بقلم : خالد جسن
"الخوف ألا يفوتك شىء" هو شعار الذى يرفعه الغالبية العظمى من مستخدمى شبكات التواصل الاجتماعى العالمية " وعلى راسها الفيسيوك وتوتير واليوتيوب و.." والذين يتجاوز عددهم 4 مليار مستخدم حول العالم وبالطبع مصر والدول العربية ليست استثناء من الهوس الذى يجتاج العالم والاتجاه نحو مزيد من الافراط فى استخدام شبكات التواصل الاجتماعى واستقطاع جزء اكبر من وقت الانسان وحياته ليقضيها فى تصفحها وتصفحها والتقاعل معها خاصة ما تزايد فاعدة مستخدمى الهواتف المحمولة الذكية وتوافر الانترنت المحمول فى اى مكان واى وقت .
وبالطبع كان الاستخدام المفرط لشبكات التواصل الاجتماعى العالمية عبى شبكة الانترنت محور حديث المشاركين فى فاعليات منتدى شباب العالم 2018 والذى استضافته مدينة شرم الشيخ وهو ما تجلى فى اعلان الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال حديثه بجلسة بعنوان "مواقع التواصل الاجتماعي"، في اليوم الثالث لمنتدى شباب العالم، إنه جارٍ تشكيل لجنة بحثية قومية لمناقشة مواقع التواصل الاجتماعي من الجوانب كافة، لتعظيم الاستفادة منه، مؤكدًا أن أي محاولة لمنع وسائل التواصل الاجتماعي لن تنجح.
كما حرصت ادارة المنتدى على اعداد فيلم قصير مدته 20 دقيقة باسم " FOMO" و هى اختصار لكلمة "Fear of missing out"، بمعنى "الخوف ألا يفوتك شىء"، ويتحدّث عن أضرار استخدام مواقع التواصل الاجتماعى، اذ لم يحتوِ على مشاهد درامية بل هو تمثيل للواقع، يرصد من خلاله حكايات أبطال من الحياة، ويروون تجاربهم بأنفسهم» حيث إن ظاهرة الاستخدام المفرط لشبكات التواصل الاجتماعى العالمية باتت منتشرة فى الفترة الأخيرة، ومستخدمو هذه المواقع صاروا مصابين بـ«هوس» متابعة الأحداث بشكلٍ فورى ويحاول الفيلم ان يزيد الوعى بخطورة هذه الظاهرة على حياتنا الانسانية كبشر .
وفي الحقيقة ، مثل هذه الخطوة باتت ثير مجموعة من التساؤلات، والتي تفرض نفسها بقوة .. لعل أولها ماذا يفعل المستخدمون المحليون عند اتصالهم بالإنترنت ؟ وكيف يمكن تعظيم العائد على اتصالهم بالشبكة ؟ ومن المسئول عن ذلك ؟ وما دور الحكومة ودور المؤسسات المجتمعية والمدنية ؟ وهل نحن ذاهبون إلى غلق الإنترنت كواحة لحرية الرأي والتعبير ؟ وهل سنشهد قريبا إنشاء شبكة إنترنت محلية فقط ؟.
وبالطبع ندرك انه مع تزايدة قاعدة مستخدمى شبكات التواصل الاجتماعى أصبحت تشكل جزء كبير من ثقافة مستخدميها لاسيما من الشباب صغير السن والذين يسهل التاثير عليهم واستغلالهم عبر الافكار ، سواء الايجابية او السلبية ، التى يتم نشرها وتداولها بسرعة عبر هذه الشبكات لاسيما وان التكنولوجيا أصبحت تستخدم بصورة خاطئة بشكل كبير، بما يتوجب معه العمل لتحسين استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى علم النفس في هذه اللجنة رفع مستوى الثقافة لدى المستخدمين مما ينعكس بالإيجاب على كيفية استخدامهم لمواقع التواصل الاجتماعي.
فالعالم الافتراضى ، على غرار العالم المواقع ، ليس واحة للاخلاق او للاحلام الوردية وانما هناك ايضا الكثير من المخاطر التى يمكن ان يتعرض لها مستخدميها وهنا تاتى اهمية التوعية بهذه التهديدات وكيفية ومواجههتا بالتوجيه والارشاد للمستخدمين لتعظيم الاستفادة من ادوات العالم الافتراضى وليس لمقاطعتها او حظرها او حجبها او الغائها فالممنوع مرغوب .
نتطلع ان تتضمن اللجنة ، التى اوضى رئيس الجمهورية بانشائها ، عدة خبراء في مجالات مختلفة منها علم النفس وعلم الاجتماع وبالطبع خبراء تكنولوجيا ومعلومات والاتصالات والصحافة والاعلام والسويشال ميديا ،وربما تعمل على دراسة عدد من الجوانب، أهمها الفئات العمرية الأكثر استخدامًا لمواقع التواصل الاجتماعي سواء كانت "فيسبوك أو تويتر أو البوتيوب" ومن المنتظر ان تبحث اللجنة الاستخدمات الضارة لمواقع التواصل الاجتماعي، وبعض الجوانب الأسرية والنفسية لبعض رواد الاستخدام الخاطئ لمواقع التواصل الاجتماعي، مع الاخذ فى الاعتبار أن مثل هذه الدراسة ربما تصل إلى أكثر من عام، كما يتوقع ان تعمل اللجنة على مواجهة الشائعات من خلال برامج توعية، وتدريب المستخدمين على التفكير قبل الترويج للشائعة، وتميز الأخبار الصحيحة من المزيفة لتضع فى النهاية توصياتها فى ضورة خطة لتحسين استخدم مواقع التواصل الاجتماعي، وتسلمها للجهات المسؤولة لتطبيقها .
وإذا كان نتفق على معارضتنا إلى نمط الاستخدام السيئ من قبل بعض مستخدمي الإنترنت ، والدخول للمواقع الإباحية أو استغلال الأطفال أو حتى نشر المعلومات المغلوطة والمضللة إلا أننا نؤكد ان أسلوب المنع والحجب والرقابة القهرية لم يعد الأسلوب الأمثل للتعامل مع أدوات عصر المعلومات ، فما يمكن أن نقوم بغلقه هذه الساعة يمكن أن يظهر غيره في الساعة التالية – إن لم يكن في نفس الساعة - ومن ثمة لا يعقل أن نظل مستمرين في لعبة القط والفأر والتي لم تنته طالما كان هناك انحدار أخلاقي، ونقص كبير في التوعية في نمط الاستفادة من مزايا وإيجابيات شبكة الإنترنت خاضة وان الكثيرون يرون أن مواقع التواصل الاجتماعى العالمية ،وعلى رأسها موقع الفيسبوك وتوتير واليوتيوب ، أصبحت إحدى الأدوات المهمة للتعبير عن حرية الرأي ونقل وقائع الشارع المصري ناهيك عن التكلفة المالية لحجب هذه الموقع.
فى النهاية نؤكد أن غياب التوعية الفعالة والرشيدة لبعض المستخدمين أثناء اتصالهم بشبكة الإنترنت هو حجر الزاوية الرئيسي عند الرغبة في تحجيم ظاهرة الانحراف الأخلاقي او نشر الافكار المتطرفة والاخبار المغلوطة عبر شبكة الإنترنت .