الاقتصاد المصرى بين المطرقة والسندان

  • بقلم : أيمن صلاح

    صدر منذ أيام تقرير عن الموقع الاقتصادى العالمى (Insider Monkey) عن أكثر دول العالم ثراءا من حيث صافى الثروة فى العام الماضى 2022، ووضع التقرير مصر فى المرتبة الثانية والثلاثين عالميا والثانية عربيا بثروة مقدارها تريليون وأربعمائة مليار دولار، وفى الوقت ذاته لم يوضح التقرير المعايير التى اعتمد عليها التصنيف وأيضا لم يوضح مصادر هذه الثروة التى وضعت مصر فى ذلك التقييم المتقدم عالميا رغم ما يعانيه الاقتصاد المصرى من أزمات كبيرة بدأت مع نهاية الربع الأول من عام 2022.

    التقرير بصفة عامة يعبر وبصورة حاسمة عن قدرة أى دولة على تحمل الديون والحفاظ على الانفاق، وعندما يضع هذا التقرير مصر فى هذة المرتبة المتقدمة بينما تقوم بقية الوكالات الدولية بتخفيض تصنيف مصر الائتمانى وسط عدم قدرتها على سداد التزاماتها للدائنين فان ذلك يعتبر تضاربا يفتقد التفسير.

    ثروات دولة ما تأتى بالأساس من صافى دخلها القومى الناتج عن نشاط اقتصادى ما سواءا كان صناعيا أو زراعيا أو خدميا، وهناك نماذج كثيرة لمثل هذه النشاطات الاقتصادية فى كل دول العالم التى تجعل الدولة من أكثر الدول ثراءا بداية من الولايات المتحدة الأمريكية المتميزة صناعيا وزراعيا وتتصدر الترتيب الصادر فى التقرير وانتهاءا بالمملكة العربية السعودية المتصدرة عربيا والمتميزة خدميا، ولكن مصر لا تمتلك حتى وقتنا هذا تلك القاعدة الاقتصادية المتميزة فى هذه النشاطات الاقتصادية حتى توضع فى مصاف الدول الثرية. فمن أين أتت تلك الثروة التى ذكرها التقرير!!

    أظن أن التقرير قد اعتمد على ثروة مصر العقارية فى تقدير ثروتها الاجمالية وهى ثروة هائلة لا شك عبر التاريخ وموروثة عن الاجداد بل أن الثروة العقارية المصرية قد تم تنميتها بنسبة 25% فى العشر سنوات الأخيرة مما يعطى زخما اقتصاديا ثريا لقطاع العقارات فى مصر، ويبقى السؤال: وهل هذا يكفى لنمو الاقتصاد المصرى وتخطى كبواته؟؟ والاجابة قطعية النفى.

    نعلم جميعا وببساطة شديدة ان نمو الاقتصاد لن يأتى الا عن طريق الانتاج أيا كان نوع هذا الانتاج صناعيا او زراعيا أو حتى خدميا، وما أستطيع قوله من وجهة نظرى اننا فى مصر نفتقد وبشدة الى وضع استراتيجة عامة للدولة تنبثق عنها أهدافا محددة لوضع مصر على الطريق الصحيح للنمو الاقتصادى، أرى أننا نعتمد على مبادرات فردية للنمو فى قطاع ما دونما استراتيجة محددة أو حتى دراسات جدوى معتبرة توفر على مصر اهدار ثرواتها فيما لا طائل منه. هل فكرنا مثلا فى تحويل جزء ولو بسيط من ثروة مصر العقارية الى ثورة صناعية بعد دراسة متأنية بما يتناسب مع قدرات مصر الصناعية وبما يضعها على طريق التنمية المستدامة بدلا من اللجوء الى صندوق النقد الدولى الذى أنهك قدرات مصر المالية بالديون بشروط مجحفة أودت بالجنيه المصرى كعملة الى غياهب الظلمات فى وقت لا يمكن لنا بأى حال من الأحوال أن نغفل الأهداف السياسية لتلك المؤسسة تجاه مصر بعد فشل المسار السياسى الغربى لهدم الدولة المصرية فى العقد الأخير فتم التحول الى منحى آخر وهو المسار الاقتصادى لتحقيق نفس الهدف عن طريق ذلك الصندوق ذى الأهداف السياسية التى لا يمكن فصلها عن الأهداف الاقتصادية.

    ان مصر تمتلك من الثروات ما يجعلها فى مصاف العشر دول الأكثر ثراءا فى العالم وليس الثلاثين كما هو الحال الآن، وهذا ليس مجرد كلام مرسل ولكنه واقع عملى بحسب الثروات البشرية والتاريخية والانتاجية، ولكن هذا لن يتأتى الا بقيادة اقتصادية رشيدة تأخذ بالعلم والدراسة ووضع الاستراتيجيات الصحيحة فى كل المجالات الصناعية والزراعية والسياحية حتى نضع مصرنا فى مكانها الطبيعى الذى تستحقه بين دول العالم.

     

    تحيا مصر ......................



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن