مع ارتفاعها بمتوسط 30% في عام 2021 شركات "الزومبي" تتحدى الإفلاس في ظل انتعاش أسهم "الميم"

  • شركات الزومبي الأمريكية تراكم تريليوني دولار ديوناً ... وجائحة "كورونا " يضاعف من خسائرها

    كتب : باسل خالد – محمد الخولى

    كانت فيما مضى جبابرة الشركات في أمريكا. الأسماء المحبوبة في المنازل، دراسات حالات نجاحلكنهم الآن يبدون بازدياد مثل شيء آخر "زومبي". وأرقامهم تتراجع.

    من بوينغ، كارنيفال، ودلتا، وإيرلاينز، وإكسون موبيل، وموبيل، وماسي، حيث العديد من الشركات الأسطورية في البلاد التي لا تكسب ما يكفي لتغطية تكاليف الفائدة (وهو معيار رئيسي يُطلق عليه معظم خبراء السوق اسم حالة الزومبي).

    ومنذ بدء وباء " كورونا "، انضم أكثر من 200 شركة إلى قائمة ما يسمى بشركات الزومبي، وفقاً لمحللي "بلومبرغ" ، ومن بين أضخم 3 آلاف شركة في البلاد يتم تداول أسهمها في أسواق المال، تمثل شركات الزومبي الآن حوالي ربع هذه الشركات. ومن الصادم أكثر أنها أضافت أكثر من تريليون دولار من الديون إلى ميزانياتها الختامية في تلك الأثناء، ما يرفع إجمالي التزاماتها إلى 1.98 تريليون دولار، مقارنة بحوالي 1.58 تريليون دولار كانت تدين بها شركات الزومبي في ذروة الأزمة المالية.

    مساعدة الشركات المتعثرة

    كانت العواقب على التعافي الاقتصادي الأمريكي عميقة. ولعل جهود الاحتياطي الفيدرالي لمنع سلسلة من حالات الإفلاس من خلال شراء لسندات مؤسساتية تمكنت من منع حدوث كساد آخر. لكن مساعدة مئات الشركات المتعثرة في الوصول السهل إلى أسواق الائتمان قد يجعل صناع السياسات، عن غير قصد، يوجهون تدفق رأس المال إلى الشركات غير المنتجة، ما سيضر بالتوظيف والنمو لسنوات قادمة، وفقاً لخبراء الاقتصاد.

    الاحتياطي الفيدرالي

    قال تورستين سلوك، كبير الخبراء الاقتصاديين في أبولو غلوبال مانجمنت: "وصلنا إلى نقطة علينا أن نسأل فيها، ما هي العواقب غير المقصودة؟ قرر الاحتياطي الفيدرالي التدخل لأسباب تتعلق بالاستقرار. إنهم يعرفون أنهم سيتسببون في تحويل هذه الشركات إلى زومبي. الآن أصبحت الأسئلة المطروحة: ماذا عن الشركات التي أُبقيت على قيد الحياة والتي كانت لولا ذلك ستخرج من السوق؟"

    وبينما يترافق مصطلح شركات الزومبي غالباً مع اليابان في التسعينيات وأوروبا بعد الأزمة أو حتى الصين في السنوات الأخيرة، فإنها تزداد في الولايات المتحدة منذ أكثر من عقد.

    تحصل شركات الزومبي على هذا اللقب بسبب ميلها إلى التعثر وعدم قدرتها على كسب ما يكفي لتسديد التزاماتها، لكنها لا تزال قادرة على الوصول بسهولة إلى الائتمان لتدوير ديونها. لذلك تعد عبئاً على الاقتصاد لأنها تبقي الأصول مرتبطة بالشركات التي لا يمكنها تحمل نفقة الاستثمار وبناء أعمالها.

    الديون

    شركات الزومبي هي شركات مثقلة بالديون، لا يكفي دخلها إلا لتغطية النفقات الثابتة مثل الأجور أو الإيجار ودفع فوائد القروض، دون أن تكون قادرة على سداد الدَّين نفسه، وهي تعتمد بشكل أساسي على القروض البنكية لضمان بقائها.

    يبدو أنَّ كتب تمويل الشركات تحتاج إلى إضافة فصل خاص لما بات يعرف حالياً بشركات الـ"ميم"، ففي الوقت الراهن لم يعد كونك على شفا الإفلاس أمراً يستحق الاهتمام كثيراً في سوق الأسهم الأمريكية، لكنَّه قد يبدو كأنَّه بداية حكاية تحذيرية حول حالة الاستثمار في عام 2021، إلا أنَّ الواقع كان يتسمُّ بالغرابة الى حدٍّ بعيد.

    قدَّم مستخدمو موقع "ريديت" عروض شراء لأسهم شركة " أيه أم سي إنترتيتمنت هولدينغز إنك" (AMC Entertainment Holdings Inc.)، وشركة "غيم ستوب كورب" (GameStop Corp.) لدرجة أنَّهم أنقذوا الشركتين - في الوقت الحالي، على الأقل - من مشكلات عميقة.

    إنَّها ليست الشركات المضطربة الوحيدة التي يحاول مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي لإحداث أثر السحر عليها. في مقياس واسع للأسهم الأمريكية يُعرف باسم مؤشر "راسل 3000"، هناك 726 شركة لا تغطي أرباحها مدفوعات الفائدة، وهو ما يعدُّ تحذيراً للمستثمرين المحترفين.

    ووفقاً للبيانات التي جمعتها وكالة "بلومبرغ". ارتفعت أسهم شركات "الزومبي" هذه بمتوسط ​​30 % في عام 2021 - متجاوزةً عائد 13% لإجمالي المؤشر بأكمله، وتضاعفت قيمة 41 سهماً منهم منذ عشية رأس السنة الجديدة.

    مصبر الأسهم ..والتواصل الاجتماعي

    كما أنَّ التحذيرات الصارخة بوضوح لا يبدو أنَّها موثقة، فقد أفادت وكالة "بلومبرغ" في 24 مايو الماضي أنَّ خطة الإفلاس قيد الدراسة من قبل شركة "جي تي تي كوميونيكيشنز إنك " (GTT Communications Inc.) ستقضي على المساهمين، وهو أمر معتاد في حالات الفصل 11 (لقانون الحماية من الدائنين). ومع ذلك، ارتفع سهم الشركة بنحو 69 % منذ ذلك الحين.

    بدأت "وول ستريت" تأخذ في الاعتبار تأثير المضاربين على إثارة الحماس للأسهم على وسائل التواصل الاجتماعي، وسلاسل تعليقات موقع "ريديت". يوجد لدى شركة دور عرض السينما " أيه أم سي"، التي كانت على وشكِّ الإفلاس العام الماضي، طريقاً لهيكل رأسمال مستدام حالياً، وفقاً لشركة "ستنادرد آند بورز غلوبال ريتنغز" للتصنيفات الائتمانية.

    يرجع ذلك جزئيا إلى قدرتها على بيع أسهم جديدة وسط طلب كبير من المستثمرين الأفراد. أصبحت شركة "غيم ستوب" لبيع ألعاب الفيديو بالتجزئة خالية من الديون للسبب ذاته.

    الافلاس

    وقال "بن بريغز"، محلل ائتمان في شركة "ستونكس فاينانشال إنك " (StoneX Financial Inc.): "عند النظر إلى ديون جهات إصدار معينة، يصبح من الصعب عدم مراعاة تقييمات الأسهم التي قد تبدو متضخمة بسبب التداول الذي يحرِّكه موقع "ريديت"، خاصةً أنَّ الشركات مثل شركة " أيه أم سي" قادرة على تحويل هذه التقييمات إلى سيولة مالية".

    في حالة الإفلاس، يكون المساهمون آخر من يسترد الثمن، وذلك فقط بعد سداد جميع حاملي الديون. ومع ذلك، ما زال المستثمرون يتكدَّسون في أسهم أسماء الشركات المتعثرة؛ حتى الشركات التي هي بالفعل في طور إجراءات طلب الحماية من الإفلاس. وقد ارتفعت شركة "ميدلي مانجمنت إنك" (Medley Management Inc.) خلال هذا الشهر. قدَّمت شركة الديون الخاصة للشركة طلباً للحماية من الدائنين بموجب الفصل 11 في شهر مارس الماضي مع خطط لسداد ديونها باستخدام أسهم جديدة.

    وقف طرح الأسهم

    يمكن لمتفائلي موقع "ريديت" توجيه نظرهم صوب أكثر من مجرَّد شركة " أيه أم سي" وشركة " غيم ستوب"، في حين كان نجاة شركة تأجير السيارات "هيرتز غلوبال هولدينغز إنك" (Hertz Global Holdings Inc.) موضع تساؤل قبل عام. حاولت بيع الأسهم لدعم نفسها، لكنَّها اعترفت أنَّها قد تكون عديمة القيمة، مما دفع لجنة الأوراق المالية والبورصات إلى منع عملية طرح الأسهم. لكن انتهت إعادة الهيكلة بموجب الفصل 11 بإعادة قيمة الأسهم إلى المساهمين، وهو ما لا يحدث أبداً تقريباً.

    استحوذت الارتفاعات في أسهم شركة " أيه أم سي"، وشركة "جيم ستوب" على اهتمام الجمهور ، لكنَّ أسواق الائتمان تحرَّكت أيضاً. لم يعد لدى شركة "غيم ستوب" ديون، لكنَّ سندات شركة " أيه أم سي" تعافت بطريقة كبيرة. كانت سنداتها البالغة ذات العائد 12 % المستحقة في عام 2026 محبطة للغاية في نوفمبر عند مستوى 5 سنتات على الدولار الواحد. لقد أدى التحوُّل المذهل إلى جعلهم أعلى بقليل من المستوى الآن.

