بقلم : أيمن صلاح
لست من المتابعين الشغوفين للمسلسلات الرمضانية نظرا لضيق وقتى فى شهر رمضان المبارك، الا أن ذلك لم يمنعنى من متابعة تلك النوعية من المسلسلات التى تستهوينى والتى تتميز بالسرد التاريخى لوقائع واحداث وطنية حقيقية فى ظل حبكة درامية متقنة تبرز دور القوى الناعمة التى دائما ما نتحدث عنها كأهم الوسائل للتعبير عن حقيقة مصر ومجتمعها ومؤسساتها الوطنية.
ولم أجد فى هذا الشهر الكريم الذى أدعو الله سبحانه وتعالى أن يعيده على مصر وشعبها الطيب الأصيل أعواما كثيرة وأزمنة مديدة بكل خير ونعمة وازدهار، لم أجد أفضل من مسلسلى (الاختيار 2) و (هجمة مرتدة) للمتابعة حيث أن كلا المسلسلين يرسم الصورة الصحيحة لكثير من أحداث مصر الحقيقية فى سنوات أعتبرها من أصعب وأخطر المراحل التى مرت بمصر فى عصرها الحديث سواءا فيما سبق ثورة الخامس والعشرين من يناير أو حتى ما تلاها من أحداث نعيشها حتى وقتنا هذا.
لقد استطاعت الدراما المصرية متمثلة فى هذين المسلسلين وبذكاء شديد تجسيد العديد من الأحداث وتوضيح حقائق ربما كانت غائبة عن قطاعات عريضة من الشعب المصرى وخاصة شريحة الشباب منه والذين أزعم أن هذين المسلسلين قد أزالا الكثير من الأباطيل وغيرا العديد من المفاهيم المغلوطة التى غزت عقول هؤلاء الشباب فى فترات سابقة نتيجة لاعلام مناوىء خائن وغادر وربما لاعلام داخلى وطنى قاصر، وأتمنى أن يكون الناتج عن هذين المسلسلين هو زيادة الوعى والحس الوطنى لدى شباب مصر خاصة وكل الشعب المصرى عامة.
لقد استطاع مسلسل (الاختيار 2) وبأدق التفاصيل توصيف ما كان يحدث على جبهة المواجهة الداخلية التى قادها رجال الشرطة وبخاصة رجال وأبطال الأمن الوطنى ضد قوى الشر والارهاب متمثلة فى جماعة الاخوان الارهابية ومن والاهم من جماعات مسلحة أخرى فى ظل تخطيط تآمرى من قياداتهم بالداخل والخارج بتعاون وتنسيق ودعم كامل من أجهزة أمنية أجنبية، وأبرز المسلسل أيضا العديد من قصص البطولات لرجال الشرطة المصرية تماما كما أبرز الجزء الأول من المسلسل (الاختيار) فى رمضان من العام الماضى القصص البطولية لرجال القوات المسلحة المصرية، ولعل أهم ما استرعى انتباهى فى هذا المسلسل هو الوصف الموثق والدقيق لفض اعتصام رابعة المشؤوم الذى جلب على مصر الكثير من القلاقل وغياب الأمن فى ظل تجمع عدد هائل من الارهابيين فى بؤرة بعينها، وفى هذا السياق نحمد الله العلى القدير أن صان وأنقذ مصر من مصير حالك الظلام على يد رجال مصر من الجيش والشرطة وندعوه ونبتهل اليه أن يتغمد شهداءنا بواسع رحمته.
وعلى جانب آخر فان مسلسل (هجمة مرتدة) يسرد أحداثا حقيقية من ملفات المخابرات العامة المصرية توضح المؤامرة الكبرى التى حيكت من قبل أجهزة استخباراتية ومن قبل دول معادية مستهدفة دول عربية فى الشرق الأوسط وفى القلب منها مصر من أجل تحقيق أهداف امبريالية فى المنطقة بأسرها للوصول الى ما يسمى بشرق أوسط جديد يحقق أحلام وطموحات تلك القوى الامبريالية، ولولا جهاز المخابرات العامة المصرية الذى يعتبر من أقوى أجهزة الاستخبارات فى العالم وتصديه لتلك المؤامرة الكبرى لتحقق ذلك الهدف ولضاعت مصر، وعندما تربط جميع الأحداث فى المسلسلين معا تتضح وبسهولة بالغة الصورة التى كانت عليها مصر قبل وأثناء وبعد الخامس والعشرين من يناير، تلك الصورة التى كانت ربما غائبة عن عقول ووجدان بعض من أبناء مصر الذين قد يكونون عاشوا فترة من الضبابية الفكرية أتمنى أن يكون هذين المسلسلين قد أزالا تلك الضبابية واستطاعا استجلاء الحقائق المجردة واستبيان الأحداث المتداخلة التى قد تكون غير مفهومة أو واضحة وقت حدوثها.
ليس لدى أدنى شك أن الدراما وجميع شرائح القوى الناعمة المصرية قادرة على دحض أكاذيب وضلالات قوى الشر المعادية لبلادنا، وقادرة أيضا على بناء وعى شعبى وطنى سليم لدى كل أبناء مصر وخاصة شريحة الشباب منهم الذى يمثل المستقبل الذى سيبنى هذا البلد.
تحيا مصر ......................