الريادة في الأعمال من الصناعة للمجتمع (42) _كيف نتخلص من التجمد؟

  • كنت أظن.بقلم د/ احمد الحفناوى

     

    واقع الحال أننا نعاني من التجمد في مجتمع ديناميكي. وأصل التجمد هو التجمد الفكري. واقع الحال أن التجمد الفكري أمر يمكن التخلص منه فلدينا حواس ولدينا مخ وهبه الله لنا يجدد توصيلاته كل ثانية وبشكل مستمر طوال حياتنا.

    لقد عملت في هذا القطاع ما يزيد عن 36 سنة سواء كأكاديمي أو قطاع خاص أو حكومي أو منظمات دولية أو مجتمع مدني ولم يغيب عن ذهنى طوال هذه السنوات ما هي نقطة البداية لنهضة شاملة للمجتمع المصري؟ هل نقطة البداية هي التكنولوجيا أم الإدارة أم الثقافة أم التعليم أم ماذا؟  ما الذي نفتقده حقيقة ويؤثر في قدراتنا وأدائنا؟

     ما نفتقده هو "المنظومة" أو ما نطلق عليه بالإنجليزية The System وتعاملنا مع المنظومة أنها فرد (رئيس المنظومة). وهذا مخالف للواقع.  إن غياب المنظومة هو أساس تخلفنا عن العصر وبناء المنظومة أمر يساعد في تحقيقه تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات. التكنولوجيا هي أداة يمكن أن تساعد في تحقيق نقلة نوعية لكافة أعمالنا لو تبنينا العمل المنظومى والفكر المنظومى والأداء المنظومى. فما هي المنظومة؟

    المنظومة باختصار شديد هي مجموعة من العناصر التي تتواصل وتتفاعل لتحقيق هدف محدد بناء على قواعد معينة. هذا العلم والذي شرفت بأن أتعلم هندسته أو ما يسمى هندسة المنظومات Systems Engineering هو أساس العمل في هذا العصر. عصر المعرفة وكثيرا ما نسمع عن اقتصاد المعرفة أو مجتمع المعرفة حيث تشكل المعرفة أساس هذا المجتمع وتشكل القيمة الأكبر مقارنة بالمواد أو الطاقة.

    هذه النقلة النوعية والتي تعتمد على بناء منظومة تبدأ بأن ندرك أن دور الفرد في تحقيق أي أهداف ينحصر في قدرته على المشاركة في تحليل أو تصميم أو إدارة أو تشغيل أو صيانة المنظومة.  وقد يكون الهدف أو هو تطوير منظومة قائمة أو بناء منظومة جديدة. إذن بدون عمل منظومي فلن يكون لك تأثير. فهل هناك وظيفة في أي مؤسسة عصرية تقوم بهذا العمل؟. طبقا لعلمي فإن الأقرب لهذا العمل هو ما يسمى Organization Development أو التطوير المؤسسي. وهناك أطر عديدة لها منها Enterprise Architecture -المعمارية المؤسسية وأشهر منهجياتها TOGAF، وBusiness Process Management   - إدارة عمليات الأعمال. وأشهر منهجياتها Process Classification Framework (PCF).  وأخيرا نماذج النضج Maturity Models  وأشهرها لقياس نضج المؤسسة معلوماتيا COBIT   وهو النموذج الذي يحدد الحوكمة وإدارة نظم المعلومات مؤسسيا. تتكامل هذه الأطر الثلاث مع غيرها من المنهجيات لكي تحدد العمل المنظومى ولنتذكر الدور الرئيسي.

    كل هذه الأطر والمنهجيات لن يتاح استخدامها عمليا بدون استخدام تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات التي تسمح بتحقيق الوظائف الخمس لهذه التكنولوجيا وهي جمع البيانات ونقلها ومعالجتها وتخزينها وعرضها.   إن "البيانات" هي الأساس التي تتعامل معه هذه التكنولوجيا لتوفير المعلومات كأساس لصنع القرار.  سأستعرض في مقالاتي القادمة كيف نبدأ في بناء المنظومة وكيف نستخدم تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات في هذا الإطار فهي التي تشكل الجهاز العصبي للمنظومة.  سيشكل التفكير المنظومى ٍSystem Thinking حجر الزاوية لهذا العمل ونأمل في أن نقوم خلال ما لا يزيد عن سنة أن نشكل سويا الأساس للعمل المنظومى.  فالعقل البشري إذا أكتسب المعرفة يمكنه أن يحقق "المعجزات" ولنتذكر معا أن كلمة السر هي "المنظومة".  والمنظومة تبدأ من خلال استشراف المستقبل فالمنظومة ستتعامل مع المستقبل والنظرة للماضي والعيش فيه هو سبب التجمد.

    د. أحمد الحفناوى

    Dr.elhefnawy@gmail.com



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن