المستقبل .. وحوافز الطاقة الخضراء

  • بقلم : عدنان مرحبا

     شريك أول ومدير قسم الطاقة ومرافق الخدمات في آرثر دي ليتل، الشرق الأوسط

     

     

    نجح قطاع الطاقة الخضراء فى جذب استثمارات  تزيد على تريليون دولار خلال العام الماضي، في وقت يحتدم فيه سباق التنافس العالمي يومًا بعد آخر. على المستوى الوطني، تمتلك كل دولة من دول مجلس التعاون الخليجي مؤهلات اقتصادية وطبيعية تمكنها من تحقيق مكاسب مهمة في قطاع الطاقة النظيفة، ولكن، يبقى تبني نهج موحد لتكامل الجهود وتوحيد الرؤى هو الكفيل بإعطاء الخليج العربي مكانة رائدة عالميا في ظل تزايد الحوافز التي خصصتها الاقتصادات العالمية الكبرى لقطاع الطاقة النظيفة.

    لطالما تصدّرت الحاجة إلى التحوّل نحو طاقة نظيفة وصدقة للبيئة   أولويات وجداول أعمال الحكومات والشركات على حدٍ سواء. واليوم، وبعد أن كثر الحديث في هذه المسألة، فقد بدأت عملية التحوّل هذه تسير على قدم وساق بالفعل، وانطلق السباق نحو كسب الأسبقية في قطاع الطاقة الخضراء، الذي نجح في جذب استثمارات تقدر بـ 1.1 تريليون دولار خلال العام الماضي. تحتل الصين الريادة في هذا السباق، وحيدة بلا منازع، برصيد استثمارات يصل إلى أقل بقليل من القيمة المذكورة آنفًا؛ ولكن، في المقابل، بدأ قطاع الطاقة الخضراء بالنمو يومًا بعد آخر وزادت جاذبيته على المستوى العالمي.

    في عام 2021، بلغت القيمة السوقية لقطاع الطاقة المتجددة ما يزيد على 856 مليار دولار، فيما نمت إلى نحو تريليون دولار هذا العام، وتُشير التوقعات إلى أن هذا الرقم سيتضاعف بحلول العام 2030. بموازاة ذلك، تُبيّن التقديرات أن قيمة القطاعات التي سوف تسهم في تحوّل العالم إلى صافي انبعاثات صفرية قد تصل إلى 10.3 تريليون دولار بحلول العام 2050، وفقًا لبيانات الوكالة الدولية للطاقة.

    منطقة الخليج العربي

    هنا، عند مفترق الطرق بين التعاون والتنافس، تصبح مسألة الطاقة الخضراء مثيرة للاهتمام بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي. كيف لا، وهي المنطقة التي لطالما كانت محورًا أساسيًا في عجلة الطاقة لمدة تزيد على قرن من الزمن. وبينما تُشير الاحتمالات إلى تناقص الطلب على الهيدروكربونات في المستقبل، إلا أن التوقعات تشير إلى أن وضعية الطاقة في المنطقة سوف تستمر على النسق ذاته. وفي هذا الجانب، تتبع الدول، انطلاقًا من المملكة العربية السعودية وصولًا إلى سلطنة عُمان، خططًا طموحة للتنويع الاقتصادي، وتمتلك أسبقية نسبية عندما يتعلق الأمر بتحّول الطاقة: فلا توجد بقعة على سطح الأرض حيث تكون الشمس أكثر سطوعًا أو تبقى في السماء لمدة أطول من منطقة الخليج العربي ما يتيح للدول إنتاج أرخص طاقة شمسية في العالم.

    وبطبيعة الحال، بدأت دول مجلس التعاون الخليجي بتحقيق أهدافها على صعيد الطاقة الشمسية لبضع سنوات؛ ففي يونيو 2016، فازت هيئة كهرباء ومياه دبي بمناقصة لبناء محطة للطاقة الشمسية الكهروضوئية بقدرة 800 ميجاواط، لتسجّل رقمًا قياسيًا عالميًا قدره 2.99 سنتًا لكل كيلوواط/ساعة.

    ومنذ ذلك الحين، حققت المنطقة أرقامًا قياسية جديدة على مستوى أقل العطاءات لبناء محطات الطاقة الشمسية. وتتمتع المنطقة أيضًا بأسبقية أخرى، فالعديد من المكونات المطلوبة لإنتاج الطاقة النظيفة هي مكونات كثيفة الاستهلاك للطاقة بطبيعتها، لكنّ التكلفة المنخفضة للطاقة في المنطقة تمنح دول مجلس التعاون الخليجي ميّزة تنافسية إضافية.

    وبالتالي، فإنّ التحوّل إلى الطاقة النظيفة والخضراء يجري عالميا على قدم وساق، وتمتلك دول مجلس التعاون الخليجي فرصة كبرى لتحقيق إنجازات فريدة في هذا القطاع. وبفضل الثروات التي تنعم بها على صعيد الموارد الطبيعية والمالية والفنية؛ فإن المهمة الماثلة أمامنا تمثل ضمانًا لجاذبية دول المنطقة ككل. فعلى المستوى الوطني، تحظى كل دولة من دول مجلس التعاون الخليجي بفرصة تحقيق مكاسب ضخمة في قطاع إنتاج الطاقة الخضراء، ولكن يبقى السؤال قائمًا، هل ستنجح تلك الدول، على المستوى الجماعي، في جعل قطاع إنتاج الطاقة الخضراء أرخص وأسرع وأكثر كفاءة؟ الإجابة هي نعم، بلا أدنى شك.

     



    حمّل تطبيق Alamrakamy| عالم رقمي الآن