الحرب السيبرانية العالمية حتى عام 2050 : موقع مصر والعالم العربى في هذا الصراع؟

  •  

     

    بقلم : د. عـادل اللقـانى

    خبير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات

    alakany@gmail.com

     

    "في عالمنا اليوم أصبحت التكنولوجيا الرقمية جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية . نستخدم الإنترنت في العمل، التعليم، التواصل، وحتى في تشغيل البنية التحتية الحيوية مثل الكهرباء والماء والمواصلات. ومع هذا الاعتماد الكبير تظهر خطورة جديدة وغير مرئية، هي «الحرب السيبرانية». هذه الحرب لا تشبه الحروب التقليدية التي نعرفها، فهي تجري في عالم رقمي حيث يستطيع مختصو الاختراق أن يسببوا أضرارًا كبيرة للدول من خلال ضرب شبكات الحاسوب والأنظمة الإلكترونية، دون أن يطلقوا رصاصة واحدة.لهذا أصبح من المهم جدًا أن نفهم كيف ستتطور هذه الحروب في المستقبل القريب وحتى عام 2050، وما هو موقع العالم العربى فى هذه الحرب ؟ ، وماهو الدور الذي يمكن أن تلعبه مصر في هذا المجال المهم والحساس لمواجهة هذه الاخطار "

     

    ما هي الحرب السيبرانية ؟

    الحرب السيبرانية هي نوع جديد من الصراعات التي تدور في العالم الرقمي وليس على الأرض أو في السماء كما في الحروب التقليدية. هي استخدام تقنيات الحاسوب والإنترنت لشن هجمات إلكترونية تهدف إلى إلحاق الضرر بالدول أو المنظمات أو حتى الأفراد  .في هذه الحرب يستخدم المهاجمون برامج خبيثة (فيروسات، برمجيات تجسس، ديدان إلكترونية)، وهجمات تعطيل الخدمات (مثل تعطيل المواقع الإلكترونية أو الشبكات)، واختراق البيانات الحساسة، بهدف تعطيل البنية التحتية الحيوية مثل شبكات الكهرباء، المواصلات، الاتصالات، أو سرقة معلومات أمنية واقتصادية مهمة.

    يمكن للحرب السيبرانية أن تكون خفية وصامتة، إذ لا تحتاج إلى إطلاق نار أو جنود في ساحات القتال، لكنها قد تؤدي إلى أضرار مادية هائلة، فقد تتسبب في انقطاعات كهربائية واسعة النطاق، تعطل المصانع، تعطل حركة النقل، أو حتى تؤدي إلى خسائر اقتصادية فادحة وتوترات سياسية. وهي حرب في الفضاء الرقمي حيث يتنافس فيها الدول والتكتلات والقوى المختلفة للسيطرة على الأنظمة المعلوماتية، أو لتقويض قوة خصومهم دون الدخول في نزاع عسكري مباشر.

    سيناريوهات الحرب السيبرانية المحتملة حتى عام 2050

    هناك توقعات مستقبلية يمكن أن تتشكل وتحدث تغيرات جذرية في طبيعة الحرب السيبرانية نستطيع ان نلخصها فى النقاط التالية :

    الهجمات السيبرانية متعددة الأوجه المتزامنة في المستقبل : قد نرى هجمات متزامنة تستهدف عدة قطاعات حيوية في دولة واحدة، مثل الطاقة والمواصلات والصحة والاتصالات، مما يؤدي إلى شلل شبه كامل للدولة المستهدفة.وقد رأينا بداية هذا النوع من الهجمات في عام 2015، عندما تعرضت أوكرانيا لهجوم سيبراني على شبكة الكهرباء، مما تسبب في انقطاع التيار الكهربائي عن مئات الآلاف لفترة. رغم أن الهجوم كان محدودًا جغرافيً إلا أنه أكد قدرة المهاجمين على تعطيل البنى التحتية الحيوية. في المستقبل يمكن أن تكون الهجمات أكثر تعقيدًا وتزامنًا عبر قطاعات متعددة ما يصعب السيطرة عليه ويزيد من الخسائر.

