكيف ترتبط ببعضها البعض؟
فالذكاء الاصطناعي " AI" كما تعرفه بعض الدراسات المتخصصة هو المجال العام الذي يغطّي كل ما يتعلق بإكساب الآلات صفة "الذكاء"، وذلك بهدف محاكاة قدرات التفكير المنطقي الفريدة عند الإنسان بينما يمثل " التعلم الآلي" فئة ضمن المجال الأوسع للذكاء الاصطناعي، وهو يختص بمنح الآلات القدرة على "التعلم". يتحقق ذلك عن طريق استخدام خوارزميات يمكنها أن تكتشف الأنماط، وتولد الأفكار انطلاقاً من البيانات التي تعرض عليها، لتطبيقها على عمليات اتخاذ القرار والتنبؤات المستقبلية، وهي عملية تتجنب الحاجة إلى برمجة الخطوات بطريقة مخصصة لكل إجراء ممكن بمفرده.
من الناحية الأخرى، يمثل " التعلم العميق " مجموعة جزئية من "التعلم الآلي" إنه الفرع الأكثر تطوراً في الذكاء الاصطناعي، والذي يقرب الذكاء الاصطناعي أكثر من أي وقت مضى من الهدف المتعلق بتمكين الآلات من التعلم والتفكير مثل الإنسان قدر ما يمكن. بمعنى اخر ، التعلم العميق هو مجموعة جزئية من "التعلم الآلي"، حيث ينتمي التعلم الآلي إلى الذكاء الاصطناعي.
ولم يعد التساؤل حاليا ما هو دور " الذكاء الاصطناعى " فى مساعدة البشر فى بعض المجالات المحددة بل بات السؤال كيف يمكن التكامل بين امكانيات الذكاء الاصطناعى والعقل البشرى لتحسين نمط حياتنا وفى نفس الوقت السيطرة على هذه التقنيات من التحكم فى مصيرنا بالمستقبل.
وبصرف النظر عم الدرسات التى تؤكد ان الذكاء الاصطناعى للالة سوف يغير هيكل سوق العمل العالمى ، ويلغى ويتيح الملايين من فرص العمل ، فان احد عيوب الالة هى عدم قدرة على الشعور وامتلاكها الحس البشرى ولكن يبدو ان هذا فى صريقة ايضا للتغير اذ كشف الباحثون من جامعة ستانفورد الأمريكية ذكاءً اصطناعيًا لإثبات إمكانية وجود حس الفكاهة عند الشبكات العصبية، وكانت النتائج مرحة، إلا أنها لم تخلُ من بعض الجمل غير المتوقعة.
وكانت بعض الدعابات غير متماسكة، ولكنها وفرت اختبارًا مباشرًا لما يمكن أن يحدث عندما يدخل الذكاء الاصطناعي في مجال الدعابة والتلاعب بالألفاظ. وقامت إحدى التجارب على إعطاء الذكاء الاصطناعي بعض الكلمات ليتلاعب بها ويضعها ضمن جملة ويطرحها كدعابة؛ ومنها كلمة مفاوض وكلمة سيارة، ليرد الذكاء الاصطناعي «ذلك لأن المفاوض يعيد إلي سيارتي قطعة واحدة سليمة» في إشارة لأب يرد على ابنه بسخرية عندما يطلب من والده أخذ السيارة.
ووفقا لمسودة البحث ، التى نشرت في أبريل الماضي على أرشيف أركايف لمسودات الأبحاث العلمية الأمريكي، ووصف فيها الباحثون تغذية شبكة عصبية بكلمات إنجليزية ثنائية؛ مشتركة لفظًا، ومختلفة معنىً وكتابةً؛ مثل كلمة Too ومعناها كثيرًا، وكلمة Two التي تعني الرقم اثنين.وغالبًا ما كانت النتائج ذات جودة مقبولة، ومألوفة لدى المراقبين القائمين على إنتاج النصوص من الذكاء الاصطناعي.
وما زال أمامنا تحديات كثيرة، إذ يعد «التزام الشبكات العصبية بالقواعد سببًا في تصنيفها من أصحاب الحس الفكاهي الفظيع» ولم تنجح الآلات في التفوق على البشر سوى بنسبة 10% من مجموع المواجهات المنظمة للعبة الكلمات ضد متنافسين بشريين.
وقال الباحثون في مسودتهم «على الرغم من تجاوز الابتكار للتقنيات الحالية، فإننا نبقى بعيدين عن الأداء البشري، إذ تميل الشبكات العصبية إلى الخلط بين الإبداع والكلام الفارغ، ما يشكل تحديًا كبيرًا في مجال الفكاهة.»
ويستمر الباحثون والعلماء في تطوير خوارزميات التعلم العميق للآلات، ومنحها أدوار لطالما كانت حكرًا على البشر وبجودة عالية، ويصب في هذا الإطار تطوير باحثي شركة "أوبن إيه آي" الأمريكية لأبحاث الذكاء الاصطناعي، لخوارزمية جديدة لإنتاج ومعالجة النصوص، وهي الأكثر تقدمًا في هذا المجال على الإطلاق.
وتشير النتائج الأولية إلى أن نظام الذكاء الاصطناعي الجديد يمثل خطوة استثنائية، إذ أنتج نصًا غنيًا في سياقه، وعلى درجة عالية من الدقة، ويحمل حس الفكاهة أيضًا. ولن تتيح الشركة معرفة شيفرة الخوارزمية الجديدة للجميع، نظرًا لتخوف باحثيها من إمكانية إساءة استخدامها .
فى النهاية نؤكد أن التعلم العميق للآلات و هو أحد فروع " الذكاء الاصطناعي" ، يعتمد على تدريب الخوارزميات باستخدام مجموعات من البيانات، ويتطلب بنية معقدة تحاكي الشبكات العصبونية للدماغ البشري، بهدف فهم الأنماط، حتى مع وجود ضجيج وتفاصيل مفقودة، وغيرها من مصادر التشويش. ويحتاج إلى كمية كبيرة من البيانات وقدرات حسابية هائلة، توسع قدرات الذكاء الاصطناعي للوصول إلى التفكير المنطقي، ويكمن ذلك في البرنامج ذاته؛ فهو يشبه كثيرًا عقل طفل صغير غير مكتمل، ولكن مرونته لا حدود لها.