بقلم : خالد حسن
على مدار مسيرة جريدة "عالم رقمي " منذ خروج الجريدة للنور لم نواحه مثل هذا الكم من التحديات التي شهدناها خلال عام 2020 ، والتي صاحبت جائحة فيروس " كوفيد – 19 " والتي وجهت عدة ضربات لمنظومة الصحافة ككل وأثرت على كل المستويات المتعلقة بالآليات الخاصة بمهنة الصحافة.
وفي الحقيقة فإن من أهم الآثار السلبية للجائحة هو التراجع الكبير في عائدات الإعلانات والرعاية ، مما يعد المصدر الرئيسي بتمويل غالبية الجرائد ، ولكن بشيء من التنظيم والإدارة والتكاتف بين كل العاملين بالجريدة نجحنا فى تجاوز هذه الشهور ، الصعبة من عام 2020 ، بل واستطعنا بالفعل في الوفاء بكل التزاماتنا تجاه الزملاء الصحفيين ودخولهم لنقابة الصحفيين وهو ما نفخر به من هذا النموذج من التعاون الذاتي من أجل استمرار هذا الكيان الذي احتضن الجميع على مدار مسيرته ولم يستغن عن أي أحد من أبنائه .. بل على العكس دائما كان داعما لهم وفعالا في تنمية قدراتهم المهنية ومهاراتهم الشخصية .
وبالطبع يعد أحد أهم أسباب قدرتنا على مواجهة أزمة " كوفيد _19 " هو ما تبنته الجريدة من مفهوم " العمل عن بعد " منذ أكثر من 8 سنوات حيث كانت كل تكليفات الزملاء المحررين تتم عن طريق إرسال البريد الإلكتروني أو الاجتماع الافتراضي، كما أن كل الأعمال الصحفية ترسل بصورة إلكترونية لتتم مراجعتها وتصحيحها لغويا وإرسالها لسكرتيرة التحرير ، لتصميم المادة ، والطباعة كل ذلك بصورة رقمية تماما دون أن يضطر أي زميل صحفي ـ في أي قسم ـ إلى الحضور لمقر الجريدة بل ينجز عمله ويرسله إلى زميله التالي حتي تصل الجريدة إلى المطبعة وهذا النموذج في الرقمنة كان في الحقيقة هو أحد أكبر المزايا والحوافز التي ساعدتنا على كل المستويات في تجاوز التداعيات السلبية للجائحة والتي نتطلع أن يتخلص الجميع منها مع نهاية العام الحالي .
من المهم أن نشير إلى أنه منذ أن كانت " عالم رقمي " مجرد فكرة في عام 2006 إلى أن تحول الحلم إلى مشروع ملموس، وصدر الإصدار التجريبي في مطلع أكتوبر 2007 ، وبالمناسبة كان ذلك على هامش المشاركة المصرية فى فعاليات معرض ومؤتمر جايتكس دبي ، حيث حرصنا أن يكون العدد الأول للجريدة قادرا على التعبير بقوة عن صناعة تكنولوجيا المعلومات المحلية وما تمتلكه من مقومات وإمكانيات بشرية وفنية يمكنها تقود منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا لدخول ثورة المعلومات .
هدفنا .. كان جريئا من إصدار هذه الجريدة .. ألا وهو مساعدة القراء - بكل فئاتهم ومستوياتهم العلمية والعملية - للاستفادة مما يجري حولنا في العالم الرقمي والشبكات سواء أكان مستخدما عاديا للكمبيوتر أو يبحث عن الوسيلة المناسبة لتطوير مهاراته الذاتية في عمله أو المؤسسة التي ترغب في زيادة قدراتها التنافسية من خلال تحسين الإدارة بها والتميز والجودة في منتجاتها .
وكنا حريصين على مشروع الجريدة أن يشكل كل عام قيمة مضافة حقيقية سواء على مستوى خدماتنا التي نقدمها للقارئ أو على مستوى تطوير قدراتنا والعاملين في الجريدة أو تحسن مناخ العمل كشركة تعمل في مجال إنتاج المحتوى الرقمي وبما يتواكب مع الاندماج بين ثورة الاتصالات والإعلام وأن يكون لنا مكانا متقدما في ظل الزخم الكبير ،الذي تعاني منه بشدة مهنة الصحافة بشكل عام ، وهو ما يعرف بشبكات التواصل الاجتماعي العالمي " السويشال ميديا " .
وخلال العام الماضي نجاحنا، بالشراكة مع شركة " سمارت "، في تقدم مفاجأة ساره لجميع المهتمين بمتابعة أخبار تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من خلال إطلاقنا على تطبيق الأجهزة المحمولة " عالم قمي " سواء لمستخدمي أنظمة " أندر ويد" أو " iOS " والتي يمكن تحميلها من متجر التطبيقات لكل من شركة " أبل " https://apps.apple.com/eg/app " ومتجر "جوجل "
https://play.google.com/store/apps/details?id=com.sis.digitalworld
وعلى مدار السنوات الماضية حرصت " عالم رقمي " على تطوير كوادرها البشرية بما يتسق مع التطورات السريعة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لقناعتنا أن الصحفي المتخصص ليس هو فقط الصحفي المهني الذي يريد أن يعرف قبل أن يريد أن يكتب. أو من يسعى للإحاطة بجميع جوانب مادته قبل أن يحدد ما هو مفيد للعلم وما هو مفيد للنشر وإنما هو الصحفي الذي يمتلك نفسا عاليا ومقدرة على التعمق والتحليل والبحث والوصول إلى تحقيقات متفردة وأفكار مبتكرة.
رؤيتنا ..لدور الصحافة المتخصصة ـ كانت وستظل دائما ـ أننا شركاء للتنمية وعنصر فعال في عملية اتخاذ القرار من خلال نقلها نبض واحتياجات المواطن بالإضافة لدورها في تسليط الضوء على الخدمات المتنوعة والمتطورة التي يقدمها القطاع لتحقيق مفهوم التنمية الشاملة لذا لم ولن تبخل " عالم رقمي " في تقديم دعمها لتوفير الأدوات التكنولوجية اللازمة لتحسين أداء الصحافة المتخصصة وكذلك الدورات التدريبية لمواكبة التقنيات المتسارعة في هذا المجال لتكون الصحافة المصرية المتخصصة على قدم المساواة مع نظيرتها العالمية .
ورغم الجدل الذى يثار - بين الحين والحين - حول مستقبل الصحافة المتخصصة ، والتي خرجت للنور في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي ، في ظل كثرة الصحف اليومية الشاملة إلا أن الصحافة المتخصصة سيظل لها رونقها وبريقها لدى القارئ الذي يبحث عن المحتوى الجيد والعمق والتحليل في المعلومات التي يتم نشرها ، وليس مجرد سرعة معرفتها ، ويتطلع إلى معرفة كل الآراء حول قضية محددة .
ومن هنا فإن الصحافة التكنولوجية المتخصصة يجب النظر إليها باعتبارها صحافة التحليل والمناقشة لبلورة الأفكار والحلول الابتكارية القادرة على معالجة المشاكل المجتمعية وتكون إحدى الآليات المساعدة في عملية تطوير وتنمية القطاع ،المعنية بمتابعة أحداث ونقل أخباره ، من خلال مواد تحريرية ذات مضمون يحترم عقلية من يقرؤها من المتخصصين .. ناهيك عن دورها في الحفاظ على المهنية المتخصصة للصحفي وجعله قادرا على المشاركة والمساهمة عن وعى وفهم ، في كل القضايا الخاصة بالقطاع المتخصص به .. ناهيك عن حرصنا على تدعيم الجريدة بأكبر عدد من مقالات الرأي المتميزة المعنية بالتطور المستقبلي للتكنولوجيا ودورها الإيجابي في حياتنا .
وأدت فكرة .. إنشاء جريدة أسبوعية متخصصة في مجال التكنولوجيا والاتصالات ليكون لها دور تفاعلي مع كل اطراف القطاع، وأن تكون آلية جديدة لنشر ثقافة المعرفة التكنولوجية لاسيما أن السمة الرئيسية لعالمنا المعاصر هى تغلغل التكنولوجيا في مختلف نواحي الحياة وبات لها اليد العليا في تغيير نمط المعيشة وعلى الجميع التحرك بقوة لتأهيل نفسه للتعامل مع عالم جديد تعد فيه سرعة الوصول للمعلومات والتعامل معها بمثابة مكون رئيسي للنجاح .
في اعتقادي.. فإن التحدي المستقبلي الذي سيواجه الصحافة المتخصصة هو قدرتها على توضيح الفكرة، وبساطة العرض للتقنيات الحديثة ،بمعنى أنه يمكن لأي قارئ مهما كانت درجة تعليمه أو ثقافته أن يفهم موضوعاتها ببساطة، كما ان للكتابة التكنولوجية المتخصصة ضوابط أولها التبسيط سواء تقريب المفاهيم وتبسيط المصطلحات أو الأرقام أو الحقائق أو المعلومات، بجانب الالتزام بالدقة، لاسيما عند التعامل مع المصطلحات .. ناهيك أن أهم عوامل نجاح الصحافة المتخصصة هو " أنسنة" الموضوعات، بمعنى عدم التعامل معها على أنها أرقام جافة، أو معلومات مجردة، وإنما ربطها بالواقع "الإنساني" الذي تنبثق منه، ويتفاعل معها، مع استقصاء تأثيراتها الاجتماعية على حياة الأمم والأفراد، من حيث السلب والإيجاب، بحيث يكون "الإنسان" هو "البطل"..لا المصطلح التكنولوجى، أو الرقم .
وفى الحقيقة رغم أن " عالم رقمي " كانت بمثابة نقلة نوعية جديدة لصحافة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المقروءة وللمرة الأولى في تاريخ الصحافة المصرية والعربية ، منذ صدور العدد الأول من الجريدة، بوصفها الجريدة الأسبوعية الأولى تصدر ياللغتين العربية والإنجليزية ، ونجاحه في إعداد وتأهيل كوادر بشرية متخصصة ببلاط صاحبة الجلالة فإنها أصبحت مرآة تعكس واقع وتحديات وطموحات قطاع الاتصالات والتكنولوجيا المحلية وإطلالة على التطور التكنولوجي الإقليمي والعالمي وما زالنا قادرين على إعداد الكوادر الصحفية رغم الظروف الصعبة التي خلفتها جائحة" كوفيد- 19".
ختاما ..لا يسعني إلا أن أكرر شكري لكل من ساهم في خروج واستمرار هذه الجريدة من كتيبة الصحفيين والعاملين بالجريدة وأصدقاء مخلصين من خبراء ومديرى شركات الاتصالات والتكنولوجيا وجهات وطنية ومسئولين حكوميين ، رؤساء وزراء ووزراء ومستشاري الإعلام كانت لقناعتهم الشخصية بأهمية الشراكة الإعلامية، دور جوهري تطوير وتنمية الصحافة المتحصصة في مجال التكنولوجيا المعلومات والاتصالات وإنجاح تجرية " عالم رقمي " .