بقلم :عادل الأنصاري
المدير الإقليمي لخدمات ما قبل البيع بمنطقة مصر وليبيا والمشرق العربي بشركة دل تكنولوجيز
تكمن قوة الذكاء الاصطناعي في قدرته على تسريع وتيرة التقدم البشري وتعزيز تجاربنا في جميع مجالات الحياة، خاصة مجال الرعاية الصحية، وهو أهم مجال على الإطلاق.
ولقد شهد قطاع الرعاية الصحية تقدمًا مذهلًا في العقد الماضي، بما في ذلك مجال الابتكار السريع العابر للحدود الذي ساعدنا على التغلب على أزمة كوفيد-19. ومع ذلك، هناك بعض العوامل بما في ذلك زيادة الكثافة السكانية وارتفاع تكاليف الرعاية الصحية تمثل تحديًا. وفيما يتعلق بقطاع الرعاية الصحية وعلوم الحياة، يمثل هذا ضغطًا متزايدًا لمعالجة المزيد من المرضى، وبتكلفة أكثر فعالية وبنتائج أفضل.
ولحسن الحظ، يمكننا مواجهة تلك التحديات، حيث أدى التقدم في علم الجينوم والمعلوماتية الحيوية والفحص المجهري والتصوير التشخيصي الطبي والعديد من المجالات الأخرى إلى تزايد كم البيانات، والتي إذا تم جمعها وتحليلها بشكل صحيح، يمكن استخدامها لتعزيز نتائج المرضى بشكل ملحوظ. تعد تقنيات الحوسبة المتقدمة، مثل خوارزميات الذكاء الاصطناعي التي تعمل على أنظمة الحوسبة عالية الأداء (HPC)، هي الأداة التي يمكنها بدورها تعزيز القيمة الحقيقية للبيانات الطبية، والتي بدورها ستنقذ الأرواح وتحسن الصحة العامة.
مستقبل الرعاية الصحية الشخصية
ويمكن للأطباء إعداد خطط علاجية مخصصة من خلال تحليل مجموعات كبيرة من البيانات واستخلاص الأفكار بسرعة وذلك عبر استخدام الذكاء الاصطناعي وأنظمة الحوسبة عالية الأداء HPC. كما أن الذكاء الاصطناعي لديه القدرة على إحداث طفرة في قطاع رعاية المرضى، كما يمكنه تعزيز كفاءة الرعاية. كان مقدمو الرعاية الصحية يعتمدون على نهج واحد يناسب جميع الأفراد سابقًا، حيث عملوا على معالجة المرض بدلاً من الفرد ذاته. توالجدير بالذكر أن التشخيصات المبتكرة والعلاجات المخصصة لديها القدرة إما على منع ظهور الحالة منذ البداية، أو تشخيص ومعالجة الحالة مبكرًا.
تعد أنظمة الحوسبة عالية الأداء (HPC) جزءًا لا يتجزأ من تجربة التخصيص، حيث تمكن الأطباء من استخلاص رؤى قابلة للتنفيذ من مجموعات البيانات الكبيرة والمعقدة بسرعة مذهلة. كما يمكن الآن إجراء التحليل الجينومي الذي كان يستغرق أيامًا في السابق في دقائق معدودة. وسواء أكنت تستخدم التعلم الآلي أو الذكاء الاصطناعي لتحليل الصور الطبية، أو اكتشاف الأنماط بين الأفراد، أو تصميم الأجهزة الطبية، أو حل المشكلات مثل كيفية التنبؤ ببنيات البروتين، فأنت بحاجة إلى أن تكون قادرًا على تشغيل أعباء العمل بسرعة عالية. على سبيل المثال، تعد أنظمة السجلات الصحية الإلكترونية مصدرًا محتملاً للرؤية في الوقت الفعلي ولكنها قد تخزن الملايين من سجلات المرضى السرية عبر بنية تحتية لا مركزية. وفي ذظل نمو حجم البيانات، يمكن لمؤسسات الرعاية الصحية توفير رعاية شخصية بتكاليف أقل من خلال اعتماد أنظمة جديدة قادرة على معالجة مصادر كبيرة ومتباينة للمعلومات. كما تقدم توفر تعد أنظمة الحوسبة عالية الأداء لمؤسسات الرعاية الصحية الأداء والكفاءات اللازمة لتحويل البيانات إلى تقنيات قابل للتنفيذ في الوقت الفعلي تقريبًا لتسريع الكشف عن الأمراض وتعزيز الرعاية.
كما يمكن لتجربة التخصيص في القطاع الصحي التنبؤ بالمستقبل. ومن خلال النظر في التركيبة الجينومية الفريدة للمرضى، يستطيع الأطباء تصميم طرق محددة للوقاية والتشخيص والعلاج، وتقدير خطر إصابة الفرد بالمرض وتطوير أدوية تفاعلية أو استباقية. إن التقدم في هذا المجال في العقد المقبل يمكن أن يجعل التشخيص الشخصي القائم على جينات الفرد أسهل من أي وقت مضى.
تقنيات الذكاء الاصطناعي الرائدة
وهناك الكثير من الأمثلة على استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية في الممارسة العملية، بما في ذلك تشخيص السرطان وعلاجه. حيث يوجد بمصر ما يقرب من 135 ألف مريض سرطان سنويا، وهو رقم من المتوقع أن يرتفع على مدى السنوات المقبلة. كما أن الذكاء الاصطناعي يقدم أفضل سبل الكشف عن الأمراض ومعالجتها، بما في ذلك الأورام والآفات التي قد لا يكتشفها الأطباء.
وقد أدى استخدام الذكاء الاصطناعي بالفعل إلى ظهور ابتكارات في مجال الجراحة بمساعدة الروبوتات لتعزيز نتائج المرضى. كما يساعد استخدام الذكاء الاصطناعي والروبوتات في العمليات الجراحية على زيادة كفاءة الجراح. يكما مكن تحليل البيانات من السجلات الطبية قبل العملية بواسطة الخوارزميات لمساعدة الفريق الطبي في إعداد الإجراءات وتوجيه الفريق أثناء إجراء الجراحة.
يتطلب مستقبل الرعاية الصحية القائمة على الذكاء الاصطناعي التعاون
إن مستقبل الرعاية الصحية المدعومة بالذكاء الاصطناعي والحوسبة عالية الأداء رائع، إلا أن يبقى السؤال مطروحًا: هل المجتمع الطبي مستعد استعدادًا كافيًا لتلك الطفرة؟ تقدر قيمة القطاع عالميا بـ 20.65 مليار دولار حاليا، ولكن من المتوقع أن تنمو إلى 187.95 مليار دولار بحلول عام 2023.
وسيحتاج القطاع إلى الاستثمار في التكنولوجيا والمهارات. لذا، يجب توحيد الجهود مع شركاء التكنولوجيا والبائعين، لتعزيز قدرتهم ومهاراتهم وخبراتهم في مجال الذكاء الاصطناعي لتوسيع نطاق مشاريع الذكاء الاصطناعي.
وفي ظل استتخدام تكنولوجيا المعلومات في قطاع الصحة، سيُقدم للمرضى مستوى رعاية لم نكن نحلم به حتى وقت قريب. حان الوقت لتكامل الجهود والابتكار وإحداث ثورة في قطاع الرعاية الصحية القائمة على بالذكاء الاصطناعي.