فرص جديدة أمام الصين والدول العربية لتطوير التكنولوجيا والاقتصاد الرقميين في عصر ما بعد جائحة كورونا
Saturday 9 May 2020 13:59 - السبت ١٧ رمضان ١٤٤١
كتب : نهله مقلد
لم يؤد انتشار فيروس كورونا الجديد المسبب لكوفيد-19 إلى أزمة الصحة العامة في العالم فحسب، بل تسبب أيضا بتعديل وتغيير الهيكل الاقتصادي العالمي في عصر "ما بعد الجائحة". وفي هذا الوضع، بات التمسك بتطوير "إنترنت الأشياء" وتسريع بناء البنية التحتية للاقتصاد الرقمي بالإضافة إلى تعزيز التنمية عالية الجودة وفعالية التكنولوجيا والاقتصاد الرقميين اتجاها لا رجعة عنه.
ويشير الاقتصاد الرقمي إلى سلسلة الأنشطة الاقتصادية التي تستخدم المعرفة والمعلومات والتكنولوجيا الرقمية كعوامل إنتاج رئيسية، وتعتبر شبكات المعلومات الحديثة كناقل مهم، ويعتمد على فعالية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كقوة دافعة لتحسين الكفاءة وتحسين الهيكل الاقتصادي.
وقد أكدت الحملة العالمية الجارية ضد جائحة فيروس كورونا الجديد على المنافع الكبيرة والآفاق الواسعة للاتصالات المعلوماتية والتكنولوجيا الرقمية. إذ أن تطبيق الجيل الجديد من ذلك لا يساعد بشكل فعال على احتواء انتشار الفيروس واستئناف الإنتاج فحسب، بل يوسع أيضا المساحة والنموذج الجديدين لاستهلاك المعلومات، وبالتالي تعزيز الثقة في تنمية الاقتصاد الرقمي.
-- التكنولوجيا الرقمية تلعب دورا هاما في مكافحة الجائحة لقد تسبب الفيروس المفاجئ بتأثيرات كبيرة على العمليات الاقتصادية والاجتماعية سواء في الصين أو #الدول_العربية. اتخذت #الصين قرارا بإغلاق مدينة ووهان، مركز انتشار الفيروس في الصين، في بداية التفشي، وفرضت القيود على السفر والحركة.
وبعد تفاقم الوباء فى المنطقة، أدخلت معظم الدول العربية إجراءات احترازية، بما في ذلك حظر التجول ودعوة المواطنين إلى البقاء في المنزل. وخلال هذه الفترة العصيبة والحملة العالمية لمكافحة العدو المشترك للبشرية، تلعب التكنولوجيا الرقمية مثل خدمة توصيل الطلبات إلى المنازل، وتطبيقات تتبع المخالطين عبر الهواتف الذكية، دورا مهما في تسيير حياة الناس اليومية والمساهمة في احتواء الفيروس، بالإضافة إلى تسريع عملية إعادة الإنتاج.
ومنذ أواخر فبراير، أطلقت الصين "رمز الصحة" على الهاتف الذكي بناء على البيانات الصحية وتحركات سفر المواطنين. ويقوم التطبيق بتصنيف الأشخاص حسب ثلاثة ألوان، الأخضر والأصفر والأحمر. ويشير الرمز الأخضر إلى سلامة هذا الشخص وبإمكانه أن يحيا حياة طبيعية، بينما يشير الرمز الأصفر إلى أن حامله بحاجة إلى الحجر المنزلي لمدة 7 أيام، أما الرمز الأحمر فيشير إلى أن هذا الشخص بحاجة إلى الحجر المنزلي 14 يوما، مما يساعد المواطنين على معرفة أحوالهم الصحية وتقديم الرمز كـ"جواز مرور" عند دخول متاجر السوبر ماركت والصيدليات والمجمعات السكنية وغيرها من الأماكن العامة، مما أثبت التفكير الحكومي المبتكر في إدارة حالة الطوارئ الصحية العامة. علاوة على ذلك، أجرى الخبراء الصينيين اتصالات واجتماعات عبر الفيديو مع خبراء ومسؤولين صحيين من دول عربية عدة، بما في ذلك السعودية ولبنان والعراق وسوريا.. إلخ.
وقد جسرت تقنيات الاتصال المطورة هذه الفجوة الجغرافية الشاسعة بين الجانبين، وخدمت كمنصات للتشاور بشأن طبيعة انتشار المرض والتعامل مع الحالات المستعصية وتبادل الخبرات بشأن أفضل وسائل الوقاية والعلاج .
وفي الإمارات، أطلقت الحكومة منصة جديدة لتتبع السياسات والمبادرات المبتكرة التي تتبناها الدول في أنحاء العالم لمكافحة فيروس كورونا الجديد.
وتعد هذه أول منصة من نوعها في العالم العربي. وفي نفس الوقت، حولت أزمة الفيروس سوق المباركية التراثي، الوجهة السياحية الأولى للكويتيين وغيرهم خلال العطلات، إلى متجر الكتروني يقدم خدماته للزبائن عبر شبكة الانترنت. وأصبح بإمكان الزبون من خلال الموقع الالكتروني لسوق "المباركية ستور"، أن يطلب ما يريد من المنتجات التي تعوّد على شرائها.
وكجزء مهم من تدابير الحد من انتشار الوباء، اتخذت الدول العربية سياسات "التعليم عن بعد" للحد من حضور التلاميذ والطلاب وتجنب الاختلاط الاجتماعي في المدارس أو الجامعات.
وقد قامت وزارة التربية والتعليم المصرية بتقديم منصة "إدمودو" للتعليم عن بعد لأكثر من 22 مليون تلميذ وطالب وأكثر من مليون معلم في عموم البلاد، لتوفير الدعم خلال تعليق الفصول الدراسية.
ويتوقع أن تستمر المنصة في توفير خدماتها التعليمية عن بعد في المستقبل. -- الاقتصاد الرقمي يستقبل عصرا جديدا من التنمية وغالبا ما تشبه البيانات بـ"بترول القرن الحادي والعشرين".
ووسط الأزمة الصحية العامة الناجمة عن فيروس كورونا الجديد، ثبت أن البيانات الرقمية قادرة على حل المشاكل التي يواجهها الاقتصاد الحقيقي خلال هذه الفترة الاستثنائية الراهنة، وبالتالي تعزيز الابتكار التكنولوجي ودفع تقدم المجتمع البشري، وتحفيز تنمية الاقتصاد الحقيقي الفائق الجودة.
وتولي الصين والدول العربية أهمية لتطوير التكنولوجيا الرقمية والاقتصاد الرقمي وتنفيذ التعاون العملي في هذا الصدد.
وقد أطلقت قطر تجربة نظام النقل السريع الأوتوماتيكي، وهي وسيلة نقل مبتكرة وعصرية وصديقة تستخدم نظام التحكم الذكي، طورته شركة ((سي آر آر سي)) الصينية المتخصصة في صناعة السكك الحديدية في العاصمة الدوحة.
ويستخدم القطار الذكي الرائد تقنية السير على خطوط سكك حديدية افتراضية، وقد طورته الشركة الصينية بشكل مستقل. ويسعى برنامج تعاون القطار الذكي إلى تلبية احتياجات خدمات المواصلات خلال كأس العالم بقطر عام 2022، وسد الحاجات الاستراتيجية للمواصلات السريعة في المناطق الحضرية القطرية، كما سيساعد على تنويع وسائل المواصلات وتحسين جودتها في البلاد، وتحقيق التوازن الاقتصادي والبيئي في مشاريع البنية التحتية.
كما وقعت شركة ((هواوي)) الصينية مع بعض شركات الاتصالات بالدول العربية، بما فيها شركة فيفا البحرينية للاتصالات (أس تي سي حاليا) مذكرة تفاهم بشأن توفير خدمات الجيل الخامس للعملاء في جميع أنحاء البحرين، وتوثيق التعاون بشأن تطوير تكنولوجيا الجيل الخامس وتقاسم منافع التكنولوجيا والاقتصاد الرقميين. وفي السنوات الأخيرة، ضرب موقع التسوق العابر للحدود ((جولي شيك)) الذي أسسته شركة ((تشييو)) الصينية بجذوره في أسواق الشرق الأوسط عن طريق البناء المشترك لطريق الحرير الرقمي.
وتعتمد الشركة على نظامها التسويقي والعملياتي الذكي، مستخدمة تقنيات الذكاء الاصطناعي والبيانات الكبيرة، لإجراء التسوق الدقيق.
وصار موقعها أحد أكثر مواقع التسوق استقبالا في الشرق الأوسط، لما تقدمه الشركة من أكثر وأفضل خيارات التسوق للمستخدمين في المنطقة.
وبينما يرى خبراء الاقتصاد في العالم أن جائحة فيروس كورونا الجديد من المرجح أن تتسبب في ركود اقتصادي في معظم البلدان وتعرض النموذج التجاري التقليدي لتأثيرات مدمرة وخسائر كبيرة في هذه الفترة الخاصة، إلا أنها على الجانب الآخر تحفز تحويل نماذج الأعمال وتطوير الاقتصاد الرقمي، مما يضع التكنولوجيا والاقتصاد الرقميين أمام فرصة جديدة للتنمية في عصر ما بعد انتشار الجائحة.