كتب : نهة أحمد - باسل خالد
تتعرض الأسهم الصينية لهجوم عنيف من الصين نفسها، مما تسبب في فوضى داخل الأسواق الصينية وخارجها. وسجلت أسهم التكنولوجيا الصينية المدرجة في الولايات المتحدة ، التي تبلغ قيمتها 2 تريليون دولار ، شهدت أسوأ شهر لها منذ الأزمة المالية العالمية في 2008 إذ انخفض مؤشر (Nasdaq Golden Dragon China)، الذي يتتبع الشركات التكنولوجيا الصينية المدرجة في بورصة نيويورك، بنسبة 22% خلال يوليو، مما يضعه في طريقه لأكبر انخفاض شهري له منذ 2008.
جاءت هذه التراجعات بعدما أطلقت بكين هجومًا تنظيميًا على الشركات التي تمتلك كميات كبيرة من البيانات في قطاعات التكنولوجيا والتعليم، بجانب بدء إصلاح شامل لكيفية إدراج المجموعات الصينية في أسواق الأسهم خارج البلاد كما أعلنت بكين أن جميع الشركات تقريبًا التي تحاول طرح أسهمها للاكتتاب العام في بلد آخر سوف تتطلب موافقة من جهة تنظيم الأمن السيبراني التي تم تمكينها حديثًا بمثابة ناقوس الموت للعروض العامة الأولية الصينية في الولايات المتحدة ، وفقًا لمراقبي الصناعة منذ فترة طويلة.
من جهته قال بول جيليس ـ الدكتور في كلية جوانجوا للإدارة بجامعة بكين في بكين: “من غير المرجح أن تكون هناك أي شركات صينية مدرجة في الولايات المتحدة في غضون خمس إلى عشر سنوات ، باستثناء ربما القليل من الشركات الكبيرة ذات القوائم الثانوية حيث اضطرت شركة (Ant Group)، شركة المدفوعات المنبثقة من شركة التجارة الإلكترونية العملاقة (Alibaba)، إلى إلغاء إدراج أسهمها في شنغهاي العام الماضي هى حين تمثل الهجوم الثاني فى سحب المنظمون الصينيون تطبيق (Didi)، تطبيق توصيل وطلب السيارات، من متاجر التطبيقات، بعدما جمع 4.4 مليار دولار في الطرح العام الأولي له في بورصة نيويورك في نهاية يونيو الماضي على الرغم من تحذير السلطات الصينية لهم في السر، بدعوة أنه يهدد الأمن القومي لبكين بسبب طريقة تعامله مع البيانات.
كما واجه تطبيق (Meituan)، لتوصيل الطعام المدعوم من Tencent، تحقيقات بشأن مكافحة الاحتكار، وحول طريقة تعامله مع السائقين على حين ان تتصاعد الآن المخاوف من حملة قمع أوسع للمؤسسات الخاصة، بعد الإعلان عن منع شركات التعليم الخاص من جني الأرباح وتحويلها إلى مؤسسات غير ربحية. إذ يهدد ذلك بالقضاء على سوق التعليم الخاص المُقدر بـ 100 مليار دولار. كما حظرت الصين مؤسسات التدريب التعليمية من جمع الأموال من خلال إدراج أنفسهم في أسواق البورصات الأمريكية، ومنعتهم من قبول أي رأس مال أجنبي يريد الإستثمار معهم. وتستهدف هذه الحملة بوضوح الشركات المدرجة في الولايات المتحدة.
أوضح لا نعلم ما إذا كانت الحكومة الصينية ببساطة لا تهتم بالاستثمار، وترى أن التمويل الدولي والخارجي لم يعد مفيدًا للتنمية، أم أنها تحاول جاهدة إقناع الشركات بالبعد عن إدراج أسهمها في الخارج فلا تقتصر مخاوف الأمن القومي الصيني على السيطرة على البيانات، ولكنها تخشى أيضًا هيمنة أمريكا، من خلال الدولار، على النظام المالي العالمي. فالإصرار على الاستثمار وإدراج الشركات في الأسواق الأمريكية ضد رغبة الحكومة الصينية التي تريد "فصل" اقتصادها عن الولايات المتحدة، أمر لن تصمت عنه بكين كثيرًا.
وسعت الصين، بعد هبوط الأسهم الصينية، إلى طمأنة المسؤولين التنفيذيين والمستثمرين العالميين وبنوك وول ستريت الكبرى والمجموعات المالية الصينية بأن سيل اللوائح والإجراءات العقابية لا يهدف إلى الإضرار بالشركات في الصناعات الأخرى. إذ يخشى المستثمرون من حملة تنظيمية أوسع على باقي شركات التكنولوجيا الصينية المدرجة في الخارج.
تهدف حملة الصين الصارمة جزئيًا إلى إظهار سيطرة الدولة على الاقتصاد، على عكس اللوائح الأمريكية والأوروبية التي تهدف عمومًا إلى حماية المستهلكين أو ضمان عمل الأسواق بشكل أفضل