يولد حوالي 250 طفلًا كل دقيقة حول العالم، ويعود العديد من هؤلاء المواليد الجدد إلى منازلهم مع آبائهم وأمهاتهم لأول مرة. وبمجرد وصولهم إلى المنزل، يواجه الآباء التحديات المألوفة، بما في ذلك جداول النوم، والتغذية، والحفاظ على سلامة طفل صغير وغير متوقع التصرفات. لذا ليس من المستغرب أن يلجأوا إلى التكنولوجيا
ولطالما كانت تربية الأطفال من أكثر مسؤوليات البشرية تحديًا وشخصية. وفي عصر الذكاء الاصطناعي، لم يعد الآباء الافتراضيون -وهم أنظمة الذكاء الاصطناعي المُصممة لتوجيه الأطفال ومراقبتهم، بل وتربيتهم- مجرد خيال علمي.
ومع ذلك، تُثير هذه الإمكانية تساؤلاتٍ عميقة حول الهوية والأخلاق والتطور البشري، خاصة إذا كان الذكاء الاصطناعي يُشكل نظرة الطفل للعالم وقيمه وسلوكه كما لو كان الوالد الحقيقي، بحسب تقرير لموقع "Lifeblogs"، اطلعت عليه "العربية Business".
تتتبع أجهزة مراقبة الأطفال الآن معدل ضربات القلب، وأنماط التنفس، ودورات النوم، وتنبّه الآباء إلى المخاطر المحتملة قبل أن يلاحظوها. وتوصي التطبيقات بتمارين تعليمية شخصية مصممة خصيصًا لمرحلة نمو الطفل، بينما يوفر معلمو الذكاء الاصطناعي مساعدة في الواجبات المنزلية عند الطلب. وتَعِد هذه الأدوات بتخفيف ضغوط الوالدين مع تعزيز سلامة الطفل وتعليمه.
إلى جانب الرعاية الجسدية، يتجه الذكاء الاصطناعي نحو المجال العاطفي. إذ تُصمّم روبوتات الدردشة والرفقاء الرقميون للتفاعل مع الأطفال، مقدمين لهم الحوار والتعاطف والتوجيه.
وبينما قد يُساعد هذا الأطفال الذين يشعرون بالوحدة أو العزلة الاجتماعية، إلا أنه يُخاطر أيضًا بخلق اعتماد على علاقات مصطنعة بدلًا من تنمية الروابط الإنسانية.
تعتمد جميع أدوات الذكاء الاصطناعي في مجال التربية على البيانات، حيث تتتبع عادات الطفل ومشاعره وأنماط تعلمه.
ومن ناحية، يُتيح هذا رؤىً غير مسبوقة حول نمو الطفل. ومن ناحية أخرى، يحول الطفولة إلى عملية مستمرة لاستخراج البيانات، حيث يتم تسجيل كل سلوك وتحليله، مما قد يعرض خصوصيته للخطر.
مخاطر تربية الذكاء الاصطناعي
تُعتبر من أكبر مخاطر تربية الذكاء الاصطناعي للأطفال احتمال تآكل العلاقات الإنسانية. فالتربية لا تقتصر على توفير المعلومات أو الأمان، بل تشمل أيضًا بناء الروابط، والتعاطف، ونقل القيم الثقافية.
وإذا تحمل الذكاء الاصطناعي مسؤولية كبيرة في عملية تنشأة الأطفال، فقد يحرم الأطفال من الثراء العاطفي للرعاية البشرية.
إضافة إلى هذا، فأنظمة الذكاء الاصطناعي ليست محايدة، فهي تعكس التحيزات الموجودة في البيانات التي تم تدريبها عليها.
وقد يعزز "الآباء الافتراضيون" بشكل غير مقصود الصور النمطية، والافتراضات الثقافية، أو حتى الأيديولوجيات السياسية. ونتيجة لذلك، قد ينشأ الأطفال تحت تأثير خفي لأجندات شركات أو ثقافات مضمّنة في أنظمة الذكاء الاصطناعي.
ويعني السماح للذكاء الاصطناعي بمراقبة الأطفال على مدار الساعة كشف تفاصيل دقيقة من حياتهم للشركات، وربما للحكومات.
وبدءًا من البيانات البيومترية إلى الاستجابات العاطفية، يمكن استغلال هذه المعلومات لتحقيق مكاسب تجارية، مما يزيد من احتمالية وجود طفولة مُراقبة. فماذا يحدث عندما يكبر الأطفال وهم يعلمون أنهم لم يحظوا قط بأي لحظة خصوصية واحدة.