    استغلال تقنيات الذكاء الاصطناعي في شن الهجمات : سيصبح الذكاء الاصطناعي أداة رئيسية في شن الهجمات السيبرانية، مع فيروسات وبرمجيات خبيثة قادرة على التعلم الذاتي والتكيف مع أنظمة الحماية، مما يجعلها أكثر فعالية وصعوبة في الاكتشاف. حتى الآن شهدنا نوعًا من هذا التطور مع فيروس Stuxnet عام 2010 الذي كان أول فيروس يستهدف نظامًا صناعيًا بشكل دقيق، مستهدفًا برنامج إيران النووي، وتميز بتقنيات متقدمة في التخفي والتصرف الذكي.المستقبل قد يشهد تطورًا لهذه البرمجيات الخبيثة، بحيث تصبح فيروسات ذكية للغاية تتحرك عبر الشبكات بسرعة فائقة وتتكيف مع الدفاعات الأمنية،مما يجعل التصدي لها معقدًا للغاية.

    الحرب السيبرانية عبر الأقمار الصناعية والفضاء الإلكتروني : مع التوسع الهائل في استخدام الأقمار الصناعية للاتصالات، الملاحة والمراقبة، تصبح هذه الأصول هدفًا رئيسيًا للهجمات السيبرانية . في عام 2007  أجرت الصين اختبارًا لصاروخ قادر على تدمير الأقمار الصناعية، مما دفع إلى زيادة القلق الدولي بشأن الأمن الفضائي. وفي السنوات الأخيرة تم رصد هجمات سيبرانية تستهدف الأقمار الصناعية التجارية والعسكرية، رغم عدم الإفصاح الرسمي عن تفاصيلها. وفي المستقبل، قد تشهد الحروب السيبرانية استهداف الأقمار الصناعية لتعطيل الاتصالات العالمية والملاحة البحرية والجوية، ما يرفع مستوى النزاعات إلى أبعاد جديدة تشمل الفضاء الخارجي.

    استخدام الهجمات السيبرانية كوسيلة للضغط السياسي أو الاقتصادي : قد تستخدم الدول الهجمات السيبرانية كأداة للضغط الاقتصادي والسياسي، من خلال استهداف البنوك، الشركات الكبرى، أو حتى البنية التحتية الاقتصادية دون اللجوء للحرب التقليدية. في 2017 ضرب هجوم فيروس الفدية «وانا كراي» أكثر من 150 دولة، متسببًا في خسائر مالية كبيرة وتعطيل خدمات حيوية في المستشفيات والشركات حول العالم. هذا الهجوم أبرز قدرة الهجمات السيبرانية على إحداث اضطرابات اقتصادية كبرى بدون إعلان حرب تقليدية.أيضًا، شهد العالم هجمات إلكترونية استهدفت البنوك والمؤسسات المالية بهدف الابتزاز أو تعطيل الخدمات، ما يؤكد أهمية الاستعداد لهذه الهجمات التي قد تكون جزءًا من حرب اقتصادية غير معلنة.

     

    الحروب السيبرانية تهدد مستقبل القطاعات الحيوية

    في خضم التحولات التكنولوجية المتسارعة، يبدو أن العالم لا يتجه فقط نحو أتمتة أكبر وذكاء صناعي أكثر تطورًا، بل يسير أيضًا بخطى ثابتة نحو مستقبل تصبح فيه الحروب السيبرانية أحد الأعمدة الرئيسية لصراعات الدول وتوازناتها. وبينما لا تُسمع في هذه الحروب أصوات المدافع، فإن آثارها الاقتصادية قد تكون أكثر تدميرًا من القنابل، إذ تمتد تداعياتها لتعيد رسم ملامح الاقتصاد العالمي من الجذور حتى القمم. فمن الآن وحتى عام 2050 يُتوقع أن تتصاعد الهجمات السيبرانية في الكم والتعقيد، مستهدفة القطاعات الاقتصادية الحيوية مثل الطاقة، البنوك، التكنولوجيا، الرعاية الصحية، وسلاسل الإمداد العالمية. ولعل أبرز ما يميز هذه المرحلة هو تلاشي الخطوط التقليدية الفاصلة بين الحرب والسلام، إذ تستطيع مجموعة قراصنة مدعومة من دولة أو جهة غير رسمية أن تشل اقتصاد بلد بأكمله دون طلقة واحدة.

    قطاع الطاقة سيكون في مرمى النيران السيبرانية :من خلال تخريب محطات الطاقة النووية أو شل شبكات الكهرباء الذكية يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات هائلة في الإنتاج الصناعي والخدمات، وانهيارات مؤقتة في الأسواق، بل وقد يدفع دولًا بكاملها إلى حافة الركود. ولا يغيب عن الأذهان الهجوم السيبراني الذي تعرضت له أوكرانيا عام 2015، عندما تسببت برمجيات خبيثة في قطع الكهرباء عن مئات الآلاف من المواطنين، وهو ما قد يتكرر في المستقبل على نطاق أوسع.

    القطاع المالي على موعد مع تهديدات غير مسبوقة: من خلال التلاعب بأسواق الأسهم إلى سرقة بيانات ملايين العملاء تتوسع قدرات الفاعلين السيبرانيين لتشمل هندسة مالية خبيثة قد تؤدي إلى زعزعة ثقة المستثمرين وتدفق رؤوس الأموال. وهنا لا يتعلق الأمر فقط بالخسائر المباشرة بل بانعدام الثقة في النظام المالي العالمي، وهو ما يشكل خطرًا بنيويًا على استقرار الاقتصاد العالمي.

     مجال التكنولوجيا سيكون السباق محتدمًا بين الهجوم والدفاع : كلما زادت ارتباطات الأجهزة والأنظمة عبر الإنترنت (IoT)، زادت مساحة الهجوم المحتملة، فالشركات الكبرى ستكون هدفًا دائمًا إما لسرقة الملكية الفكرية أو لشل أنظمتها الإنتاجية أو لاستخدامها كقنوات لهجمات أوسع. ونتيجة لذلك ستتزايد الاستثمارات في الأمن السيبراني بشكل هائل، ومن المتوقع أن يتحول إلى أحد أكبر القطاعات نموًا بحلول منتصف القرن.

    الرعاية الصحية ليست بمنأى عن هذا المشهد : التهديدات السيبرانية للأنظمة الصحية قد تُفضي إلى نتائج كارثية، مثل تعطيل الأجهزة الحيوية في المستشفيات أو التلاعب ببيانات المرضى. هجمات كهذه قد لا تؤدي فقط إلى خسائر مادية، بل قد تُكلّف أرواحًا بشرية، ما يجعل هذا النوع من الحروب أكثر فتكًا وتهديدًا للثقة المجتمعية والمؤسساتية.

     التجارة الالكترونية وسلاسل الإمداد العالمية في قلب العاصفة : الاعتماد المفرط على الأنظمة الرقمية والتوريد الآلي يجعلها عرضة لهجمات تُعطّل التجارة الدولية وتُربك حركة السلع والخدمات. قد يعني ذلك انقطاعًا طويلًا في إمدادات الغذاء أو الأدوية أو الشرائح الإلكترونية، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وتضخم عالمي جديد.

    في هذا السياق، تتحول الدول والشركات إلى ما يشبه "حالة الحرب الباردة الرقمية"، حيث تتنافس لا فقط على الابتكار، بل على الحماية والاستباق. ستظهر تحالفات إلكترونية دولية، وستُوضع بروتوكولات رقمية أشبه باتفاقيات جنيف السيبرانية، لحماية البنى التحتية ومنع الانزلاق إلى حروب مفتوحة على الشبكات.

    في المحصلة، فإن الحروب السيبرانية حتى عام 2050 ليست مجرد تهديدات تقنية، بل عوامل استراتيجية ستعيد تشكيل خريطة القوة والنفوذ في الاقتصاد العالمي. العالم مقبل على عصر جديد لا تُقاس فيه القوة فقط بعدد الدبابات أو براميل النفط، بل بعدد المبرمجين، قوة الخوارزميات، ومتانة الجدران السيبرانية.

                                                                          

    خطورة الحرب السيبرانية على القطاعات الحيوية بالدول العربية حتى عام 2050

    وتواجه المنطقة العربية تحديات خطيرة في مجال الأمن السيبراني. ضعف البنية التحتية الرقمية يجعل العديد من الدول عرضة لهجمات قد تستهدف شبكات الاتصالات، البنوك، وأنظمة الطاقة والمياه وهذه امثلة لبعض هذه التهديدات .

    القطاع الحكومي: اختراق أنظمة المؤسسات الحكومية يمكن أن يؤدي إلى فقدان السيطرة على المعلومات الأمنية والإدارية، ما قد يسبب فوضى إدارية ويضعف قدرة الدولة على اتخاذ قرارات فعالة في أوقات الأزمات.

    الطاقة والمرافق: هجوم على الشبكات الكهربائية أو محطات المياه قد يتسبب في انقطاعات واسعة النطاق تمتد لأيام أو أسابيع، وهو ما سيؤثر مباشرة على حياة ملايين المواطنين، ويعطل الإنتاج الصناعي والزراعي.

    القطاع المالي: هجمات الفدية والسرقة الإلكترونية قد تسبب أزمات مالية خانقة، وتفقد المستثمرين والمواطنين الثقة في النظام المصرفي، مما ينعكس سلبًا على الاقتصاد الوطني بشكل عام.

    الاتصالات: تعطيل شبكات الاتصالات يقطع روابط التواصل، خصوصًا في الأوقات الحرجة مثل الكوارث أو الحروب، مما يزيد من الفوضى ويعرقل جهود الطوارئ.

    الصحة: توقف أنظمة المستشفيات وبيانات المرضى يعرض حياة المرضى للخطر، ويؤدي إلى فقدان الثقة في الخدمات الطبية.

    الصناعة والتجارة: تعطل الإنتاج والخدمات يؤدي إلى خسائر اقتصادية ضخمة، ويزيد من معدلات البطالة، ما قد يثير اضطرابات اجتماعية.

     

    وهنا يجب ان نشير الى ان العديد من المؤسسات الحكومية والخاصة  تفتقر إلى أنظمة حماية متقدمة أولا تقوم بتحديثات أمنية مستمرة كما يمثل نقص الكوادر المتخصصة تحديًا كبيرًا. ورغم بعض الجهود التدريبية إلا أن عدد الخبراء في الأمن السيبراني لا يزال قليلًا مقارنة بالحاجة المتزايدة مما يترك ثغرات تستغلها الجهات المهاجمة. وهناك التشريعات الوطنية في الكثير من الدول العربية لا تزال غير مكتملة، ويوجد ضعف واضح في التنسيق الإقليمي مما يصعب التصدي للهجمات بشكل موحد وفعّال. بالإضافة إلى ذلك ضعف الوعي الرقمي في المجتمعات يجعل الأفراد والمؤسسات عرضة لعمليات الاحتيال والهجمات الإلكترونية. ورغم هذه التحديات بدأت بعض الدول العربية مثل الإمارات، السعودية، والمغرب، في وضع استراتيجيات وطنية للأمن السيبراني، وإنشاء مراكز مختصة، وتحديث القوانين، وتنظيم برامج تدريبية مكثفة. كما ظهرت محاولات للتعاون الإقليمي عبر منتديات ومنظمات تهدف لتبادل المعلومات وتعزيز القدرات الدفاعية. ومع ذلك يبقى هناك حاجة ملحة لتوحيد الجهود، وزيادة الاستثمارات في البنية التحتية الرقمية، وتطوير الموارد البشرية، ورفع الوعي الرقمي، حتى تستطيع الدول العربية مواجهة المخاطر والتحديات القادمة في عالم يتغير بسرعة نحو رقمنة أكبر وصراعات إلكترونية أعنف.

     

    تاثير الحروب السيبرانية على مصر

    مصر لها موقع استراتيجي مهم جدًا في العالم. فهي تقع على طريق قناة السويس التي تعتبر ممرًا رئيسيًا للشحن البحري العالمي. بالإضافة إلى اقتصادها المتنامي واعتمادها المتزايد على التكنولوجيا الرقمية كل هذا يجعلها هدفًا محتملاً للهجمات السيبرانية.

    تخيل، على سبيل المثال  أنه في عام 2043 تتعرض مصر لهجوم سيبراني معقد وتبدأ الهجمات بتعطيل الملاحة في قناة السويس لعدة أيام، مما يؤدي إلى توقف حركة التجارة البحرية العالمية. في نفس الوقت تُخترق شبكات الكهرباء فتحدث انقطاعات متكررة في العديد من المحافظات الكبرى. كما يتم سرقة معلومات حساسة من مؤسسات أمنية مما يخلق حالة من القلق وعدم الاستقرار. ويتم كذلك تعطيل نظام تسجيل الشركات والاستثمارات مما يضر بالاقتصاد ويقلل من ثقة المستثمرين.هذا السيناريو رغم أنه يبدو مستقبليًا وفرضيا إلا أنه يعكس التحديات الحقيقية التي تواجهها مصر إذا لم تستعد بشكل جيد

                                                 مصر والحروب السيبرانية  : التحديات والإجراءات المطلوبة

    من أبرز التحديات التي تواجه مصر في مجال الحروب السيبرانية وأهمها:

    الاعتماد على تقنيات وبرمجيات أجنبية: معظم أنظمة البنية التحتية تعتمد على برمجيات خارجية، مما قد يفتح ثغرات للهجمات.

    نقص الكوادر المدربة: الحاجة إلى المزيد من الخبراء والمهندسين المتخصصين في الأمن السيبراني.

    غياب إطار وطني شامل للأمن السيبراني: لا تزال المؤسسات تعمل بشكل منفصل دون وجود قيادة مركزية موحدة.

    قلة الوعي العام بأهمية الأمن السيبراني: ضعف الثقافة الرقمية يزيد من مخاطر الهجمات.

    ولمواجهة هذه التحديات، لا بد أن تتحرك الدولة على عدة محاور:

     أولاً : تعزيز البنية التحتية الرقمية وتأمينها من خلال تحديث الأنظمة الإلكترونية المستخدمة في مؤسسات الدولة، وتطبيق أعلى معايير الأمان الإلكتروني. كما يجب وضع تشريعات أكثر صرامة لمكافحة الجرائم السيبرانية، مع مراجعة وتحديث القوانين القائمة بما يتواكب مع التطورات العالمية في هذا المجال.

    ثانياً : الاستثمار في الكوادر البشرية يُعد عنصراً حاسماً، وذلك عبر تدريب وتأهيل جيل جديد من المتخصصين في أمن المعلومات، وتوفير برامج دراسية متخصصة في الجامعات والمعاهد، فضلاً عن دعم البحث العلمي في مجالات الأمن السيبراني.

    ثالثاً : ضرورة إقامة شراكات استراتيجية مع الدول الرائدة في هذا المجال، وتبادل الخبرات والتقنيات، بالإضافة إلى التعاون مع القطاع الخاص الذي يُعد شريكاً رئيسياً في منظومة الدفاع السيبراني، لما يمتلكه من أدوات وخبرات متقدمة.

    أخيراً: رفع الوعي المجتمعي بمخاطر الحروب السيبرانية، وتثقيف المواطنين حول سُبل حماية بياناتهم الشخصية، وتجنب الوقوع في فخ المعلومات الزائفة أو الاختراقات الإلكترونية، يُعد من الإجراءات الضرورية لتحصين المجتمع من الداخل.

    إن الحروب السيبرانية تمثل تحدياً وجودياً في العصر الحديث، والتعامل معها لا يقل أهمية عن مواجهة التهديدات الأمنية التقليدية. ومصر، بما تمتلكه من إمكانات بشرية وعقول شابة، قادرة على بناء منظومة أمن سيبراني متطورة، بشرط توافر الإرادة السياسية، والدعم المؤسسي، والتكامل بين أطراف الدولة كافة.

     

    "لم تعد الحرب السيبرانية تهديدًا مستقبليًا بعيد الأفق، بل أصبحت واقعًا يوميًّا يتسارع مع كل تطور تكنولوجي. فحتى عام 2050، تشير السيناريوهات إلى تحولات كبرى قد تمس بعمق البنى التحتية الحيوية حول العالم، من الاقتصاد إلى الطاقة والصحة والتعليم. في مصر والعالم العربي، نواجه لحظة فارقة: إما أن نغتنم الفرصة لبناء قدرات رقمية متينة وتحصين أمننا السيبراني، أو نترك أنفسنا عرضة لهجمات قد تشل مؤسساتنا، وتعطل حياة مواطنينا، وتهدد مستقبل أجيالنا.التحرك اليوم ليس رفاهية بل ضرورة وطنية. فبالاستثمار في التكنولوجيا، وتدريب الكوادر، وتفعيل الشراكات الدولية، يمكننا أن نحول هذا التحدي إلى فرصة استراتيجية، ونرسم لأنفسنا موقعًا فاعلًا ومؤثرًا في خريطة الأمن السيبراني العالمي" .

    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن