بقلم : خالد حسن
نعلم أن مبدأ التدخل لدعم الأسعار والحد من تقلبات الأسواق يتنافى مع ما ننادي به من تفعيل آليات السوق والتفاعل مع الاقتصاد العالمي حيث يشعر المستهلك النهائي عادة أن الأسعار المحلية لا تعبر عن حقيقة الأوضاع في الأسواق العالمية .
ولكن ماذا عن التكافل الاجتماعي بين العاملين في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في حالة حدوث كوارث أو أزمات على غرار الفترة الراهنة لجائحة فيروس كورونا المستجد " كوفيد _ 19 " والتي من الممكن أن تؤدي إلى العديد من حالات الإفلاس وخروج بعض الشركات من السوق فمن المعروف أن هذا القطاع يعد من أكثر القطاعات ارتباطا بالتقلبات في الأسواق العالمية والأكثر تأثرا بالتغيرات الاقتصادية نظرا لكون 80 % من مكونات قطاع المعلومات المحلي يتم الاعتماد فيها على الخارج بشكل أساسي .
ومؤخرا قال محمد سعفان ـ وزير القوى العاملة، إن صندوق" إعانات الطوارئ للعمال بالوزارة " قام بصرف الدفعة الأولي من إعانات الطوارئ للعاملين من قطاع السياحة وتصل إلي 57 مليونا، لنحو 49 ألف عامل يعملون في 205 منشآت متضررة من فيروس "كورونا" المستجد، وذلك بنسبة 100% من الأجر الأساسي للعاملين، وهو الحد الذي قام صاحب العمل بالتأمين عليهم به والمثبت في التأمينات بحد أدنى 600 جنيه ، تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بصرف مرتبات العمالة المنتظمة بقطاع السياحة المتضررة من "كوفيد-19 " موضحا أن أعداد المتقدمين بقطاع السياحة للصندوق لصرف الإعانات لهم لتضررهم من وباء كورونا وصل حتي الآن 3800 منشأة، وجاري استكمال بياناتهم تمهيدا للصرف.
والمعروف أن صندوق "إعانات الطوارئ " بوزارة القوى العاملة تم إنشاؤه عام 2002 بغرض مساندة المنشآت في الظروف الاقتصادية التي ألمت بها حتى تتخطى الأزمات واستمرار الإنتاج، وبالتالي زيادة الاستثمارات وتحقيق التنمية الاقتصادية، وتعويض العمال في المنشآت المتعثرة وغير القادرة على صرف أجورهم ومساعدتهم على مواجهة متطلبات المعيشة لحين تحسن الأحوال المالية للمنشأة.
وفي الحقيقة لا أعلم مدى أحقية العاملين في قطاع تكنولوجيا المعلومات من الاستفادة من هذا الصندوق باعتباره أحد القطاعات المتضررة من تداعيات فيروس " كورونا " وفقا لقرار الحكومة المصرية بتحديد أهم القطاعات المتضررة من الوباء .
ثانيا ما هي إمكانية إنشاء صندوق للإعانات للعاملين في مجال تكنولوجيا المعلومات ؟ ليكون أحد أهم أدوات المساندة والتكافل الاجتماعي لهذا القطاع على أن يتم بحث تمويله بتحديد نسبة 2% من العقود التي تفوز بها الشركات التكنولوجية العالمية والمحلية من المناقصات والمزايدات الحكومية بحيث تدفع الشركات 1 % وتدفع الجهات الحكومية 1 % وذلك للحفاظ على هذه العمالة النادرة والمتميزة في قطاع التكنولوجيا والتي تحتاج إلى استثمارات مالية ووقت طويل لتأهيلها وصقل مهاراتها .
ولعله من المهم أن نتساءل أيضا لماذا لا تقوم الكيانات المعنية ، الحكومية والأهلية ، بإنشاء صندوق " موازنة أسعار " لا يتدخل في تحديد السعر النهائي للمستخدم سواء صعودا أو هبوطا وإنما يهدف في المقام الأول إلى حماية العاملين في هذا المجال من الآثار السلبية والتقلبات العنيفة التي تشهدها السوق العالمية للمعلومات كانخفاض الأسعار بشكل كبير في أحد المنتجات التكنولوجية " وتوافر مخزون كمى كبير من تلك المنتجات بالسوق المحلية " مما يعني خسائر مالية كبيرة كذلك في حالة ارتفاع أسعار بعض المنتجات لأسباب خارجة عن إرادة شركات المعلومات والتي تكون مرتبطة بعقود توريد مع بعض الجهات بأسعار مسبقة " مثل ارتفاع أسعار الدولار واليورو أمام الجنية " أو تعرض بعض الدول لكوارث مثل زلزال اليابان وتأثير على بعض مكونات الكمبيوتر .
في اعتقادي ستكون أحد مهام هذا الصندوق العمل على إيجاد حلول فورية لشركات التكنولوجيا والاتصالات المحلية التى تواجه بعض تحديات مثل انخفاض الطلب على منتجاتها ، على غرار الاضطرابات السياسية التى يشهدها الوطن والعالم حاليا ، أو صعوبات في تحصيل مستحقاتها المالية لدى بعض الجهات ، سواء الحكومية أو الخاصة ، أو حتى تأثر العملية الإنتاجية بسبب فرض ساعات حظر التجوال ، كما تواجه حاليا شركات الكول سنتر ، أو تعثرت هذه الشركات لسداد رواتب الكوادر البشرية والعاملين بها ، والتى تشكل 85 % من ميزانياتها ، على ان تتميز هذه الحلول بالسرعة في مساندة شركات التكنولوجيا والبعد عن مفهوم الدراسة واللجان المشكلة والبحث والتدقيق فالمطلوب هو توفير مساعدة عاجلة للاحتفاظ بدوران عجلة الانتاج وليس الانتظار لتوقفها ثم البحث عن اعادة تشغيلها .
في تصوري أن إقامة مثل هذا الصندوق يتطلب الإجابة على عدد من التساؤلات لعل أولها كيفية تطبيق فكرة هذا الصندوق فهل ستشمل كل الشركات العاملة في مجال تكنولوجيا المعلومات ، التي لديها سجل تجاري ، أنواع السلع الموجودة بسوق المعلومات والاتصالات " مكونات أجهزة كمبيوتر ومعدات الاتصالات – برامج وتطبيقات " ؟ وهل يمكن أن تنضم إليه الخدمات الاستشارية باعتبارها أحد أهم الأنشطة الجديدة في الوقت الحالي ؟ كذلك كيف يمكن تدبير الموارد المالية لهذا الصندوق ، اشتراكات الأعضاء بالصندوق أم تبرعات من بعض الجهات المانحة أم تبرعات تخصم من الوعاء الضريبي أم دعم من الدولة ؟ وهل ستكون هناك حدود قصوى أو نسبة محددة للتعويضات التى يقوم بتحملها الصندوق بسبب الخسائر التجارية ؟
كذلك تثار تساؤلات حول الخسائر الناجمة عن أخطاء شخصية للتاجر أو المنتج ، بغض النظر عن كل الأخطار الأخرى المتعلقة بالنشاط التجاري، فهل سيتحملها الصندوق ؟ أم تقتصر مسئوليته عن الأخطار الناجمة على تقلبات الأسعار فقط والأزمات الاقتصادية والكوارث الطبيعية ؟
اعلم أن هناك صندوقا يطلق عليه " صندوق الخدمة الشاملة " تابع للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات ، بوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يهدف إلى تقديم الدعم المالي للشركات التي تقوم بجهود تنموية فى مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ولكن لا تحقق عائدا اقتصاديا فى الوقت الحالي ويتم تعويضها من هذا الصندوق ولكن حتى الآن لا أعلم إذا كانت هناك أى استفادة بالفعل من هذا الصندوق في ظل هذه الأزمة الراهية لفيروس " كورونا "؟ ولماذا لا تتم الاستفادة من الموارد المالية لهذا الصندوق لإنقاذ شركات التكنولوجيا ، ولاسيما الصغيرة والمتوسطة ، من شبح الانهيار ؟