بقلم : خالد حسن
استمرارا لحديثنا الذى بدأناه فى نفس هذا المكان ،الأسبوع الماضي ، حول إمكانية الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات في تشجبع شركات التكنولوجيا الناشئة في تطوير حلول ابتكارية لمعالجة كل المشاكل المتعلقة بالتغير المناخي وما أدى إليه من آثار سلبية اقتصادية واجتماعية نستكمل اليوم الحديث حول اليات تشجيع الشركات الناشئة ورواد الأعمال لتطوير حلول جديدة تساعد دول العالم على التخفيف من المتغيرات المناخية .
فالعالم أصبح يقف على " حافة الهوية" والعقد الماضىي كان أكثر العقود التي شهدت تغيرات كبيرة في المناخ وتزايد الملوثات ، فهناك 17 دولة من الدول الكبرى الصناعية مسئولة عن 80 % من حجم التلوث على كوكب الأرض و4 دول مسئولة عن 50 % من هذه الانبعاثات وهى الولايات المتحدة والصين والاتحاد الاوروبي والهند ، والأمر يحتاج إلى وقفة قوية لتحسين المناخ والتحذير من عدم التحرك وحسن إدارة مواردنا لمواجهة هذا التغير وتضافر المجتمع الدولي لحماية الكوكب والطبيعة والانضمام إلى ائتلاف " صفر انبعاثات " من الكربون الذي دعا له أنطونيو جوتيريش ـ الامين العام للأمم المتحدة .
ومن ثمة فإن أزمة " تغير المناخ " باتت تشكل" التهديد الوجودي " ووصول مستويات الغازات الدفيئة إلى مستويات قياسية وغير مسبوقة الأمر الذي يفتح الباب على مصراعيه على كيفية الحفاظ على النظام البيئي والتنمية الخضراء خلال العقد الحالي بالتعاون بين مختلف دول العالم ولاسيما الدول الكبرى المسئولة عن تزايد الغازات الدفيئة الملوثة للطبيعة والقيام بواجبها لحماية البيئة والتوجه لدعم مصادر الطاقة النظيفة .
وبالتالي فإن مشكلة التغيرات المناخية يمكن أن تشكل فرصة حقيقية لتطوير الكثير من الحلول التكنولوجية التي ستساعد إما في معالجة السلبيات الناجمة عن الاحتباس الحراري العالمي أو في إيجاد حلول جذرية للأسباب التي أدت إلى هذه التغيرات المناخية لتخفيض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ،من الوقود الأحفوري، وأيضا امتصاص المزيد من ثاني أكسيد الكربون عبر سطح الأرض من خلال التمثيل الضوئي.
وبالطبع فإن العالم يعول على الثورة التكنولوجية ، ولاسيما شركات التكنولوجيا الناشئة ، الكثير من الآمال للتوصل إلى حلول جديدة تمكن العالم من تجاوز هذه الأزمة لخفض درجة حرارة الأرض قليلا لأجل مستقبل افضل لنا وللأجيال القادمة وذلك من خلال تحسين وتطوير وأساليب التصنيع وأنظمة التعليم العالمي وتنظيم الأسرة ، والتوعية بأنظمة التغذية الصحية ، والتبريد المستدام ، تحسين أساليب الزراعة، والاعتماد على المزيد من طاقة الرياح.
من هنا تأتى أهمية تحفيز رواد الأعمال وأصحاب الافكار في تطوير هذه الحلول الابتكارية وحلول رقمية خضراء وفي هذا الإطار أعلن الدكتور أيمن عاشور ـ وزير التعليم العالي والبحث العلمي، عن إطلاق هاكاثون الجامعات المصرية، مسابقة الابتكار، بعنوان (التغيير المناخي: "الإبداع للاستمرارية")، لشباب الجامعات المصرية بجوائز قيمتها 350 الف جنيه ، وتأتي هذه المسابقة في ضوء الاهتمام العالمي المُتزايد بقضية تغير المناخ، والتي تعُد إحدى أكثر القضايا الدولية إلحاحًا لتأثيرها الملحوظ والمتزايد على كل الدول في شتي مناحي الحياة اليومية، وكذا مشاركة مصر للمجتمع الدولي في تأكيد أهمية قضية تغير المناخ، والسعي للقيام بدور إيجابي ونشط لمواجهة العواقب المختلفة لها، وذلك من خلال استضافة مصر للدورة السابعة والعشرين لمؤتمر المناخ (COP 27) بمدينة شرم الشيخ في نوفمبر 2022 حيث تأتي المسابقة في إطار توجيهات القيادة السياسية برفع وعي المجتمع بكل القضايا الحيوية واكتشاف ورعاية المواهب العلمية وتنمية الابتكار وريادة الأعمال في شتي المجالات.
وتهدف المسابقة لتوفير فرص حقيقية للأجيال الشابة من طلاب الجامعات للقيام بدور نشط في مواجهة أزمة تغير المناخ، وذلك من خلال زيادة وعي الأجيال القادمة حول التغيرات المناخية وتأثيرها على مختلف القضايا في حياتنا ، تحفيز الأفكار المُبتكرة لمعالجة قضايا تغير المناخ التي تواجه البيئة المحلية والعالمية ، استغلال قدرات الطلاب التقنية لتطوير أفكار مبتكرة ذات أهمية للدولة المصرية ، تنسيق وتكامل الجهود من كل من القطاعين العام والخاص لمواجهة التحديات الملحة التي تسببها التغيرات المناخية بالاضافة الى المُشاركة في تحديد ودراسة التحديات الحقيقية والملحة الناجمة عن تغير المناخ في مصر.
فالتقنيات الرقمية فقط هي التي تتحرك بالسرعة والنطاق اللازمين لتحقيق هذا النوع من الخفض الكبير في الانبعاثات التي نحتاج إلى رؤيتها في السنوات العشرة القادمة ويمكن للتكنولوجيا الرقمية أن تساعد في تقليل انبعاثات الكربون في العالم بنحو 17 %، وفقا لتقرير صادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات، وهو هيئة تابعة للأمم المتحدة. تقول الجهات الفاعلة في الصناعة إن الذكاء الاصطناعي، على سبيل المثال، يمكن أن يساعد في جعل شبكات النقل الكهربائية أكثر كفاءة .
ويمكن أن تسمح تقنية بلوك تشين Blockchain للمواطنين المعنيين بتتبع انبعاثات الكربون للشركات. ويمكن زيادة تعزيز استخدام الأقمار الصناعية في مراقبة التغيرات البيئية بما في ذلك أنشطة مثل قطع الأشجار غير القانوني والتعدين وإلقاء النفايات، في البحر أو البر ويقول خبراء برنامج الأمم المتحدة للبيئة، على الرغم من ذلك، أن هناك حاجة لتطوير معايير متسقة لقياس تأثير التكنولوجيا على البيئة، والتي ستكون ضرورية لتقليل العواقب السلبية للرقمنة كما ان التكنولوجيا الحديثة المسماة بـ"التقنيات الرقمية النظيفة". من بين أمور أخرى، يمكن الدول ببائه مثل شبكات 5G و6G مع دعم تقنية blockchain والحوسبة الكمومية والذكاء الاصطناعي، والتي وصفوها بأنها تغير قواعد اللعبة المحتملة في المعركة ضد ارتفاع درجة حرارة الكواكب.
فى النهاية نؤكد أن علينا ايضا تشجيع الاستثمار فى البنية التحتية الخضراء من خلال تشجيع إيجاد حلول للنقل أكثر كفاءة من حيث استخدام الطاقة وأقل في انبعاثات الكربون أن تساعد على تقليل انبعاثات غازات الدفيئة الناتجة عن قطاع النقل – التي تُعد حالياً ثاني أعلى الانبعاثات في جميع القطاعات وكذلك تشجيع الاعتماد على السيارات الكهربائية وإنشاء بنية تحتية أكثر نظافة للسكك الحديدية العامة .