    تحقيق الايرادات

    ليس من قبيل المصادفة أن بعض الشركات الأكثر اضطراباً هي الآن الأكثر استفادة من الارتفاعات المدفوعة بالبيع بالتجزئة. كانت أعباء الديون الضخمة، إلى جانب التأثير المدمِّر الذي أحدثه وباء مرض كوفيد-19 على قدرتهم على تحقيق الإيرادات، من بين الأسباب التي أدت إلى تراجع الشراء لأسهمها في المقام الأول. استهدف مستخدمو موقع "ريديت" على وجه التحديد الأسهم برهانات ضخمة عليها.

    قال "جورج شولتز"، الرئيس التنفيذي لشركة "شولتز أسيت مانجمنت" (Schultze Asset Management): " تُغيِّر الارتفاعات المرتبطة بموقع "ريديت" على نحو طفيف الطريقة التي نتعامل بها مع الاستثمارات، تعدُّ ديناميكية هذه الارتفاعات مثيرة للاهتمام بالتأكيد، ومن الواضح أنَّها علامة على السيولة الزائدة التي تتدفَّق في السوق .

    قصص العودة

    بالطبع، لا يكون مصير كل شركة تصبح شركة زومبي البقاء ضمن ذلك الوضع إلى الأبد. هناك الكثير من قصص العودة، بدءاً من بوسطن "ساينتفيك غروب" وحتى "سبرينت كورب". هناك العديد من الشركات التي تبخرت عائداتها بسبب انتشار فيروس كورونا ومن المحتمل أن تتعافى ما إن يسمح اللقاح للاقتصاد العالمي بالعودة إلى حركته الطبيعية، ولن تحتاج العديد منها في النهاية كل ذلك الدين الذي جمعته.

    ومع ذلك فإن الجزء الأكبر من الاقتراض الذي قامت به الشركات المتعثرة يحد بالتأكيد من قدرة بعضها على القيام بإنفاق رأس مالي والتأقلم مع عادات المستهلكين المتغيرة، مع تعديل كوفيد 19 لكيفية إنفاق الأمريكيين لأموالهم.

    نظر محللو بلومبرغ إلى الدخل التشغيلي لاثني عشر شهراً متعاقباً للشركات في مؤشر روسيل 3000 بالعلاقة مع تكاليف الفائدة خلال الفترة نفسها.

    صورة قاتمة

    ترسم النتائج صورة قاتمة. حوالي ربع عدد الشركات المدرجة في المؤشر أو 739 شركة، لم تكسب ما يكفي للوفاء بدفعات الفائدة المترتبة على ديونها. يأتي هذا بالمقارنة مع 513 شركة في نهاية العام الماضي. يشكل مبلغ 1.98 تريليون دولار الذي يدينون به جميعاً الآن والذي يتفوق على مبلغ 1.05 تريليون دولار من الديون الذي أبلغت عنه شركات الزومبي قبل الوباء والذي دفع ميزانيتها الختامية إلى خانة الخسارة.

    شهدت "بوينغ" تضخم التزاماتها الإجمالية بأكثر من 32 مليار دولار هذا العام، في حين ازداد إجمالي دين "كارنيفال" بمقدار 14.8 مليار دولار، وأضافت "دلتا إيرلاينز" 24.2 مليار دولار، و"إيكسون" 16.2 مليار دولار و"ماسي" 1.2 مليار دولار وفقاً للبيانات التي جمعتها بلومبرغ.

    محكمة

    ارتفعت أسهم شركة "جي تي تي" (GTT)، وهي شركة للبنية التحتية للإنترنت، إلى أعلى مستوى خلال يوم واحد عند 4.75 دولاراً في 3 يونيو الجاري بعد هبوطها باتجاه دولار واحد. جذبت الشركة أنظار مضاربي موقع "ريديت"، الذين أشاروا إلى رأس مالها السوقي الصغير، وارتفاع بيع أسهمها على المكشوف بأقل من سعر شرائها، وتحوُّلات الأعمال السابقة للرئيس التنفيذي.

    وسَّعت الشركة مراراً وتكراراً اتفاقية تمديد مهلة السداد الخاصة بها مع المقرضين، وهو أمر جرى تفسيره في المنتديات عبر الإنترنت على أنَّه أمر حيوي، وليس جزءاً روتينياً من مفاوضات إعادة الهيكلة، وهو كذلك.

    كما اجتذبت شركة " واشنطن برايم غروب إنك" (Washington Prime Group Inc.) صاحبة مراكز التسوق التي تعاني من تداعيات الجائحة، المضاربين الأفراد، على غرار شركة "جي تي تي"، ولديها اتفاق مهلة سداد مع المقرضين، ويبدو أنَّها متجهة إلى محكمة الإفلاس.

     



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن