أكد وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، أن إقامة المؤتمرات الدولية التي تعالج قضايا مجتمعية؛ لتسهم بدورها في وضع الحلول المناسبة لها، وتكسب الأجيال الخبرات اللازمة؛ حتى يصبح لديهم الرؤية المتكاملة لتحقيق إبداعات ملموسة تنتفع بها البشرية، فإن رقي الأمم مرتبط بما تنتجه عقول أبنائها من ابتكارات نافعة وإبداعات مثمرة في كافة المجالات.
جاء ذلك في كلمة وزير الأوقاف التي ألقاها نيابة عنه مساعد الوزير لشئون الامتحانات والتدريب الدكتور محمود عبدالخالق الفخراني، بالمؤتمر العلمي الدولي، الذي تقيمه الجامعة المصرية للثقافة الإسلامية بكازاخستان، تحت عنوان: “الخطاب الديني في الفضاء الإلكتروني.. التحديات والحلول”.
وقال إن الوزارة تسعى دائمًا إلى تعزيز العلاقات الوطيدة بين البلدين الشقيقين؛ مصر وكازاخستان، ودعم وسائل التعاون في المجالات ذات الاهتمام المشترك وخاصة في مجال تبادل المعارف والثقافات، مشيرا إلى أن “الجامعة المصرية للثقافة الإسلامية” بكازاخستان تعد حلقة وصل عظيمة؛ لتعميق الروابط الثقافية بين البلدين؛ لنشر الفكر الوسطي المستنير.
وأشار إلى أن الله تعالى خلق – الإنسان، وجعله خليفة في الأرض؛ ليعمرها، ويستثمر طاقاتها، قال تعالى: (هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا)، وقد أنعم الله علينا بنعم لا تحصى، قال تعالى: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا)، ومن أجلِّ هذه النِّعم نعمة العقل والسمع والبصر، قال تعالى: (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
وأوضح أن من هذه النعم العظيمة أيضًا نعمة الفراغ قال- صلى الله عليه وسلم- “نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ” فيجب علينا أن نغتنم وقت فراغنا ونعمل عقولنا؛ للنظر في حقائق الكون، والوصول إلى قوانينه؛ للاستفادة بها في عمارة الأرض؛ حيث يقول سبحانه: (قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) فقد حثَّ القرآن على إحكام النظر، وإجادة التفكير في خَلق الله؛ لتحقيق الابتكار المثمر، والإبداع النافع.
وأضاف أن في العصر الحالي أصبح التعامل مع الفضاء الإلكتروني بأدواته ضرورة ملحة ومصلحة معتبرة لمواكبة التطور التكنولوجي ومتغيرات العصر عن علم وخبرة وبصيرة، فهذه الأدوات وسائل ذات أثر بالغ في بناء الوعي بصفة عامة، وقضايا الخطاب الديني بصفة خاصة؛ مما يتطلب الوقوف عندها بدقة لتعظيم الإفادة من إيجابياتها، وتفادي مخاطرها، والتغلب على تحدياتها، وبخاصة ما يتصل بتقنيات الذكاء الاصطناعي وتوظيفه في خدمة المجال الدعوي.
وتابع: “ضرب لنا نبينا الكريم – صلى الله عليه وسلم- أعظم المثل في استخدام مهارات التواصل الدعوي بمختلف أنواعها المتاحة في عصره، للنفاذ إلى عقل المتلقي وقلبه، وإثارة اهتمامه وانتباهه، ومن هذه المهارات: استخدام لغة الجسد الرصينة المتزنة، كتغيير وضع الجسد لإثارة الانتباه، والإشارة إلى القلب أو اللسان، واستخدام لغة الأرقام، والرسم التوضيحي، والأمثلة التوضيحية”.
وأردف: “أن الرسول نوَّع وسائل وأساليب الدعوة ما بين الحديث الشريف، والخطبة، والموعظة، والوصية، والرسالة، بما يؤكد حرصه- صلى الله عليه وسلم- على إبلاغ الرسالة بلاغًا مبينًا، وإقامة الحجة واضحة وبيِّنة جلية لا لَبْسَ فيها بكل الوسائل والأساليب المتاحة في عصره- صلى الله عليه وسلم- وهو ما يُحمِّلنا أمانة الاقتداء به- صلى الله عليه وسلم- باستنفاد وسعنا في استخدام وسائل التواصل وسائر التقنيات الحديثة المتاحة في عصرنا لإبلاغ رسالة ديننا بلاغًا مبينًا.
وأوضح أن سائر وسائل الاتصال الإلكتروني والذكاء الاصطناعي وسائر التقنيات الحديثة يمكن أن نستخدمها في كل ما يخدم العلم، مع التأكيد على أهمية التحصين الفكري والأخلاقي المستمر ضد ما يعرف بانحرافات الفضاء الإلكتروني.
وأشار إلى أن لأهمية هذا الموضوع عقد المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بمصر المؤتمر الرابع والثلاثين تحت عنوان: “الفضاء الإلكتروني والوسائل العصرية للخطاب الديني بين الاستخدام الرشيد والخروج عن الجادة”، في سبتمبر الماضي، بحضور دولي واسع من وزراء الأوقاف والشئون الدينية، والمفتين، والعلماء، والمفكرين، والمثقفين، والبرلمانيين، والإعلاميين، والكتاب، من مختلف دول العالم، وقد أجمع المشاركون في ختام أعمال المؤتمر على إصدار وثيقة القاهرة؛ لتعزيز أخلاقيات التعامل مع الفضاء الإلكتروني والوسائل العصرية للخطاب الديني، لتكون نبراسًا يُستضاء به في هذا المجال، تحت عنوان: “وثيقة القاهرة لأخلاقيات التعامل مع الفضاء الإلكتروني”.